اوجه التشابه بين نظرية التجاوز المذهبي والسياسي/عصام الطائي
Wed, 24 Dec 2014 الساعة : 1:21

هناك نظرية للمفكر الاسلامي العراقي يحيى محمد هي نظرية التجاوز المذهبي ومعنى التجاوز المذهبي لا يمكن تبني فكرة الوحدة والتقريب واقعا بل يمكن تجاوز كل ذلك بتجاوز اي صاحب مذهب لمذهب اخر من خلال التعايش المشترك بابعاد فكرة الكراهية بينهما ونفس هذه الفكرة يمكن تجاوز كثير من الخلافات السياسية من خلال تبني فكرة العمل المشترك على مبدأ المشتركات بين الفرقاء بغض النظر عن الاختلافات السياسية بين الاحزاب.
وهذه الفكرة ضرورية في كل مناحي الحياة فعلى مستوى العلاقات الشخصية بين الاشخاص لا يمكن الاستمرار بالصداقة ما لم يحصل تنازل من قبل كلا الصديقين والا لو حاسب اي صديق صديقه لا يمكن جعل علاقات ودية بينهما وهكذا بالنسبة الى العلاقات الزوجية في العائلة الواحدة فما لم يحصل تنازل لا يمكن للزوج والزوجة الاستمرار في الحياة الزوجية وهكذا بالنسبة الى علاقة الفرد بمحلته ومدرسته ومكان عمله وحتى على مستوى الاحزاب والتمجعات وشتى التشكليات الاجتماعية.
وتلتقي فكرة التجاوز مع فكرة التسامح فالتسامح ضرورة دينية وعقلية وعقلائية ووجدانية لانه من خلالها يمكن ان يحصل الامن والامان وبالتالي يحصل السلم الاهلي والا سوف تكون الكراهية هي الصفة السائدة وبذلك سوف تحصل الاضطرابات والمشاكل والازمات وبالتالي يتحول الدين بدل ان يكون دواء بان يتحول الى داء كما نلاحظ هذه الايام حيث تحول الفكر التكفيري الى داء بدل ان يكون دواء .
وان التسامح هي صفة الانسان القوي يقول نهرو ( الضعيف لا يمكن ان يسامح ) فالتسامح صفات الاقوياء فاي عقيدة او مذهب او اي توجه تكون صفة العداء والكراهية هي السائدة في سلوكياته يمكن ان نقول ان صاحب العقيدة او المذهب او هذا التوجه او ذاك لا تكون فكرته مصداق للواقع وفكرته وعقيدته ومذهبه وتوجهه خاطى وفيه الاوهام والتصورات الخاطئة والمنحرفة .
ان الفكر التكفيري يجد لذة في الانتقام وهذه من صفات النفوس الضعيفة اما النفوس العظيمة كشخصية رسول الله ص فتجدها نفس تحب العفو والصفح والتسامح ففي فتح مكة قال لهم ما تظنون اني فاعل بكم وبعدها قال لهم اذهبوا فانتم الطلقاء بينما الفكر التكفيري عكس ذلك فصفة الانتقام هي السائدة في سلوكياتهم وهناك مثل فارسي يقول (ان في العفو لذة لا تجدها في الانتقام) ويقول نهرو (النفوس الكبيرة وحدها هي التي تعرف التسامح).
وهناك صفة انسانية اخرى وهي الاعتذار تلتقي مع التسامح فالذي يعتذر الى الناس جراء اخطاءه هو انسان عاقل اما الذي لا يعتذر فمثل هكذا شخص لا يمكن ان يكون اعقل الناس يقول الامام علي ع ( اعقل الناس اعذرهم للناس ) وفي حياتنا السياسية هذه الايام نجد ان كل الفئات السياسية في الساحة العراقية قد قصرت سواءا على مستوى الشخصيات الشيعية او السنية او الكردية وحتى المعارضة بشتى اشكالها فالمفروض على الكل ان يحاول ان يعتذر عما اخطا وعلى الكل يحاول ان يصحح الاخطاء وعلى الكل ان يسامح لا ان يحاول الواحد منهم ان يصب الخطأ لشخص دون اخر فالكل قد قصر والكل قد اخطا والكل قد اساء من حيث يعلمون او لا يعلمون.
ان التسامح ليس انكسار وان الصمت ليس هزيمة وان الاعتذار ليس ضعف وان القوة في التسامح والصمت والاعتذار وان العظيم من يملك صفة التسامح والصمت والاعتذار وان الضعيف من ينتقم ليلبي جماح شهوته وغرازه وميوله .
عصام الطائي