خلاف حول قتل المهدي-صلاح بصيص
Mon, 12 Sep 2011 الساعة : 9:34

من ضمن رسائل كثيرة وصلت بريدي الالكتروني، ترثي الشهيد هادي المهدي، كانت رسالة تختلف او تتناقض مع بقية الرسائل، رسالة تقلل من شأن الفجيعة وتشظيها، فجيعة استشهاد الاعلامي هادي المهدي، نقلت الرسالة ما مضمونه، بأن لا داعي لتلك العاصفة الاعلامية التي تولدت بعد قتل المهدي، احمدوا الله على صبر القتلة، واشكروهم لذلك...
اعدت الرسالة على الفور بعد ان سألت كاتبها، كيف تستهين بهذه المصيبة وتتعامل معها بهذه السطحية السخيفة، فاجابني، يا صديقي، هادي مشروع قتل انجز، كما انجزت المشاريع التي سبقته، ولنا واياكم مواعيد اخرى بمشاريع جديدة سوف تنجز، خط بياني رسمه القتلة لا تستطيع الوصول الى ابعد نقطة فيه وان وصلت فستكون نهايتك واحدة من ثلاث، اولها رصاصة كاتم، وثانيها عبودة لاصقة، وثالثها تعويض مالي بمليارات الدنانير او قبوعك في دهاليز السجون خلف قضبان الحديد... القتلة ينظرون لكل واحد منكم، ينتظرون بصبر وحكمة، الى ان تتجاوز النقطة المرسومة، حينها لا تمنعهم من قتلك السموات السبع ولا الارضين السبع.
احمد الله على نعمة الحاسوب، فقد منعني من تمزيق مئات الاوراق عندما اكتب اي مقال فيه دغدغة بسيطة ونقد لطيف للحكومة او لمسؤوليها، اراعي من الأدب اكمله، واختار المصطلحات الفضفاضة التي تتحمل عدة وجوه حتى تكون لي عذرا في التبرير، واتجنب المباشرة لانها وصول سريع الى نقطة القتل، واستقبال سريع لرصاصة الكاتم من قبل الرأس، فمن ذا الذي يريد ان يمتحن صبر القاتل، الذي ينتظر على احر من الجمر...
يتباهى المالكي (قرة عينه) ويتفاخر بمنجزاته ومنها اطلاق عنان الحرية، والدليل، انك تكتب ما تشاء وتتحدث بما تشاء وهو خلاف ما كان سائدا في السابق، وهنا لي ان اسال المالكي، هذه نهاية الحرية، تعبير عن رأي مخالف، يستدعي رصاصة كاتم تمنعك من اطفالك واحبائك؟...
ستنسون هادي المهدي سريعا، بعدما يقوم الصابرون بقتل غيره ليوزعوا الحزن ويشظوا الفجيعة، يا صديقي العصابة مسنودة ومدربة تدريبا جيدا وصل بهم شدة التدريب قتلهم ايا كان بدم بارد كإزالة الحجر من الشارع، وهي تملك بحكم دورها المسؤول في العراق الصاق التهم بالاخرين، او اقفال الدعوة بعد ان يفرقوا الدم بين المجهولين...
علينا ان نعزي انفسنا، فنحن اليوم مجتمعون، وغدا بالتأكيد راحلون، فالشهيد كان يعلم ان طريقه استعجال للشهادة، لكنه لا يعلم بساعة موته، وبانه سيموت اليوم، فهل انتم تعلمون بيومكم، اعلم انكم تسيرون بخطى خائفة احيانا وواثقة احيانا اخرى الى جادة الموت، ولكن توقعوا اليوم او غدا او بعد غد ستفارقون الحياة، ودعوا اطفالكم، وزوجاتكم، وامهاتكم واباؤكم، وتوقعوا طالما انتم تريدون الاصلاح في بلد هرم وتعب، انتم لا محال راحلون، لا تأملوا في هذه الحياة، ولا تبقوا على شيء، ولا تتزوجوا ولا تلدوا ولا تعملوا، فوالله كلنا راحلون، طالما نحن في عراق الموت والفساد ورصاصات الكاتم والعبوات الناسفة...احزموا امتعتكم وتزودوا بقليل من الفكر، ولا تتزود بكثيره، فمن يعلم ربما يؤثر عليك الفكر حتى في الحياة الاخرة، لقد حان وقت الرحيل... وفي النهاية تقبل مني فائق التقدير والاحترام...
[email protected]