تراث الحكيم.. رجال مخلصون..!/كاظم الخطيب
Fri, 19 Dec 2014 الساعة : 1:49

تتقزم الأقلام، عندما تهم بكتابة سيرة قمة من قمم العلم، وعملاقاً من عمالقة الفكر، والفضيلة، والجهاد، فتجدها عاجزة مترددة، في إختيار الكلمات، ونظم السطور.
الشهيد السعيد، والآية العظمى، السيد محمد باقر الحكيم( قدس سره الشريف ) هو أحد تلك القمم الشاهقة، ذلك العملاق؛ الذي إستطاع أن يجمع كل أطياف العراق، بطيف رؤيته السياسية، حتى أصبح خطراً يهدد المشروع الغربي- الخليجي- التركي؛ في زرع الفتنة الطائفية، وتمكين الفاسدين من التسلق إلى مراكز القرار، والعمل على تقطيع أوصال العراق، من خلال خندقة طائفية بغيضة، ونزاع عرقي مقيت.
إستطاع السيد الشهيد، لما يتحلى به، من الثقافة الدينية، والخبرة الثورية، والملكة الأدبية، وما يمتلكه من الرأسمال التأريخي – كونه ينتمي إلى عائلة علمية عريقة، عرف معظم رجالها بالفضيلة والجهاد- أن يأسر قلوب الجماهير، مما جعله متفرداً في تصدر الواجهة السياسية، ولاعباً أساسياً في صياغة القرار السياسي في العراق.
كان (قدس سره الشريف) يؤمن بأن إختيار شكل الحكم، وأساليب الحاكم، لابد ان تمر عبر رأي أكثرية الشعب العراقي، كما كان يمتلك رؤية واضحة، لما يجب أن يكون عليه العراق، كم إنه كان يمتلك الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك.
كان من أهم الوسائل التي يمتلكها السيد محمد باقر الحكيم( قدس سره الشريف)، هي وجود قادة حكيميون، ورجال مخلصون، مثل السيد الفقيد عزيز العراق(رحمه الله) والسيد عمار الحكيم، وهمام حمودي، وباقر جبر، وعبد الحسين عبطان، وعادل عبد المهدي، من الذين جسدوا قدرة المشروع الحكيمي، على النهوض بالعراق، والعمل على تحقيق مشروع الدولة العصرية العادلة.
أصبح مشروع إزالة الفكر الحكيمي، والقضاء على الرجل الوطني النزيه، الذي لا ينتمي لأحد سوى للخالق وللوطن والمواطن، ذلك الرجل، الذي ألهب حماسة الشعب العراقي، بخطاباته الثورية، ومواقفه الوطنية، وحنكته السياسية، المهيب الذي تصدر الواجهة السياسية، وتزعم القرار السياسي، والذي يتناغم مع رأي المرجعية الدينية، ويحاكي تطلعات الشعب، والذي من شأنه أن يسمو بالعراق عالياً، بعيداً عن الزوايا المظلمة؛ لمشروع تقسيم العراق، وتمزيق نسيجه الإجتماعي.
بدأت الدوائر الغربية، والصهيونية، تشعر بأنها تواجه خمينياً جديداً، في العراق، فهو رجل دين، وقائد ميداني، ويحظى بمقبولية واسعة لدى رجال الدين، وتأييد مطلق من غالبية الشعب، والأهم من ذلك كله؛ إنه لا سبيل إلى التعامل معه خارج محيط الوطنية، ولا مجال في إقناعه ببناء نافذة خارج معمار الشرعية.
نتيجة لذلك، ولعقدة متأصلة لدى الأمريكان، والصهاينة، والبعثيين، تجاه كل ماهو خميني في النهج، والعقيدة، والصفة، إجتمعت إرادة الكفر والباطل، على قتل الخميني، وثوار العشرين، وأبناء سومر وأكد، بقتله تفجيراً لجسده الشريف الذي حوى كل هؤلاء.
رحل الحكيم جسداً لا فكراً، وغاب الحكيم شخصاً لا روحاً، فقد خالط جسده الشريف، ذرات تراب الوطن، وإمتزج بنسمات هواء العراق.
كما الخميني بقي الحكيم خالداُ، وكما الثوار بات الحكيم مقارعاً، وكما سومر وأكد ظل الحكيم متجذراً.