كربلاء .. جامعة الفكر والحماس والثورة/طاهر مسلم البكاء

Wed, 10 Dec 2014 الساعة : 12:55

يصور الأعداء مراسم زيارة الأمام الحسين في كربلاء وكأنها لاتعدو عن كونها نياحة وحزن ، ومع ان الحزن من المشاعر الأنسانية التي لا ضير فيها ولكن  الحقيقة ان كربلاء مقصدا ً الى حيث انطلقت اجرأ ثورة عبر التاريخ واعظم صرخة حق بوجه الظلمة والمرتدين حيث لايزال فضاء كربلاء يردد صداها ويعيد مشاهدها على الأجيال التي تجد فيها العَبرة والعِبرة الصالحة لكل زمان مادام هناك ظلمة وطغاة ومظلومين .
الحماس الحسيني :
     ان ما يسجل من حماس لدى قاصدي الحسين لايمكن ان يوصف وان من يريد الوقوف على صورة دقيقة عليه معايشة الواقع الذي سيريهم العجب ،فهو تفجير لطاقات غير منظورة لدى البشر ،ففي وقت يجد صعوبة كبيرة في الأيام العادية في مسير ،مشيا ً على الأقدام ،  مسافة تقرب من كيلو الى بضع كيلوات من الأمتار فأنه يجتاز بحماس وقوة وتحدي للنفس مئات واحيانا ً الاف الكيلو مترات في عنفوان وشموخ ومتعة يجللها حافز اللقاء بسيد الشهداء وصحبه الأبطال الذين كانوا مقياس للبطولة والنخوة ، حيث وقفوا قبل اكثر من 1400 عام مرددين هيهات منا الذلة  ، فنالوا الشهادة التي هي سعادة الدنيا والأخرة .
الفكر الحسيني كان هو القدوة :
    امتاز الفكر الحسيني بقوة المبدأ ووضوح المقصد وشجاعة الطرح ، بسبب الصفات العظيمة التي يحملها قائد الثورة ولأرتباطه المباشر بقبس نور الرسالة المحمدية  ،وكان لابد ان يبقى خالدا ً علما ً أبديا ً يحكي للأجيال قصة الحق والباطل وحكاية الدم الذي انتصر على السيف .
تمييز الثورة الحسينية :
    لايوجد مثيل  لما حصل من فدائية وشجاعة في كربلاء ، فقد نقل الرواة قصصا ً عجيبة لأولئك الصفوة الذين صحبوا الحسين والذين كانوا يمثلون مختلف الأعمار والقوميات والأديان قبل ان يستسلموا على يد قائدهم ،وكانوا يفدونه بأرواحهم ومهجهم وعندما يقع المقاتل منهم بعد بذل جهده بالقتال ويدركه الحسين وفيه نفس فأنه يسأل الأمام الحسين ان كان راض عنه وان كان قد قدم ما مطلوب منه ،ورغم ان المعركة انتهت بمقتل الأمام الحسين وصحبه ولكنه بقي الثائر الذي يقض مضاجع الحكام والظلمة على امتداد 1400عام ،رغم ان ثورته تعرضت للتشكيك والتشويه من انه كان يطلب السلطان فقد هزمت دماءه حكم امية ورغم ان الحكومات التالية حاولت منع زواره من الوصول الى قبره وبعضها ازالت قبره وغمرته بالمياه وحتى الأمس القريب كان جلاوزة النظام البائد في العراق يمسكون الطرقات لمنع زواره ولكنه  لايزداد إلا ّ علوا ًوتتصاعد الملايين الزائرة من محبيه عاما ً بعد عام رغم زيادة المخاطر التي يتعرضون لها ،وقد ادت تهديدات الأرهاب الجدية والمتصاعدة هذا العام الى وصول اعداد الزائرين الى ارقام قياسية وصلت وفق آخر الأحصاءات الى سبع عشرة مليون زائر من داخل العراق ومليوني زائر من خارج العراق ،وجميع هذه الملايين تجد الخدمة والزاد والمؤنة على طول الطريق ،وكأن ذلك مصداقا ً لقول السيدة زينب وهي تطمئن السجاد بعد مقتل الأمام الحسين :
      ( لا يجزعنّك ما ترى، فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ الله الميثاق من أناس من هذه الأمة، لا تعرفهم فراعنة هذه الأمة، وهم معروفون في أهل السماوات، أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها، وهذه الجسوم المضرّجة، وينصبون لهذا الطفّ علماً لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يُدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا ظهوراً وأمره إلاّ علوّاً  ) .

Share |