كربلاء بين العاشر والأربعين..!/كاظم الخطيب

Tue, 16 Dec 2014 الساعة : 14:57

كربلاء ذلك المزيج من الحزن، والشوق، والألم، ذلك الأديم الذي إختاره رب العزة، وأمر سبط حبيبه المصطفى- عليه وعلى آله أفضل الصلوات والتسليم- بأن يرفع قواعد البيت، ليكون قبلة تحج إليها القلوب، وتشد لها الرحال، ويأتي إليها العشاق، رجالاً، وعلى كل ضامر، يأتين من كل عميق.
شاء العزيز الحكيم أن يرى الحسين ذبيحاً، عندما أوحى لنبيه الكريم، لقوله عليه الصلوة والسلام " ان جبرئيل أخبرني إن إبني هذا يقتل بأرض يقال لها كربلاء".
عندما أخبر الرسول الكريم أهل بيته، وجدهم مسلمين لأمر ربهم طائعين، ولسان حال الحسين يقول لجده الرسول الأمين، ياأبت إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء ا..ه من الصابرين.
كان ما أراد العلي القدير، وأمتثل الحسين عليه السلام، للأمر، وتوجه إلى مذبح الشهادة ملبياً دعوة الحق سبحانه.
تجسدت في واقعة الطف، معانٍ عظيمةٍ، وأهداف سامية، وكأن أحرف كلمة كربلاء، قد أختيرت بحكمة عظيمة، ودقة بالغة، لتعبر عن تفاصيل الخلق المحمدي، و السلوك الثوري، والنهج العلوي، التي تجسدت كلها في تلك الواقعة.
كانت كاف كربلاء، هي كبرياء الحسين، الذي واجه به وأهل بيته، وأصحابه، جبروت يزيد وطاغوتيته، والراء منها كانت تجسد رجولة، وفحولة، صناديد المهمة، والشهداء على الأمة، من رجالات الحسين عليه السلام، وكانت باءها، هي بسالة رجالها، ونسائها، وأطفالها، فقد كان معسكر الحسين عليه السلام، يحكي بسالةً، وصبراً وثباتاً، منذ نزول الركب بأرض الطفوف، مروراً بالسبي، حتى دخول قصر الطاغية يزيد، واللا من كربلاء، تجسدت بسيل من اللاءات التي أطلقها الحسين عليه السلام، ليصفع بها وجه الطاغوت الأموي.
مثلت الهمزة الخاتمة لكلمة كربلاء- والأمور بخواتيمها- بإنتصار لم يشهد له التأريخ مثيلاً، إذ أصبحت ثورة الحسين- عندما إنتصر فيها الدم على السيف- مقياساً، ومعياراً، وجذوة مستعرة، لكل الثورات التحررية التي تلتها، فما من ثورة قامت من أجل إحقاق الحق، ونصرته، إلا وقد أخذت من جذوة هذه الثورة، شرارة إنطلاقها، وأسس بنيانها، وسمو أهدافها.
إرتكزت ثورة الحسين على حقيقة ثابتة، كونها جاءت وفق إستراتيجية نبوية، محمدية، مستقاة من قانون إلهي، وحكمة ربانية، فقد قاتل فيها الحسين عليه السلام، وهو يرنو إلى إحدى الحسنيين، إما النصر أو الشهادة.
بما إن النصر مرهون بالنتائج، فإن النتائج التي أفرزتها واقعة كربلاء، تشير إلى إن الشهادة كانت هي روح النصر، الذي توهم بنو أمية إنهم قد أحرزوه، وما هو إلا هزيمة نكراء لمعسكر يزيد، وبوار لملكهم الذي ما ملكهم عليه من أحد، سوى جرأتهم على خالقهم، وحسدهم لنبيهم وآل بيته الكرام عليه وعليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم.
اليوم وبعد أكثرمن ألف وأربعمائة سنة، ومنذ أن أطلق الحسين نداءه في كربلاء "ألا هل من ناصر ينصرنا" مازال هذا النداء، يتردد في مسامع القلوب، ويحرض ضمائر النفوس، ويدق أجراس الضمائر، محفزاً أحرار العالم لنصرة الحق، ومحاربة الباطل، والدعوة إلى الإستقامة، ورفض الإنحراف.
أحاط بالحسين يوم العاشر من محرم الحرام، الآلاف من المجرمين لقتله، واليوم تحيط به ملايين القلوب للموت دونه، والتضحية في سبيل نصرته.
لقد أنتصر الحسين، وخسر يزيد، وبقيت إنتصارات الحسين تتوالى، النصر تلو النصر، ولن تتوقف حتى النصر النهائي، بقيام دولة الحق على يد المنصور المؤيد، بقية آل محمد، عجل المولى تعالى فرجه الشريف.

Share |