تأملات من وحي النهضة الحسينية/هيثم محسن الجاسم
Fri, 14 Nov 2014 الساعة : 0:46

تتجدد الروح الانسانية بأيام الطف الخالدة من كل عام . وربما هذا من بركات سيد الشهداء على شيعة أهل البيت . مثل حلم تستيقظ النفس البشري من سباتها وهي تتعمد بماء الطهر الحسيني لتغسل ادران الدنيا العالقة بتلابيب الأرواح النائخة تحت وطاة الشهوات والغرائز الحيوانية الدنيئة . لتسمو الانسانية متالقة بآفاق خالدة وطد اركانها سيد الشهداء بتضحيته العظيمة وآل بيته الأطهار وصحبه الميامين في واقعة كربلاء .
وبات لكل نفس غسولها انا كانت وغسول شيعة علي الارتماس الكامل بحياض الروضة الحسينية من خلال احياء المثل العليا والقيم الخالدة للاسلام في قلوبهم الحية .
ولكل جماعة طقوسها وعاداتها في التعامل مع نتائج الثورة الحسينية . منهم من يرى الخطاب العاطفي اسهل وابسط في الولوج بغمار الطهر الحسيني بغية الخروج بعماد متكامل يحيل القلوب الى بؤر نورانية يتدفق منها شعاع سماوي يضىء الشروخ الغائرة التي خلفتها عجلة الحياة بقسوة لترممها بخلقة جديدة هي اعادة لتصنيع جوهر الانسان بروح لها افاق متوقدة بالايمان والثقة بمبادىء الاسلام وهداية آل محمد للبشرية .
وهناك قلوب قاسية معفرة بغبار الافكار السوداء ودهان امراض العصر الطائفية والتي تستمد سمومها من معين الخوارج المبغضين لآل البيت لايمر عليها نسيم وعطر النهضة الحسينية الشافي للعلل العقلية والنفسية العالقة من سلوك الطرق الموحشة التي تعصف بالناس من كل صوب لا لهداية بل للضلالة والخروج عن جادة الصلاح والنور والتقوى .
وفي هذه الأيام والليالي الخوالد يحيي شيعة أهل البيت تلك المعاني الكبيرة تطهرا وتوبة لله بشفاعة ابا عبد الله وطلبا للمغفرة من رب العزة كلها.
اذن الطف الحسيني له معان كثيرة . هو ليس طبولا تقرع او مزاميرتنفخ بل قيما تتجسد بأساليب مختلفة كل يعبر عن اثرها عليه بطريقة يعتقد بها بقوة وصدق وأيمان .
نحن ربما نستعين بالكلمة للتعبير عن تلك القيم واخر من خلال لوحة فنية او مشهد تمثيلي واخر من خلال البكاء او النشيد وجماعة لها قلوب ارق تذهب ابعد متاثرة بالإرث المتناقل شعبيا يلجا لمواكب العزاء المنظم في مسيرات راجلة للطم الصدور او ضرب الزناجيرعلى الظهور ...الخ
كل انسان غيور يعبر بصدق عن تلك المعاني الكبيرة بطريقته الابداعية او الجسدية وكلها نابعة من روح حية
ولا يصيب هذا البرالالهي الا من كتب الله له الهداية والمغفرة والرحمة في الدنيا والاخرة . وحرمه على اخرين قلوبهم غلق حتى استحالت الى حجر صلد لاينفع فيه طرق او بلسم ينساب دمعا من مآقي شيخ او فتى او صبي او امرأة لهم قلوب مفتوحة ترى في مأثرة الطف الحسيني تجسيدا لعلم من معالم الجهاد والمبادىء السامية للإسلام .
اما سعي الحسينيين من شيعة آل البيت اليوم ودائما لاحياء ذكر اهل البيت بتلك الشعائر العظيمة فهو يتوج رأس تاريخا طويلا من الشهادة والجهاد والمكابرة بالرغم من طغيان عهود من العبودية والاستبداد الاموي والعباسي والعثماني والقومجي واخرها البعثي الدموي الذي جمع كل صفات العهود السابقة وزاد عليها . لكن الله آبى ان يطفأ نوره . فذهبوا كلهم الى جهنم وبئس المصير وظل آل بيت محمد وشيعتهم قمم شامخة يجسدون سلسلة لامتناهية من التضحيات والاخلاق والقيم والدماء الزكية والصبر والجهاد وكما قالت زينب البتول عليها وعلى أبوها وأخوتها الصلاة والسلام في مجلس يزيد اللعين ( ...اسعى سعيك وكد كيدك والله لن تمحو ذكرنا ....
فكان الخلود لهم والاسلام لان فيه رجال عاهدوا الله ان يحافظوا على بقائه واستقامته فمنهم من فداه بدمه وروحه وعياله كما بقول سيدنا أبا عبدالله ( ...أذا كان دين محمد لايستقيم الا بقتلي فياسيوف خذيني ... ) .
واليوم بيننا من يعمل بوصايا ومبادىء الحسين ويجاهد من اجل بقائها حية وفاعلة بالرغم من العواصف الوهابية والطائفية والملحدة التي تتهاوش الامة من كل حدب وصوب للنيل من ماسعى الى تثبيته الحسين بن علي واولاده عبر قرون وهيهات ان يكون لاعداء الاسلام ذلك مادام في الارض من يصرخ في الكون لبيك ياابا عبدالله .