شهداؤنا وجرحانا أمانة ومسؤولية/مظفر العوادي
Tue, 13 Jan 2015 الساعة : 10:44

تتسابق كل حكومات الدول المتحضرة وغير المتحضرة للقيام بواجب أداء الدين لمن بذل نفسه أو ضحى في النزاعات المسلحة التي يخوضها , ولعل من أهم أسباب رقي الأمم هو تكريمها لشهدائها وعزة جرحى الحرب هو القيام بمسؤولياتهم وتأهيلهم بالصورة اللائقة المحترمة ,
وبما أن الشهادة يمكن أن تطلق على من يقضى في سبيل قضية يؤمن بها ولا يشترط في هذه القضية أن تكون ممثلة لشرعية ما وانتماء معين بل أن الشهادة يمكن أن تطلق على من قضى في سبيل قضية رأي وإيديولوجية معينة ,
ولعل من النادر أن تجتمع في حرب ما أسباب مشتركة لنيل تلك الصفة كما يحصل الآن في العراق فاليوم الحرب التي يقضي فيها شبابنا وأعزاءنا وكهولنا من المقاتلين الأبطال هي حرب مقدسة بكل المعاني والمقاييس الإنسانية والتاريخية فهي شرعية بالمفهوم الديني والوطني والسياسي العام بل الإنساني والعالمي ,
ولعل تلك الرسالة المفتوحة لكل الغيارى من أبناء بلدي الحبيب هي ليست الأولى أو المتفردة لكنها والغرض منها أن تتحول إلى مطالبة جماهيرية عامة للقيام بالمسؤولية الحقيقية تجاه محاربينا الإبطال وتجاه شهداءنا وتكريمهم بل وتخليدهم وجرحانا وما يحتاجونه من عناية طبية استثنائية وإنسانية وتأهيل نفسي معنوي ومادي لغرض رد بعض الدين الذي لا يمكن أن يوفى لهم بأي شكل من الإشكال ,
وليس المقصود هنا العناية بعد الحوادث والإصابات , إنما تبدأ العناية بالمورد البشري والمقاتل مع أول دخوله ارض المعركة بل وحتى من قبل ذلك وتلك العناية تتمثل بتجهيز كل مقاتل بحقيبة الإسعافات الأولية الميدانية الأساسية وتوفير طواقم طبية خاصة ومتمرسة ومتدربة بإسعافات الميدان وإخلاء الجرحى والضحايا ومجهزة بالمواد الطبية والتجهيزات الخاصة والحديثة وناقلات إسعاف مدرعة والمستشفيات الميدانية الحديثة , مع العلم إنها مواد بسيطة ومتوفرة عالمياً وإقليميا ومع بساطتها إلا أنها تمكن الكثيرين من النجاة وتوفر الكثير من عمليات البتر والخسران للأعضاء الحيوية للمقاتل إن لم تسبب بوفاته على اثر استطباب سيء أو عوق يشل حياته للأبد , وأنا اتسائل عن المساعدات التي تقدمها كل الدولة الصديقة والغريبة والقريبة والبعيدة وبمختلف نواياها لماذا لا تقدم مساعدات طبية ميدانية من النوع الممتاز بدلاً من تقديم الاستشارات والإشراف العسكري الصوري والتي في اغلبها وحقيقتها ما هي إلا مبررات للتواجد الاستخباراتي للدول الغربية التي تدعي ذلك وفرصة للنزول للساحة للتقييم الإستراتيجي للمعركة وتقييم القوى المشاركة في القتال ,
اليوم شهداؤنا يستحقون التكريم والتخليد والقيام بمسؤولية عوائلهم وأبنائهم وتوفير ما يسهم في التقليل من الم فقد الولي والمعيل والراعي منها ,
واليوم جرحانا يعانون الأمرين من إهمال بعضه غير متعمد وأكثره مشبوه خبيث فكيف بالله عليكم أن يتم إخلاء المجروح والمصاب من ارض المعركة بعد فترة طويلة من الزمن قد تستغرق ساعات بلا ضمادات خاصة ولا أمصال ومضادات للالتهابات ليتم بعدها إدخاله لمستشفيات محلية في تلك المناطق الساخنة ومع احترامنا للكوادر الطبية المحلية العاملة في تلك المستشفيات إلا أن خطر الاختراق والانتقام هو السائد في مناطق المواجهات الساخنة وبأقل تقدير يمكن أن يؤدي ذلك إلى إهمال وتسيب متعمد بدلاً من التدخل الطبي الطارئ وأيضاً التأخير في التحويل إلى المستشفيات العامة والمخصصة لجرحى الحرب وما يسببه هذا التأخير من أضرار تبدأ بالالتهابات البسيطة وتنتهي غالباً بالغرغرينا والبتر , مع العلم إن تلك المراكز المخصصة للجرحى هي ردهات تقليدية تفتقر إلى ابسط الأدوية المهمة والأجهزة بل أيضا إلى ابسط الهمة والتفاني من قبل الأطباء والممرضين والكوادر المختلفة وفي اغلبها معتبرين أن بعض العمليات هي بذخ ورفاه لا يستحقه مصاب الحرب , والأساس في الإهمال هي الحكومات المحلية التي تعجز عن تخصيص مستشفيات مستقلة لجرحى القوات المسلحة والحشد الشعبي وسراياه كمستشفيات عسكرية خاصة والتي جل اهتمامها أن تظهر بصور الإعلام وأمام الكاميرات وهي تقدم مشط الشعر والملابس الرياضية وزهور اصطناعية خالية من أي حياة وحياء ورائحة طيبة لمن فقد ساقه أو بترت أطرافه أو اصيب بعوق دائمي وهذا أقوى ما استطاعت أن تقدمه للجرحى متناسين السؤال عن ما قدمه وأثقل كاهل عائلته من أجور نقل ومبالغ باهظة للحصول على بعض الأدوية البسيطة المضادة للالتهابات والتعفن بعد فوات الأوان الحقيقي للإنقاذ ،
لا نطالب بالكثير لهم , فنحن لا نطالب بمؤسسات ترعى أيتامهم أو تعيل عوائلهم أو تهيئ الأجواء لإعادة تأهيل من فقد جزأ من جسده أو بترت احد أطرافه أو اصيب بعوق دائمي وسال دمه طاهراً دفاعا عن الأرض والمقدسات والأعراض ,
فأنتم تمرون بأزمة التقشف وخيبة الاستهتار الاقتصادي والفساد السابق والحالي, لكن جل ما نطلبه أن ترعون هؤلاء الشباب في الله حق رعاية وان لم تستطيعوا فهنالك الكثير من المؤسسات الدينية و المنظمات الإنسانية والوطنية وليست كمثلكم حينما فقدتم هذه الصفات يمكنها أن توفر ما تعجزون عنه.