صلح الحسن وصلح الوطن ../غفار عفراوي

Wed, 3 Dec 2014 الساعة : 13:13

تمر علينا هذه الأيام ذكرى شهادة سيد شباب أهل الجنة وكريم أهل البيت الإمام الحسن عليه السلام الذي يحسن أن نطلق عليه لقب الإمام المظلوم لأنه ظُلِمَ حياً وظُلِمَ ميتاً من أعداءه وكذلك من شيعته. ظلم من أعداءه الذين ما أنصفوه واغتصبوا حقه في خلافة جده الرسول وفي النهاية قاموا بوضع السم في طعامه في عملية اغتيال جبانة. وظلم من شيعته والموالين له لأنه كان ومازال منسياً ومقصياً عن التعازي والذكريات والمؤلفات والكتابات رغم انه لا يختلف عن أخيه الإمام الحسين بنص حديث الرسول "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا". وظلم أيضا بسبب عدم إدراك مغزى وحكمة قيامه بالصلح التاريخي مع طاغية عصره معاوية بن أبي سفيان، ولم يجري لحد الآن تحليل ودفاع على مستوى عالٍ ومميز حول هذه القضية المهمة التي ازعم أنها الجزء الأول لمدرسة الطف الخالدة، وهي بداية ثورة الإمام الحسين ضد الظلم والتكبر والاضطهاد ولكن بشكل آخر ولون مختلف حسب الظرف وحسب ما رآه من مصلحة للدين وللشيعة والموالين في ذلك الوقت فلولا الصلح والمعاهدة التي نقضها معاوية لما كتب التاريخ أن معاوية كاذب وغادر، ولما استطاع الإعلام أن يدوّن أحداث فاجعة الطف ويروي ما حدث لسيد الشهداء الحسين وعائلته.
يمكن أن نخلص إلى القول أن صلح الحسن كان قمة في الحكمة والحنكة السياسية، وكان قراءة عبقرية للواقع وكذلك للمستقبل القريب والبعيد وهو ما نحتاجه في المرحلة الراهنة التي يعيشها بلدنا الجريح الذي تكالبت عليه قوى الشر من كل حدبٍ وصوب بسبب عدم وجود قائد حكيم وسياسي محنك طيلة فترة عشرة سنوات مضت ذاق العراق فيها المرارات والويلات. نحتاج إلى صلح مع الوطن من جميع أطرف العملية السياسية وكذلك جميع أبناء البلد الذين يحملون جنسيته سواء كانوا داخل أراضيه أو خارجها ، لان الوطن بحاجة إلى مواطن صالح ومتصالح وليس إلى مواطن متجنّس.
فهل ستلد حكومة الدكتور حيدر العبادي مصالحة محنكة وعبقرية تُخلص العراق من شر الطائفية والفتن السياسية كما فعل إمامنا العظيم قبل أكثر من 1300 عام؟

Share |