مواكب وصافرات-جواد كاظم الخالصي

Sun, 11 Sep 2011 الساعة : 18:12

الكل في العراق يعيش المظاهر التي ألفها كل يوم في نهاره أو ليله وفي يقظته أو نومه مستغيثا منها صارخا مُوَلْولاً من كثرة الإزعاجات التي تسببها له تلك الحالة المتمثلة بمواكب المسؤولين وانطلاقها في الشارع العراقي مصحوبة بنوع من الصافرات التي عادة ما تخترق أسماعهم وتمر مؤلمة لتصدع رؤوسهم وكأنها تخترق جدار الصوت في قربها منك وهذه المأساة يعيشها أكثر الذين يعملون في الشارع العراقي والذاهبين الى عملهم صباحا وعند عودتهم ،،في وقت نجد أن استخدام هذه الصافرات في الدول الأوروبية لن تستخدم إطلاقا إلا من قبل الشرطة المكلفة بحماية المواطن وتحديدا اثناء الواجب او سيارة الإسعاف لنقل الحالات المستعجلة الى المستشفيات، فلا يمكن لرجل الشرطة ان يستخدم هذه الصافرة ان لم يكن مكلفا بواجب وفي عجلة من أمره لأن القانون يحاسبه خلاف ذلك.
وفي بلدنا العراق نجد الكثير من مواكب المسؤولين التي تعمد الى إغلاق الشوارع دون مبرر لأن السيد المسؤول يريد الوصول الى عمله سواء من هم خارج المنطقة الخضراء او من هم قادمين اليها على حد سواء وهو ما يثير الحمق في نفوس الناس المارة في نفس الشوارع وتحديدا التي تمتد بمحاذاة المنطقة الخضراء سواء من جهة الكرادة والجادرية او الممتدة من جسر الجمهورية الى الشوارع المؤدية الى المنصور وبمجرد وقوفك على أرصفة هذه الشوارع تشعر كأنك في عالم آخر من الفوضى المفتعلة والأصوات النشاز كون هذه الأصوات تتداخل عليك حينما تبدأ الصافرات المزعجة ويرافقها صوت احد الحمايات عبر لاسلكي الصوت وهو ينادي بصوت لا يمكنك إلاّ أن تسمعه وقد تكون عباراته أحيانا خلوقة حينما يقول مثلا ((انطيني طريق بارك الله فيك ،،، او ، اتوقف رجاء ،،، أو ، شكرا رحم الله والديك)) وما الى ذلك ولكن في نفس الوقت هناك من يتلفظ بعبارات قد تعبّر عن أخلاقه وسكوت مسؤوله عليه من قبيل (ابو الكيّة اتوقف، لا تتحرك ابو السيارة الحمرة، او يصرخ بصوت عال ،،انت ما تسمع ، وهناك من يستخدم رفع السلاح للتخويف وإجبار الآخرين على التوقف في وقت يكون موكب المسؤول قد تجاوزه )) لا أدري ما هذه الازدواجية عند بعض المسؤولين حين يقولون بأنهم في بلد ديمقراطي ويعيشون وسط ابناء شعبهم ويعيشون معاناتهم وقد خرجوا من رحم هذا الشعب عبر الانتخابات وحينما يتصرفون بهذا الشكل العشوائي،، وهنا أنا لا أقول بالمطلق ان كافة المسؤولين في الدولة العراقية يتصرفون هكذا او يتركون حماياتهم وتحديدا الجاهلين منهم ليتعاملوا مع عامة الناس في الشارع العراقي بهذا المستوى من التصرفات الغير مسؤولة ، لأنه على الأقل أعرف بعضا منهم لا يقبلون بتصرفات سائقيهم او حماياتهم عندما يتجاوزون على البسطاء من الناس عندما يتنقلون من مكان الى آخر ويوبخونهم على التصرفات الخاطئة ولكن للأسف الأغلبية منهم يقبلون بذلك بل هم من يريد ذلك لكي يشبع رغباته التي تعيش في داخله ولا فرق عندهم ان كان موكبهم سيؤذي أحدا من الناس او يودي بحياته وهو ما حصل لي شخصيا في إحدى المرات عندما كنت في سيارة اجرة ومر موكب أحدهم المتكون من عدد من السيارات الغير قليلة ولم يسمع ندائهم سائق التاكسي واستمر مسيرنا حتى تفوه احد عناصر حمايته بألفاظ غاية في الانحطاط والخلق السيء ما دفعني الى تشجيع السائق على الاستمرار وعدم التوقف لأن الطريق خاصتنا وبعيدا عنهم وهو ما دفع هذا المعتوه في حماية المسؤول الى رفع السلاح بوجهنا من أجل ايقافنا في وقت قد مر الموكب وابتعد عنا عشرات الأمتار ما دفع صاحبي الى التوقف خوفا من تهور هذا الجاهل .
من هنا أقول وبكل حب الى كل مسؤول عراقي يريد الخير للعراق ومن ثم الى نفسه كي يكون موضع محبة عامة أبناء الشعب أن يتنازل عن كبريائه الذي تعوده وهو يجوب شوارع العاصمة بغداد او المحافظات الأخرى على حساب الآخرين من المستضعفين وهم يقودون سياراتهم المتعبة كتعب حياتهم ،، صدقوني لو سار الجميع وفق الأصول المعمول بها في المرور العامة لما كان يحصل أي ازدحام مروري أو ضغط على الشوارع وسوف لن يحصل أي تجاوز من هذه المواكب المدججة بالسلاح ولن يكون هناك أي رعب وسط البسطاء من أبناء الشعب العراقي ،،
أنا وغيري من هذا المجتمع المثقل بالهموم والمشاكل سوف لن يتحمل أكثر مما هو فيه فقد ضاق ذرعا من كل التصرفات الخاطئة التي انسحبت حتى على البسطاء من الحمايات وهم يخرجون لوحدهم دون مرافقتهم لمسؤول ما فيستخدمون تلك الأساليب الشاذة في إرهاب المارة في الشوارع وقد يكون هو ذاهب لشراء مواد غذائية او جلب طعام العشاء وما الى ذلك لكنه يختبئ خلف الزجاج المظلل وكأنه يرافق احد المسؤولين .
هي فرصة للتصحيح أيها المسؤول سواء كنت ترضى بذلك أم ترفضه كونها آلية لتثقيف من هم معك ويرافقونك ذهابا وإيابا ولعل الكثير منهم(المسؤولين) عاش خارج العراق ورأى كيفية تعامل كل مسؤول رفيع في هذه البلدان المتطورة وكيف أن النظام جميل يصنع الجمال والوادعة والهدوء، ونحن في بلد أحوج ما نكون الى هذا الهدوء لأن صراخ الموت فيه عاليا بسبب المفخخات والتفجير وعمليات التخريب التي تحصل ولا زالت،وبعض من هذا المصاب مرت به تلك الدول المتقدمة فلماذا لا نصنع مثل ما صنعوا هم في بلدانهم لنكون بهذا المستوى من النظام والتواضع بين الحاكم والمحكوم.

Share |