مجاملات فيسبوكية/محمد عبد الخضر صلال الحسيناوي

Thu, 8 Jan 2015 الساعة : 23:43

لم يعد مخفيا على الجميع مواقع التواصل الاجتماعي التي هزت عروش لم تستطيع أي قوة فعلية من اقتلاعها وتجمعت الحشود بهمم أبطال من تلك المواقع ,يتصورها البعض (مضيف او ديوان او مقهى)لابد من المجاملات فيه والتغاضي عن الكثير من المنشورات وإعطاء الإعجاب والتعليقات لغرض المجاملات ,والغريب أن بعض تلك المنشورات تعبر عن جهل الناشر وقلة وعي وتسيء للوطن والمواطن والأدهى ان المعلقين هم نخبة من المثقفين وأصحاب مواقع إخبارية وصحف محلية مطبوعة ,.
لقد تناسى المثقفين دورهم في إرشاد وتوجيه الأزمات وأهمها عاصفة الجهل التي تعصف بكل الأمم تلك التي لها حضارة الستة ألاف سنة او تلك التي نشأت قبل سنين ومجاملة الجهل من مثقف تعتبر جريمة بغض النظر عن قيمة ومكانة الجاهل ,ما يميز الإنسان السوي عن المبدع هي إشارات يتحسسها المبدع ويعرف منبعها ومرادها أما الأخر يعتبرها شيئا عاديا ضمن السياقات العامة والمداعبات الخاصة .
للمثقف دور مهم في كل الحياة العامة ومنذ عصور مضت وللجاهلية حصة المثقف كانت توجيهية إرشادية تمجيدية وكيدية تجمعت في سوق عكاظ وتجمعات أخرى هدفها الرئيسي توجيه العامة لمعلومة او فكرة يراد تسليط الأضواء عليها صدورها إما من حاكم او عالم او ربما منتفع يروج لبضاعة ,واستمر الشعر والشعراء المروجين لأفكارهم وتحفيز الآخرين للسير وفق ما يرى الشاعر او المثقف ,
ليس بالضرورة أن يكون الشاعر او القاص او حملة الشهادات العليا باختصاصات معينة هم مثقفون ولا تعني الدراسة الأكاديمية لأساتذة بأنهم مثقفون يجب الإشارة إليهم بأنهم بارعون في تخصصهم ولا ينتمون الى الثقافة العامة مالم يكونوا يبصرون بكل الاختصاصات ولو بشكل بسيط المتتبع للحياة العامة يرى تخبط المفردات في بعض المفاهيم وتجاوز بعضها على التخصص لتجعل من درجة علمية أكاديمية متخصصة بقسم ما تفرض أرائها على بقية الأقسام وهذا يساعد التخلف بإيجاد مرتكز قوي يعتمد عليه لبناء مملكته ,
مرت اغلب الدول بما يمر العراق به الآن من هجمة مبرمجة وممنهجة هدفها تدمير الإنسان العراقي بشكل عام والمسلم بشكل خاص ولكن اغلب البلدان في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نهضت بفضل نزاهة السياسيين وهذه النزاهة أوجدها المثقفون في تلك البلدان بتثقيف الشعوب بعدم قبول السارق والغير نزيه وعدم مجاملة الباطل ولو كان رئيس حكومة ,واستخدم المثقفون كل الوسائل التي تساعد الإنسان العادي بالتحفيز وعدم الرضوخ لأمر الحاكم الظالم ونشر الثقافات الميدانية ونزولهم الى آماكن عمل وبيوت البسطاء من العامة وإنشاء مسارح الشعب او ما سميت بالمسارح المتخفية هدفها إطلاق فكرة او مناقشة أزمة او زرع بذرة يراد نموها ربما معالجة ارتفاع الأسعار في أوربا من بدايات القرن العشرين شارك بمعالجتها مجموعة شباب مثقف بطريقة المسرح المتخفي الذي كان يتجول بالأماكن التي تشتهر بغلائها ويناقش بطريقة ذكية مع الآخرين أسباب ونتائج هذا الغلاء وكيف محاسبة المتسببين بهذا .
أين المثقفين العراقيين من أزماتنا التي عصفت وحطمت كل شيء للأسف اغلبهم يركزون على مجاملات وارضاءات وكسر الخواطر والاختباء خلف كلمات مقززة تعني الاستسلام واللامبالاة , والبعض الأخر حين يقرأ بعض المواضيع المهمة لا يهتم للفكرة ابدآ ويركز على أخطاء إما إملائية او تخص قواعد اللغة مع أهميتها ولكن بهذه المرحلة الفكرة أهم بكثير من استعراضات فارغة .
يجب أن يكون للمثقف العراقي دور بارز ومميز في هذه المرحلة المهمة في حياة العراق والابتعاد عن القاعات المغلقة وتوقيع كتب ملت منها  المكاتب لعدم وجود من يقرأ ,ولينتبهوا بان الإنسان البسيط من المستحيل وجوده بمؤتمراتهم وجلساتهم الشعرية والأدبية وعليهم مسؤولية تاريخية بنزولهم الى الشارع والبيوت وأماكن العمل ويراجع كل كلمة ينطقها او يكتبها كونها تمثله كمثقف وليس كمجامل .
بقلم / محمد عبد الخضر صلال الحسيناوي

Share |