الأطعمة المعدلة وراثياً و اضرارها الصحية/فؤاد الموسوي

Sun, 11 Jan 2015 الساعة : 1:12

كما يشير اسمها، فإن مصطلح الأغذية المعدلة وراثيا (GMO) يستخدم لوصف العملية التي يتم  فيها تعديل الجينات من النباتات والكائنات الحية الأخرى أو التلاعب بها باستخدام تكنولوجيا الحمض النووي المتقدمة.  وكما تقول الخبيرة بعلم الوراثة و الجينات الدكتورة ديبورة  ويتمان : " يتم تعديل هذه النباتات في المختبر لتعزيز الصفات المرغوبة مثل زيادة المقاومة لمبيدات الأعشاب أو تحسين المحتوى الغذائي". وفي الواقع، هناك عدد من الطرق التي يتم من خلالها تعديل النباتات باستخدام  أساليب و تقنيات  مختلفة . في نباتات المحاصيل، على سبيل المثال، تبدأ هذه العملية مع تحديد سمة جديدة، مثل حجم أكبر أو تسريع  زمن النضوج، أو إن المزارعين  يرغبون في الحصول على  محصول معين . وفقا لدراسة بحثية أجراها   جيفري سميث  عام 2005 ، "فإن عملية ادراج الجينات، على سبيل المثال، تؤدي عادة إلى مئات أو آلاف من الطفرات في جميع أنحاء الجينوم. الإدراج أيضا  يؤدي إلى  تغييرات في  كمية البروتين الذي تنتجه  الجينات الطبيعية و هذا يمكن أن يكون العامل الريئسي في تدمير الجينات الطبيعية تماما ".

هناك العديد من الأمثلة على نبات الذرة المعدل وراثياً  وغيرها من الكائنات التي تم تعديلها وراثيا لأغراض مختلفة من أجل تحقيق نفس النتيجة. على سبيل المثال، تعديل الأطعمة لجعلها أكثر مقاومة  للحشرات و مبيدات الأعشاب  حيث ان هذا  هو الأسلوب الأكثر شهرة الذي  يستخدم من قبل المهندسين المختصين بالجينات الوراثية و ذلك لمكافحة الحشرات والأمراض التي تؤثر على نبات الذرة . المثال ألآخر هو تعديل  النباتات  أو الحيوانات لجعلها تنمو أسرع وأكبر. سمك السلمون الأطلسي، على سبيل المثال،  يتم تعديله وراثياً لكي يحمل جين هرمون النمو من نوع آخر من السمك هو (سمك السلمون من طراز شينوك)،  أو إضافة حمض نووي  من نوع ثالث من السمك   هو (صنبور المحيط) الذي يقوم بدوره  في عملية تبديل و وتسهيل النسخ الهرموني  . علاوة على ذلك، في بعض الأحيان  يقوم المزارعون بغرس أو بث  الفيتامينات في نبات الذرة  لتعزيز فوائدها  الغذائية كما يحدث لعملية التعديل الوراثي للرز  الذهبي.

وغني عن القول فأن الأغذية المعدلة وراثيا (GMO) كانت و لا تزال  مسألة مثيرة للجدل لسنوات عديدة  وزاد هذا الجدل في الآونة الأخيرة نظرا لانتشارها  واستخدامها في العديد من ألأطعمة التي يستهلكها الناس على نطاق واسع كالذرة و الرز و البطاطه و غيرها . ولعل الانتقاد الأكثر شيوعاً  هو تأثيرها على صحة ورفاه البشر. على سبيل المثال، كشفت دراسة بحثية حديثة أجريت على الفئران أن الكائنات المعدلة وراثيا  قد ساهمت بل و ساعدت على تطوير الأورام السرطانية لديهم . ونتيجة لاستهلاك ألأطعمة  المعدلة وراثيا، فان الفئران عانت من  الأورام الثديية، فضلا عن تلف الكبد والكلى الحاد. وقال الباحثون إنه  توفي 50 في المئة من الذكور و 70٪ من الإناث قبل الأوان، مقارنة مع 30 في المئة فقط، و 20 في المئة في مجموعة المراقبة.  وعلاوة على ذلك، فإن استخدام هرمون GE (rBGH) قد يشكل خطرا جديا لصحة الإنسان عندما يستهلك حليباً قد تم حقنه بهذا  الهرمون المسبب لسرطان البروستاتا و الثدي و الرئة .

بعض الدراسات تشير إلى إن الأطعمة المعدلة وراثياً يمكن أن تشكل خطراً كبيراً على الشخاص الذين يعانون من الحساسية .  على سبيل المثال، في دراسة بحثية حديثة، اختبر العلماء البروتين الموجود ف تلك الأطعمة و اكتشفوا بان هناك رد فعل سلبي من قبل الاجسام المضادة  الموجودة في دم الانسان ما يسبب في ظهور نوبات الحساسية .  بالاضافة  الى  ذلك، فإن المعارضين للأطعمة  المعدلة وراثيا يشيرون  بأن بعض انواع الذرة المعدلة وراثياً   قد تشكل خطرا على صحة الإنسان يرجع ذلك إلى حقيقة أنها تحتوي على الجينات الضارة مثل جين VI.  حيث يؤكدون أن الأطعمة  المعدلة وراثيا التي تحتوي على جين VI ينكن أن تكون قاتلة و خير مثال على ذلك هو الذرة المعدلة وراثياً التي أثبت الدراسات الحديثة بانها تسب  الأورام وتلف الجهاز، والموت المبكر في الفئران.

من ناحية أخرى، فإن أنصار الأغذية المعدلة وراثيا يدعون بأنها  آمنة ولن تشكل أي خطر  على صحة الإنسان. ويؤكدون أنه لا يوجد أي دليل علمي لإثبات خلاف ذلك. وهم يجادلون بأنه لم تكن هناك أي مشاكل صحية موثقة مرتبطة بالمحاصيل المعدلة وراثيا وليس هناك دليل على أن التعديل الوراثي يشكل مخاطر أكبر من التهجين  و التطعيم  كما هو الحال في محاصيل العنب الخالي من البذور . و يشيرون   أيضا إلى  إن التعديل الوراثي  غالبا ما كان ناجحا في إنتاج النباتات من خلال  زيادة مقاومتها  للآفات الأمراض، مع الحفاظ على عوائد عالية حيث يستندون في ذلك على  المرض البكتيري الذي أصاب محاصيل التفاح والكمثرى عام 1870 و الذي تمت السيطرة عليه من خلال إستخدام التعديل الوراثي . وعلاوة على ذلك، يقولون أن هناك بعض الفوائد من استخدام Bacillus thuringiensis (بي تي) في بعض المحاصيل لمكافحة بعض الآفات الضارة. وفقا لدراسة أجراها المركز القومي الأميركي لسياسات الأغذية والزراعة، خلص الباحثون إلى أن "التكيف السريع لهذه التكنولوجيا مرتبطة مباشرة إلى فوائد أكبر فعالية في مجال تكنولوجيا مكافحة الآفات  وخفض  تكاليف المزارعين .

بالاضافة إلى ذلك يؤكد أنصار الأطعمة المعدلة وراثيياً  بأن التقدم في مجال علم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية rDNA تجعل من  الممكن تصور سبل تحسين المحتوى الغذائي من العلف الحيواني من خلال توجيه المصانع لإنتاج أطعمة  ذات خصائص أكثر فائدة و أفضل نوعاً . فعلى سبيل المثال، فقد كشفت دراسة بحثية أجرتها وزارة الخارجية الأمريكية (USDA) قسم  خدمة الأبحاث الزراعية  أن الأطعمة  المعدلة وراثيا كالذرة مثلاً  لديها مستويات أقل من مادة  fumonisin المسبة للسرطان حيث وجدوا إن  مستويات هذه المادة هي  أقل مما كان عليه في أصناف الذرة غير المعدل وراثيا .

وغني عن القول، فان الأغذية المعدلة وراثيا تشكل خطرا كبيرا على صحتنا، وبالتالي يجب اجتنابها و عدم إستهلاكها  قدر الإمكان . و كما ذكرنا سابقاً فان الأطعمة المعدلة وراثياً قد تسب أمراضاً خطيرة خاصة مرض السرطان و الحساسية  و غيرها من الأمراض المرتبطة بالجهاز  المناعي . وخير دليل على ذلك  هو فئران المختبر التي أصيبت بأورام السرطان وأمراض أخرى عندما قدمت لها  أغذية معدلة وراثيا. وعلاوة على ذلك، فقد أظهرت الدراسات البحثية الأخيرة رد فعل بعض الأشخاص لهذه الأغذية و اصابتهم بنوبات حساسية خطيرة . وبالتالي، أعتقد أن الحل الأفضل هو التوقف عن شراء الأغذية المعدلة وراثيا و الإعتماد على الأغذية  العضوية والتقليدية.

Share |