كم عَجب ٍ شاهدته ُ -ألمهندس / جمال الطائي - ألسويد

Fri, 16 Sep 2011 الساعة : 18:29

قبل قرن من الزمان كتب شاعر ألنجف الكبير ( محمد صالح بحر العلوم ) قصيدة يتعجب فيها مما آلت إليه الأمور آنذاك ، يقول في مطلعها :
كم عَجب ٍ شاهدته ُ ********* و ملءُ وضعنا عَجب ْ !!
قطعا ً لم أكن قد وُلدتُ بعد في تلك الأيام الجميلة لأعرف ما هذه العجائب ألتي أثارت حيرة وغَضَب َشاعرنا ،يا تُرى هل كان العراق آنذاك أكثر تمزقا ً وتشظيا ً وانقساما ً عما هو اليوم ، هل كان العراقيون يقتلون في الشوارع و تُحز ّ رؤؤسهم ويُرمون في الطب العدلي وثلاجات المستشفيات دون أن يتعرف عليهم أحد ، هل رأى الشاعر في أيامه العراقيين يبحثون في حاويات الازبال عن بقايا طعام ليسدوّا به جوعهم وجوع أطفالهم ،هل كانت في أيامه عوائل تبيع بناتها وعصابات تخصصت بتهريب بناتنا والاتجار بأجسادهن في دول الخليج ،شاعرنا الذي كان يهاجم الحكومة والبرلمان في قصائده هل كانت موارد حكومته كموارد حكومتنا اليوم ؟ ( أبو ناظم ) هل يدري كم هي رواتب وزراءنا ونوابنا وحماياتهم .. يا ترى ماذا سيكتب لو شاهد قصورهم وفللهم وسياراتهم المصفحة ؟
هل عطش يوما ً و أراد ماء ً يشربه فلم يجد في ( بلاد الرافدين ) سوى قناني المياه السعودية والإماراتية والإيرانية والكويتية !! ،هل ذ ُبح َ على أيامه / 22 عراقيا ً في طريق عودتهم لمنازلهم بعد زيارتهم لمقام السيدة زينب (ع ) في سوريا وكان برلمانهم أيام زمان منشغل في إصدار عفو عام عن القتلة والمجرمين والذباحين وهاتكي الأعراض ليعيدهم إلى شوارعنا كي تعود أيام الذبح والخطف والمساومات ؟؟
ما ألذي أثار حفيظة الشاعر ليكتب هذه القصيدة ، هل سمع مثلا ً إن ( عيدية ) رئيس البرلمان وكل نائب من نوابه التي يقبضها في كل عيد تساوي راتب موظف جامعي طوال خدمته الوظيفية !! ، هل أغضبه حينها أن يكون العراق ( كل العراق ) حصة بضعة أشخاص يتقاسموه بينهم كما تُقسّم المسروقات بين قطاع الطرق .
هل رأى في أيامه ( وهو ابن النجف الاشرف ) المعممين ( من جميع الطوائف ) وقد أصبحوا تجارا ًو أكلوا حتى أموال الأيتام ؟ ما ألذي أثار هلعه يا ترى ليكتب قصيدته
هل عرف إن سدس ارض بلده ومياهه قد ( بلعتها ) دول الجوار ونحن في غيبوبتنا نائمين ، ماذا سيكتب إذا ً لو عرف إن أكثر من ألفي دبابة من دبابات جيش العراق ( سطا ) عليها ( أخوتنا ) في ( الإقليم ) ولم يجرؤا على تحريك واحدة منها إلى حدود ( اقليمهم) الذي تقصفه إيران وتركيا ليل نهار ، بل و لم يجرؤا أن يبعثوا واحدا ً من حرسهم إلى تلك الحدود ، حرسهم الذي يستقطعون رواتبه من ميزانية جيشنا ويرسلونه إلى مدننا وبلداتنا ليظهروا عضلاتهم على أبناء بلدهم ،فماذا كان سيقول الشاعر يا ترى؟
لن أخفي على أحد إنني حاولت جاهدا ً أن أتخيل حال أجدادنا في العراق قبل قرن من الزمان ، ولكنني مع كل الخزين الذي احمله من قراءاتي السابقة وما كنت أسمعه من كبار السن أجد من المستحيل أن أقارن بين هذين الزمنين ، هذا هو زمن السوء زمن القتلة والمرتشين والسرّاق والمتاجرين بالدين و ألمدّعين ، هذا زمن النصابين بامتياز ،هذا زمن العاهرين والعاهرات من أشباه السياسيين من عملاء لدول وأجهزة مخابرات دولية ، فماذا سيكتب بحر العلوم لو عاش بين ظهرانينا اليوم ؟
يقول / بحر العلوم ( رحمه الله ) :

كم عَجب ٍ شاهدته ******** وملء ُ وضعنا عجَب !!
توزن ظلما ً بَعرة ُ ******** الكبش ِ بميزان الذهب ؟

وكم ( بعرة كبش ٍ ) صارت تحكم و تتحكم بأرواحنا و أموالنا ، و إنا لله وإنا إليه راجعون !!!!

 

Share |