هل نحن على مشارف حصار اقتصادي/طاهر مسلم البكاء

Wed, 19 Nov 2014 الساعة : 0:31

تعلن الدولة العراقية اليوم وعلى كافة المستويات اجراءات تقشف شديدة لم يشهدها العراق منذ العام 2003 وهو العام الذي خففت فيه اجراءات اشد حصار شهدته البشرية فرض على شعب العراق ،الذي نتج عن قرار الأمم المتحدة 661 عام 1990،اشترك فيه العدو والصديق ونال من جميع اطياف الشعب بأستثناء قيادته العابثة التي استمرت ببناء القصور واجراءات الترف ذاتها ،بينما قدر عدد الأطفال الذين ماتوا من جراءه بمليون ونصف .
ومن جانب آخر تعلن الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها الدول الأوربية ان الحرب ضد داعش ستطول لسنوات ،ممايعني استمرار اجراءات التقتير الأقتصادي التي فرضتها الدولة العراقية لسنوات بسبب استمرار الحرب وهذا يعني بوضوح ان شعب العراق سيدخل وضعا ً اقتصاديا ً صعبا ً شبيه بما ذاقه بين اعوام 1990 – 2003 ، واذا كانت نسب الفقر والبطالة والأمية قد تفشت بارقام مخيفة ابان السنوات الصعبة التي مرت فانها ستزداد بصورة مطردة بعد تدهور الوضع الأقتصادي وعدم وجود تخطيط اقتصادي واضح واعتماد الدولة على جانب واحد في سلتها الأقتصادية هو بيع النفط الخام وبالمقابل خمول وموت اي نشاط زراعي او صناعي منظم واعتماد سياسة الأستيراد لكل شئ من مياه الشرب والفواكه والخضار الى الألبان ومشتقاتها والخبز !
غياب البناء المنظم :
تعرضت البلاد الى حروب وتدمير للبنى التحتية في سلسلة من الحروب الأمريكية الأطلسية على العراق وما تلى كل منها من صفحات نهب وسلب وتخريب للمرافق العامة على طول البلاد وعرضها ،حيث دمرت المصانع والمصافي والجسور ومحطات الطاقة والمياه والمجاري وغيرها وسرقت كنوز البلد واثاره ودمر ما دمر منها ،وكان لزاما على الحكومات المتعاقبة التي حلت في السلطة بعد العام 2003 استغلال الفرص الكبيرة التي توفرت لأغراض البناء المنظم واعادة الأعمار ، خصوصا ًوان غالبية الشعب كانت تواقة ومتشوقة للمشاركة الفاعلة في اعادة بناء البلاد .
النفط لم يستغل بصورة صحيحة :
مع انه ليس من الصحيح الأعتماد المطلق على النفط لوحده كايرادات متحققة للبلاد ولكن مع ذلك كانت الفرصة ذهبية لو استغلت هذه الأيرادات بصورة حكيمة إذ كانت اسعار النفط قد تصاعدت حتى وصلت الى 148 دولار للبرميل عام 2008 ،وكانت المستويات التصديرية في تصاعد ممتاز ايضا ً خاصة بعد دخول استثمار حقول جديدة في الجنوب والشمال ،وحسب تصريحات وزارة النفط ان خطتها عام 2014 تصدير ثلاثة ملايين واربعمائة الف برميل يوميا ً،بينما فقد العراق 27 % من ايراداته في الأشهر الأخيرة من عام 2014 بسبب انخفاض اسعار النفط .
اذن كان الأمر بحاجة الى القيادة التي تزيد الحماس وتهيأ الحافز لذلك وتستغل العلوم والمعارف والتكنلوجيا الحديثة من اجل ارساء قاعدة بناء حديث مخطط وفقا ً للاولويات وبما يخدم مجموع الشعب وليس الفئات والكتل ،وكان يمكن لمثل هذا الوضع ان لايفسح اي مجال للأرهاب من ان يعشعش داخل البلاد ويقطع الطريق على اي تدخلات خارجية ،غير ان كل ما خط هو صرف عبثي لمليارات الدنانير ،وكانت تتدخل الأهواء والرؤى والمنافع الشخصية للساسة الذين زادت اعدادهم بشكل يفوق الوصف ، فقد اصبحت جل الأموال تهدروبصورة رسمية كرواتب وامتيازات لبرلمانات ومجالس متعددة بعضها في الخدمة واخرى محالة على التقاعد ،والقسم الآخر منها يضيع في الفساد المستشري والذي تنوعت الوانه واشكاله واخذت العملة العراقية تهرب الى خارج البلاد وبدأت الأيدي العاملة والمهارات والكفاءات تغادر ارض الوطن،بينما يدخل البلاد الالاف من العمالة الاجنبية الغير ماهرة والغيرمجازة للعمل في عشوائية واضحة ،فيما لانزال نتقاتل على المناصب والأمتيازات بدون اي بناء معتبر .
واخيرا ً داعش :
واحدث حلقات المواجهة وليس آخرها هي داعش والتي بدأت المعلومات الواضحة المحذرة،ومنذ زمن طويل ، تدل على خططها لأيجاد موطئ قدم لها في العراق وسمع وفهم حتى من هو غير متخصص ان احتلالا ًلمدن عراقية سيحدث بالطريق الى احتلال بغداد ولكن الحكومة التي ينتقد بعضها البعض الآخروالتي يتمسك شخص واحد فيها بأكثر من خمسة مناصب قيادية مهمة، لم تكن تريد ان تسمع كل ذلك ،حتى دخلت داعش وسط تهليل الدول الداعمة والساندة لها ،واصبحت جل ميزانية العراق الأقتصادية موجه للجهد الحربي ومعالجة مشاكل النازحين ،وكان على شعب العراق ان يستعد لأيام اقتصادية عصيبة جديدة تماثل ايام الحصار وقد تكون اشد بسبب الفوضى وتعدد رؤوس القراروغياب اي اعتماد على الذات حتى في الغذاء والدواء وماء الشرب .

Share |