الدخول: هل من يقضه للمسلمين ؟؟-الحلقة الثانية/سيد عبد الخبير الياسري

Sun, 23 Nov 2014 الساعة : 0:27

لاشك إنّ علماء الإسلام والمراجع العظام ، ممن وصفهم الله تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} يواصلون الليل بالنهار ، في خدمتهم للإسلام والمسلمين ، ومنه العمل على التقريب بين المذاهب الإسلامية ، ما دامت رؤيتها قائمة على كتاب الله وسنة رسول الله  ... لكن كثيراً من عامة المسلمين ومنهم من الخاصة ، واقعون تحت تأثير ما كتبه التاريخ الإسلامي التي تشابكت في كتابته المصالح الخاصة والنوايا السيئة ، والاتجاهات العقائدية والسياسية ، والأهواء والأمزجة ... وو ... فخلّفت كمّاً هائلاً من الأكاذيب والأباطيل والدس والتحريف في الثوابت الإسلامية وطمساً للحقائق التاريخية ... وو ... فكل هذه العوامل وغيرها خلطت الأوراق أمام الأجيال ، ولاسيما التي تقرأ بعين واحدة ، وحصيلة ما حمل التاريخ ، قسّم الأمة إلى طوائف ، فكل طائفة من طوائف المسلمين ، ترى معتقدها خط أحمر من المسلمات ، لا يمكن لأحد أن يتجاوزها {كلُّ حزب بما لديهم فرحون} المؤمنون/53 أو يتعرض لها بنقد موضوعي ، لأنه ورثها من الآباء والبيئة التي وُلد ونشأ وترعرع فيها ، وفي هذا شأنهم كشأن كفار قريش ، حيث ذمهم القرآن الكريم بقوله {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} الزخرف/23 ، وإذا دخلنا مع البعض ، في حوار بناء تثور ثائرته ويتهمنا بالكفر والضلال ، لأن الحقائق تختلف عمّا نشأ عليه ، فلا غرابة ولا عجب من نكران الحق ، فالقرآن الكريم يؤكد على هذه الظاهرة {وأكثرهم للحق كارهون} المؤمنون/70 ويقول الإمام علي في هذه الظاهرة {لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه} حتى صار المتعصب متمسكاً بما نشأ عليه وألفه ، أضعاف مضاعفة أكبر من التزامه بالثوابت الإسلامية ، جاهلاً أم متجاهلاً ، إن الإسلام دعا المسلمين إلى الانفتاح لا بعضهم على بعض فحسب ، بل على أهل الذمة : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ...} آل عمران/64 ..... ولما أنشغل المسلمون بأنفسهم وتمسكوا بالجزئيات ، وأداروا ظهورهم عن الاساسيات في مقدمتها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وباقي الفرائض الملزمة أعمّها شيوعاً {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} وحين تفارقوا وتباعدوا وتقاطعوا وتدابروا بعضهم عن بعض ، أصابهم الذل والبلاء والهوان على أنفسهم ... وأمام أعيننا مشاهد وصور وأحداث يندى لها جبين الإسلام ، لِما يتعرض له المسلمون ، في أغلب بقاع العالم من مذابح ومجازر مروعة ، قلّ شبيهها ونظيرها في عصرنا المعاصر أقبحها قباحة وأشدها خطورة ، حينما يقتل المسلم أخاه المسلم ويبيح عرضه وماله ، تحت مسميات الجهاد في سبيل الله ، حتى وجد المسلم في الأنظمة الملحدة أكثر رحمة من أنظمة – كهذه - تحكم باسم الإسلام ... فأينما تتجه بنظرك وتدير بمسمعك ، فأنت ترى وتسمع ، كم من المآسي والنكبات تحلُّ بالمسلمين ، دماؤهم تُسال وأرواحهم تُزهق ، يتعرضون للتهجير والتشريد وسلب الحقوق ، كراماتهم تداس ، وأخلاقياتهم تنهار أم سيول من المحن والظلم والجور ... فهذا وذاك زرع في قلب المسلم اليأس والاحباط والقنوط وعدم الثقة بمَن حوله ، وهذا الظلم حوله إلى شخصية متلونة مهزوزة مصلحية ناعقة مع كل ناعق ومائلة مع الرياح حيث تميل ، لم يرتبط بدين حقيقي ولا معتقد حقيقي ، ولم يرع ذمة الوطن ، وهذا الدمار في النفوس مصداقاً لقول رسول الله  {الكفر يدوم والظلم لا يدوم ، فإن دام دمّر} ... والأمّرُ الأمّر والمأساة الأكبر ، إن عدد المسلمين في العالم قارب المليار ونصف المليار مسلم ، يشكلون نسبة 21٪ من سكان العالم ويسكنون على مساحة أرض تشكل 20٪ من مساحة المعمورة ، ويملكون من الخيرات مالم تملكه شعوب الأرض ، والميزات والاعتبارات الأخرى ، وما دحا الله أرضهم من الكنوز ، وما - أنعمَ جلّ شأنه - عليها من خصوبة وتضاريس وتنوع المناخ ووفرة المياه والمواقع الاستراتيجية .... فكل هذه الثروات يكمل بعضها البعض في الصناعة والتجارة ... لكن ما الفائدة من هذه الثروات الطائلة ؟! والمسلمون يعانون من الفقر والحرمان فشأنهم كشأن الجمال تحمل الذهب والفضة وتأكل الأشواك والعاقول .
     والأسوأ من ذلك ، ليس لهم قدرة على استغلال ثرواتهم ، وليس لهم صوت مؤثر في العالم ، يعيشون في تخبط وتشرذم وتناحر وتقاتل مع أنفسهم ، رغم كل الامتيازات والكم السكاني والاعتبارات الاخرى ، التي يسيل لها لعاب المستعمرين ... وبعد كل هذا المنظور والمعلوم فيا ليت المسلمين - أخصُ رجال الدين المتطرفين والحاكمين السياسيين - أن يدركوا ما تمر به الأمة من مصائب وويلات ، وما يخطط لها الأعداء من مخططات تسقيط وإذابة لمعتقداتها وكيانها - ياليتهم يشعرون بالمسؤولية الحقيقية ، ويتحرروا من داء التعصب ، والطموحات غير المشروعة ، التي أضرّت بالمصلحة العليا للأمة ، ياليتهم يدخلون البيوت من أبوابها - كما أمر الله - ويجلسون وجهاً لوجه مع بقية اخوانهم المسلمين لحل الخلافات والاشكالات ، بروح أخوية إسلامية تسامحية بعد العودة للثوابت الإسلامية والعقل والمنطق ومراجعة التاريخ الإسلامي السياسي ، وما ورد فيه يخضع للتدقيق والمقارنات والموازنات القائمة على التمحيص والنظرة العلمية المنطقية ، البعيدة عن العواطف والأهواء ، ومعرفة مصدر الخبر ، بعد قراءة علم الرجال وسيرتهم الحقيقية المدققة ، وهذه الدعوة كانت ومازالت قائمة على لسان قادة المسلمين الشيعة الجعفرية ومثل هذه الدعوات لا يرفضها عاقل ، إن هو أراد مرضاة الله ، وإذا كان هذا هو منطق الشيعة الجعفرية ، وما يتردد على ألسنة مراجعهم العظام ، فبأي حق وبأي دليل يكفرهم التكفيريون ، أليس هذا الظلم يُولد ردود أفعال خطيرة وخاصة لدى العامة ؟ فياليت وياليت أن تتغلب لغة العقل والمنطق على لغة العواطف والتعصب الأعمى وياليت أن تتوجه جميع الجهود المادية والمعنوية للوقوف بوجه الأخطار الحقيقية المشتركة ، التي تستهدف الأمة بكاملها فكراً ومعتنقين ، ولا تفرق بين هذا شيعي وهذا سني ، إلاّ بقدر مصالحها فما أحوجنا اليوم إلى همم الرجال الغيارى على إسلامهم وأوطانهم وشعوبهم !! وللحديث صلة باقية - بإذن الله -

Share |