في حديثة المحاصرة: الخيار من الكماليات.. والسكان يفكرون في تحويل الكهرباء إلى مواد غذائية
Mon, 15 Dec 2014 الساعة : 7:25

وكالات:
منذ أن سقطت مدينة هيت، نحو 100 كم غرب مدينة الرمادي، بيد تنظيم الدولة الإسلامية وهو يحاول الانتشار شرقا باتجاه الخط السريع عبر نواحي المحمدي والبوطيبان وغربا عبر الدولاب والبغدادي وحديثة، ومنذ ذلك السقوط المريع تعيش تلك النواحي والقرى والمدن غربي العراق أوضاعا مأساوية للغاية نتيجة حصار شديد مفروض عليها.
في بادئ الأمر كان داعش يسمح للمواطنين بالتسوق لمنازلهم الخاصة بسياراتهم الخاصة من مدينة هيت ويمنع سيارات الحمل الكبيرة من أي تصدير للمواد الغذائية والخضراوات نحو البغدادي وحديثة وغيرها من القرى التي يسيطر عليها الجيش والقوات الأمنية من شرطة وصحوات، ثم تبين للدولة الإسلامية أن هناك بعض الأشخاص يشترون الطعام ومستلزمات المعيشة للقوات الأمنية سواء أكانوا من عوائلهم نفسها أم من الأصدقاء، وكانت هذه المعلومات تصل إلى الدواعش عبر مخبرين يعملون كخلايا نائمة تعيش في مدينة حديثة.
وبعد أن شعر الدواعش بقدرة الصحوات والشرطة والجيش على الاستمرار بالعيش في ظل الحصار الجزئي وجهوا بيانا إلى أهالي حديثة بأن الحصار سوف يكون شديدا على القوات الأمنية التي وصفها بالمرتدة وأن عليهم أن يغادروا المدينة خشية تعرضهم لقصف بالهاونات والصواريخ حين تقرير ساعة الصفر لاقتحام المدينة، كما وجه لهم بيانا آخر فحواه أن بقاءهم مع من وصفهم بالمرتدين من الجيش والشرطة يعني أنهم معهم وأن الحصار سيكون خانقا جدا وأنه لا مفر من اقتحام الناحية التي بقيت عاصية على الدواعش فترة طويلة.
اشتد الحصار فعلا وابتدأ المواطنون يشترون ما تبقى في الأسواق من مواد غذائية وخضراوات ويخزنونها في بيوتهم خشية سقوطهم ضحية للجوع والفقر. اشترى الأهالي كل ما موجود في الأسواق بكميات كبيرة ولم يعد يتوفر بعد ذلك أي شيء في هذا السوق ما قاد أصحاب المحال في النهاية إلى إغلاق محالهم نهائيا لأنهم لم يعد لديهم ما يبيعونه.
قاد ذلك الوضع المتأزم إنسانيا إلى تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية فقد ارتفعت الأسعار رويدا رويدا حتى وصلت إلى أربعة أضعاف. ويقول أحد سكان حديثة وهو أستاذ في جامعة الأنبار ان سعر كيس الطحين بلغ 95 ألف دينار وسعر كيس الرز بلغ 120 ألف دينار وكيس السكر بلغ 115 ألف دينار، وأما أسعار الخضراوات فارتفعت بالوتيرة نفسها فسعر كيلو البطاطا 3000 دينار والطماطم 4000 دينار والبصل 3000 دينار والقرع 2500 دينار والبيض 12000 والزيت سعر العبوة بلتر واحد 4000 دينار والجبن الذي كان سعره 500 دينار أصبح 1500 دينار والحليب العبوة الصغيرة (450 غراما) بسعر 12000 دينار وكيس الحليب من نوعية المدهش بسعر 7500 دينار والفاصوليا الكيلو بسعر 5500 دينار.. واما باقي الخضراوات فهي غير متوفرة لأن من يجلب هذه الأمور إلى المواطنين يجلبها بالتهريب من مناطق بيجي والصينية وغيرها من مناطق محافظة صلاح الدين المجاورة عبر طريق صحراوي مزعج وغير معبد ومخيف جدا فضلا عن أن سعر اللتر الواحد من البنزين 5000 دينار والطريق بين حديثة وبيجي طويل جدا يصل إلى أكثر من 400 كيلو متر.. وتحول "مهربو" المواد الغذائية الى عرض بضائعهم على سيارات صغيرة لا في محلات كبيرة لأن أصحاب هذه السيارات هم تجار اليوم وهم الذين يبيعونها بشكل مباشر، ومن جهة أخرى فوكلاء المواد الغذائية لم يزودوا المواطنين بأي مواد غذائية منذ شهرين لأن الطريق مقطوع ثم أن مستودع المواد الغذائية في الرمادي مركز المحافظة يقع تحت سيطرة قبل داعش.
بعض الأمور اختفت من السوق لهذه الأسباب فلن تجد الخيار ولا الفواكه ولا غيرها من الأمور التي تعد بنظر مهربي الأغذية كمالية وليست ضرورية، كما أن هناك أمورا أخرى اختفت لأن الحاجة إليها معدومة فليس هناك غاز في المدينة منذ ما يزيد على الشهر وذلك أن المدينة تعد المنتج الوحيد للطاقة الكهربائية في المحافظة في سد حديثة وقد قطعت المدينة عن جميع المدن التي يستولي عليها داعش عقابا على منعهم الأغذية والخضراوات عن المدينة ما قاد الدواعش إلى تشديد الحصار نهائيا على المدينة.. ولما كانت حديثة تمتنع عن تجهيز أي منطقة تقع تحت سيطرة داعش بالكهرباء، بات عليها أن تستهلك كل ما تنتجه من هذه الطاقة، لذلك لم ينقطع التيار الكهربائي عن المدينة ولا ساعة واحدة، ولهذا اعتمد المواطنون على الطبخ بطباخات كهربائية والخبز على التنور الكهربائي، ومن يدري ربما يتمكن أهالي المدينة من إنتاج مواد غذائية كهربائية ؟!!!.
الحكومة العراقية ونتيجة للحصار المفروض على الأهالي أرسلت شحنات من الأغذية إلى المدينة عبر الطائرات إلى قاعدة عين الأسد في البغدادي وتم توزيعها بين مدينتي البغدادي وحديثة، ولكن عدد من سكان المدينة قالوا إن عناصر الصحوات والجيش والشرطة استولت على هذه المواد الغذائية واستأثرت بها لنفسها ولعوائلها ولم توزع شيئا منها للمواطنين.
المواطنون تحت الحصار وهم بلا حول ولا قوة الموظفون وحدهم باستطاعتهم أن يشتروا هذه المواد الغذائية بهذا الغلاء الفاحش وأما العاطلون عن العمل وهم الأغلبية فهم يصرفون من مقتنياتهم التي ادخروها طيلة الأعوام المنصرمة فهم يبيعون الذهب وكل ما لا يحتاجون إليه اليوم لكي يوفروا المعيشة لأولادهم ، قلت لهم لم لا تغادرون المنطقة قالوا لي بأن أسعار الإيجارات في بغداد أو كردستان عالية أيضا وبدلا من أن ندفع مبلغ 600 دولار على الأقل أو 750 ألف دينار ندفع هذه الأموال لشراء المواد الغذائية باهضة السعر ثم أننا بذلك نحفظ كرامتنا في بيوتنا ولا نريد مغادرتها ثم أن المواطنين يتخوفون من ترك بيوتهم خالية لأن الصحوات قد تخرب البيت عقابا على ترك المدينة.
شاهد صديقي الدكتور امرأة تبكي قرب بائع متجول لأنها تريد شراء حليب لابنها الرضيع وتقول له أن لديها 5000 دينار فقط وهو لا يقبل بذلك لأنه يعدها خسارة وهي تتوسل به دون جدوى مما دفع أحد المواطنين بالتبرع لها ودفع باقي المبلغ لكي تشتري الحليب لرضيعها، وشاهد رجلا يقتلع أبواب بيته ليبيعها لأحد الأغنياء بسعر بخس، وشاهد امرأة تبحث في الأوساخ عن أرجل ورأس الدجاج لتعملها لعائلتها طبخة يشمون فيها رائحة الدجاج فقط..
من بيان البكري
المصدر/واي نيوز