بين ايّام المْزَبَّن وايّام العلس-عقيل الموسوي ـ المانيا

Wed, 14 Sep 2011 الساعة : 23:27

دك راسك بكاع الحبس واصعد مراجف للدف
ايّام المْزَبَّن كضن دكضن يأيام اللف
لا أعتقد ان الشاعر الكبير مظفر النواب كان يقصد لفافات التبغ التي لا زالت تسمى اللف , بل استطيع أن اقطع جازماً أنه استخدمها بشكل مجازي للتعبير عن حالة لفٍ اخرى يتبعها دوران من نوع اخر , تلك هي عمليات اللف التي مارستها الحكومات في تلك الفترة ضد شريحةٍ بعينها , فكان يُلف الشخص حين يُغيّب في السجون والمعتقلات لفترةٍ من الزمن بحجة حماية الوطن والمواطن من الافكار التي يحملها والتي من شأنها ـ حسب رأي الحكومة ـ زعزعة امن الدولة والعبث بالقيم الاجتماعية النبيلة , وقد استبدلت عملية اللف فيما بعد بعملية ( التلفلف ) وفيها يُغيّب الشخص في غياهب ( القُلٌّق ) هذه المرة مع مصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة , أمّا في وقتنا الراهن فقد اضيفت لها عملية جديدة اسمها ( العلس ) وهي عبارة عن ضربات استباقية يمارسها السياسيون ضد الأبرياء في اكثر الحالات وبواسطة ( شبّيحه ) متمترسه ومتمرسة في القتل والترهيب تهدف الى اثبات الوجود أو اقصاء الاخر او الضغط عليه , وفي حالة كشف هذه العمليات فأنه يتم القاء القبض عليهم وايداعهم المعتقلات ذوات النجوم الخمس ليس لتخليص الناس من جرائمهم التي ضجت منها الارض والسموات الطباق والعرش العظيم وانما لغرض حمايتهم من غضب الشعب وغضب الذين اجرموا بحقهم بصورة خاصة , ثم تبدأ المساومات السياسية في الغرف المظلمة وعلى اعلى المستويات لحين التمكن من خلق فرصة لتهريبهم تحت جنح الظلام , بعدها يتم التباكي على وجود ثغرةٍ امنية لم تُغلق لحد الان ولم نسمع عن معاقبة المتسبب فيها , متناسين بطبيعة الحال وجود الثغرات السياسية وأبسطها وقوف فخامة الرئيس بكرشه المتدلي حجر عثرة في طريق العدالة مستخدماً كرسيه الذي بدأ لا يتسع لمؤخرته المتنامية من اموال السحت على حساب الفقراء والمحرومين .
وقد افرد البعض صفحاتٍ كاملةً في قواميس اللغة والسياسة وحتى الفتاوى الفقهية , اسهبوا فيها في شرح معنى العلس والعلاسه والتعليس والمعالسه الطبيعيه والكيمياويه , الى ذلك افتى احد المراجع الأجلاء بجواز لعن العلس والعالس في السياسة فقط , بينما راح مفتٍ اخر ربما هو من وعّاظ السلاطين الى استثناء رئيس الجمهورية من اللعن اذا كان عالساً وانْ شوهد متلبساً بالعلس المشهود , وبذا يمكن لفخامته أن يعلس شعبه عينك عينك بعدم المصادقة على احكام الاعدام الصادرة بحق المجرمين المقربين من بعض الكتل السياسيه دون ان ينال فخامتَه اللعنُ , بينما تسابق صغار المشايخ عبر الاقنية الفضائية ومنابر الجمعة الى شرح سبب هذا الاستثناء بشكل استنباطي غير بعيد عن الفلسفة السياسيةِ حين قالوا أن الدستور قد خوّل الرئيس بالتوقيع ولم يلزمه الزاما , وبذلك فأن عملية التوقيع هذه تدخل برمتها تحت باب الأحتياط الأستحبابي , وتارك العمل في هذا الباب لا يُؤثم ( اطلاقن ) .
شخصياً ادعو الى اضافة مادة جديدة الى المنهج التربوي تحت هذا المسمى يتم تدريسها كمادة اساسية كي يتعرف الجيل القادم على اسس وطرق واساليب انواع العلس ليتمكنوا من فضحها او تجنبها على اقل تقدير ولكي لا يقعوا ضحيتها كما وقعنا نحن , كما ادعو الشعب العراقي والحكومة والبرلمان الى منح فخامة الرئيس شهادة الدكتوراه في هذا المجال , واهدي له هذه الابيات التي اتمنى ان تصل مسامع الشاعر الكبير مظفر النواب وانا على يقين بأنه سوف يباركها
دك راسك بكاع الحبس وحضّر سنينك للعلس
ايّام المْزَبَّن كضن ماشفنه منهن اي نحس
ياويلي من هذا الوكت كل يوم اتعس من امس
جم حوته غصّت بالكمر والدور جاي اعله الشمس
جان الحكم لهل البعث صار الحكم لهل الهلس
وللقارئ الكريم حق استبدال الكلمة الاخيرة من البيت الأخير الى كلمةٍ اخرى اكثر حضارة وتماشياً مع روح العصر في التطور والابداع شريطة الحفاظ على الوزن والقافية , واخر دعوانا أن الحمد لله الذي أطال عمر شاعرنا الكبير مظفر النواب ليرَ بأم عينه كيف انتهت ايام اللف بنوعيه العادي والكوبي , وكيف سارت الامور في ايامنا هذه والتي لا يسعنا الّا دعاء الباري عزّ وجل بأعادة ايّام المْزَبَّن , والتي يُروى انّ احدهم راح يشم السمكة من ذيلها في حضرة رئيس الوزراء نوري السعيد , ما دعا دولة الرئيس الى سؤاله عن السبب مع علمه بأن السمكة اذا ما ( خاست ) فأنما تبدأ من رأسها , فأجابه صدقت يا باشا ولكني اردت أن اعرف اذا ما وصل الخياس الى ذيلها لأني على يقين تام بأنّ راسها خايس

Share |