الشيخ وجدي غنيم والجنوح نحو الدواعش الخوارج !/مير عقراوي

Tue, 11 Nov 2014 الساعة : 14:43

الشيخ وجدي غنيم داعية إسلامي مصري وأحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين المصرية ، بعد مغارته قطر نشر بالفيديو بيانا مدته < 13 دقيقة و33 ثانية > في [ 2014 – 15 – 9 ] حول هجمات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على منظمة داعش في سوريا والعراق .
بعد إستماعي للبيان الفيديوئي للشيخ وجدي غنيم ومواقفه تجاه منظمة داعش أخذتني الدهشة والغرابة بعيدا ، فآسترجعت على الفور لما وصلت اليه حال الأمة المسلمة بسبب الكثير من فقهائها وشيوخها ورجال دينها – لا أقول علمائها ، لأنهم قد لا يستحقون لقب العالم ! – وغالبية أحزابها وحركاتها ، في مقدمتهم الجماعات الخوارجية التكفيرية التي رانت قلوبها الصدءة وأفكارها السوداوية وأياديها الإجرامية على سفك الدماء البريئة للناس كالأنهار ، وهي : منظمة القاعدة وما تفرَّع منها من جماعات متقرحة تمرَّست في البغي والطغيان والفساد الواسع في الأرض .
في بثه الفيديوئي المنشور أورد الشيخ وجدي غنيم حديث البدعة لنبي الله محمد – عليه الصلاة والسلام -  ، وهو : { إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار } .
إن أحد أكبر المعضلات للإسلام والمسلمين هو التفسير الوهابي المتطرف والتسطيحي ، أو التفسير ذو الصبغة الوهابية المتطرفة للإسلام وتعاليمه ونصوصه القرآنية والحديثية التي هي متناقضة مع الغايات والمقاصد الأساسية للشريعة الإسلامية ، ومع سماحته وتسامحه ويسره وإنسانيته وعدله وآعتداله ، وقد أضرت وألحقت هذه المعضلة بالإسلام والمسلمين بالغ الأضرار التي قد لا تُعوض قريبا وبسهولة أبدا  ..
على هذا فهم قد فهموا حديث البدعة بالمقلوب ، وذلك مثل فهمهم المغلوط لحديث الإسبال ، أو كفهمهم المغلوط للكثير من الآيات القرآنية ، فالأحاديث النبوية كما الآيات القرآنية أولا لها حِكَم ودلالات وأبعاد وعِلل ومقاصد من جانب ، ومن جانب ثان ينبغي أن تتم مقارنة الأحاديث المتشابهة بعضها ببعض كي يحصل الغرض المطلوب وما قصده رسول الله محمد – عليه الصلاة والسلام - ، مع الفهم الصحيح والدقيق لألفاظ الحديث ومراميه .
إن مفهوم البدعة الذي فهمه أئمة المسلمين السابقين ، كالإمام الشافعي – رحمه الله تعالى بواسع رحمته - يختلف ، بل يتناقض مع المفهوم الذي فهمته الوهابية - السلفية ومن نحى نحوها كالشيخ وجدي غنيم ، يقول الإمام الشافعي في تقسيم دقيق وحكيم للبدعة :
{ البدعة بدعتان : بدعة محمودة ، وبدعة مذمومة . فما وافق السنة فهو محمود ، وما وافق السنة فهو مذموم } أنظر كتاب [ حلية الأولياء لمؤلفه أبي نعيم الأصبهاني ، ج 9 ، ص 13 .
وفي تقسيمه للبدعة إحتج الامام الشافعي بفعل أمير المؤمنين الخليفة الراشدي الثاني الامام عمر – رضي الله عنه - في قيام رمضان ، أي قيام صلاة التراويح الرمضانية جماعة في المساجد ، فقيل للإمام عمر بأنه بدعة ، فرد الامام عمر : { نِعْمَ البدعة هذه } ! .
ويؤيد ما قاله الامام الشافعي حديث رسول الله التالي ، وهو { من سَنَّ في الاسلام سُنة حسنة ، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء .... } ! .
ثم نستأنس ونفهم من أحاديث نبوية أخرى بأن البدعة المعنية والمقصودة في الأحاديث النبوية ، هي البدعة في الأصول والأركان والثوابت الدينية والإيمانية للإسلام . يقول رسول الله محمد – ص - : { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه ، فهو رد } ، ويقول – عليه الصلاة والسلام – في حديث آخر : { من عمل عملا ليس عليه أمرنا ، فهو رد } ! .
الشرح : من أحدث – أي من أتى بشيء جديد - ، أومن أدخل خللا في أصول الاسلام وأركانه وثوابته الدينية والإيمانية ما ليس فيها ، فهو رد ومرفوض رفضا قاطعا ، والأمر الذي عناه الرسول الأكرم في كلا الحديثين المذكورين وقصده ، هو الإسلام في أصوله وأركانه وقواعده وثوابته التي هي غير محل للإجتهاد والتأويل والنظر، مثل الأركان الخمسة للإسلام والأصول الإيمانية ، حتى إنه يمكن الإجتهاد في تفاصيل هذه الأركان والأصول ، أما كلياتها فلا بالنفي القاطع ! .
لقد عَنْوَن الشيخ وجدي غنيم بيانه الفيديوئي بعنوان : [ لا للحرب الصليبية ضد الدولة الإسلامية ] ، ثم يبدء بدفاع تضليلي وآنحرافي وخاطيء كل الخطإ عن منظمة داعش الخوارجية مستعينا بالأيات القرآنية والأحاديث النبوية ، مع ان هذه الحرب لم تبدء إلاّ قبل أيام معدودات  ، وقد كانت قبلها تعيث منظمة داعش الفساد والطغيان في الأرض ، وتقوم بممارسة العدوان الآثم الغاشم والفظائعي على العباد والبلدان في سوريا ، العراق ، لبنان وكردستان ، فلم نسمع من هذا الشيخ وأمثاله كلمة واحدة فقط في الإدانة والإستنكار لمنظمة داعش التي توغلت بلا حدود في الإجرام والوحشيات .
لقد إرتكبت منظمة داعش وأخواتها الخوارج الكثير من الجرائم البشعة منذ ثلاثة أعوام ، والى يومنا هذا بحق الشعب السوري وبلده ، حيث تمثّلت في الإعدامات الجماعية والقتل الجماعي والإغتيالات والعمليات الإنتحارية ضد الناس المدنيين من مسلمين وغير مسلمين ، أو ضد المساجد والجوامع والكنائس ، مثل حادثة إغتيال العلامة المرحوم الشيخ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في المسجد ، وهو يلقي دروسا في تفسير القرآن الكريم ، ومثل حادثة نبش مرقد الصحابي الجليل حِجْر بن عدي – رضي الله عنه – وإخراج جثته الطاهرة وآختطافها الى مكان مجهول ! .
أما في العراق وكردستان فقد إرتكبت منظمة داعش جرائم وحشية لاحصر لها . إذ إنها قتل المسيحيين والإيزيديين قتلا جماعيا ، مع إستهداف الكنائس المسيحية بالتفجير والتخريب ، مضافا الى تهجير المسيحيين والإستيلاء على أموالهم وثرواتهم في مدينة الموصل وأطرافها .
أيضا أقدمت منظمة داعش المتوحشة بإعدام الكثيرين رجالا ونساء في الموصل ، منهم علماء دين عارضوا ما تقوم به داعش من أعمال فظيعة متناقضة مع الاسلام وشرعه وتعاليمه .. هكذا أقدمت منظمة داعش على نسف وتفجير مراقد الأنبياء الكرام ليونس وجرجيس وشيت – عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام – في الموصل .
في بدايات الشهر الماضي شنت عصابات منظمة داعش الإجرامية على مدن ربيعة وزمار وسنجار ، ثم مناطق ومدن أخرى من إقليم كردستا العراق .. ففي ربيعة وزمار وسنجار ، بخاصة في سنجار إرتكبت منظمة داعش المتوحشة جرائم بشعة وشنيعة بحق شعبنا الكردي فيها ، بخاصة بحق الكرد الإيزيديين ، حيث أقدمت منظمة داعش على إعمال القتل الجماعي والنحر الجماعي فيهم  ، والعدوان على الأعراض ، وهكذا خطف وسبي أكثر من [ 1500 ] بنتا وإمرأة كردية إيزيدية ، ومن ثم بيعهن في أسواق النخاسة الداعشية في الموصل وومناطق من كركوك التي تحتلها ، وفي المناطق التي تحتلها في سوريا أيضا ، مع سلب ونهب أموالهم . علما إن منظمة داعش إرتكبت الجرائم المذكورة بحق الكرد المسلمين والتركمان المسلمين الشيعة في سنجار وتلعفر أيضا . بالحقيقة إن منظمة داعش المجرمة حاولت إبادة الكرد الإيزيديين في سنجار ، لهذا حاصرت عشرات الآلاف منهم في جبل سنجار ، حيث مات الكثير منهم : من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ بسبب إنعدام الأغذية والمياه وحليب الأطفال  . هذا بالإضافة الى جرائم وحشية أخرى إرتكبتها العصابات الخوارجية الداعشية في العراق ضد المسلمين الشيعة ، منها قتلهم الجماعي ل[ 1700 ] تلميذ في مدينة تكريت في الشهرين الماضيين ، وذنبهم الوحيد إنهم كانوا ينتمون للمذهب الشيعي ! .
أين كان الشيخ وجدي غنيم ورفاقه من جميع هذه المجازر الدموية والمذابح المروعة والأعمال الوحشية والفظيعة التي آرتكبتها دولته الخوارجية الداعشية المارقة كل المروق عن الاسلام والمسلمين والقيم الانسانية بشكل عام ...؟ لماذا لم يصدر بيانا إستنكاريا واحدا فقط ..؟ لماذا إختار الصمت والسكوت كأهل القبور حيال الشنائع التي تقوم بها دولته الداعشية المتوحشة ، والتي قَلَّ مثيلها في تاريخ بني البشر ...؟ ألا يعلم الشيخ وجدي غنيم وأمثاله بأن { الساكت عن الحق شيطان أخرس } ..؟ ، وألا يعلم بأن { المسلم من سلم الناس من لسانه ويده } كما جاء في الحديث النبوي الشريف ..؟ وألا يعلم بأن زهق نفس واحدة وقتلها بدون حق هو كقتل الناس جميعا ، ومن أحياها وكان سببا في إحيائها كأنما أحيى الناس جميعا ، مثل قرره القرآن الكريم ..؟ ثم ألا يعلم بأن من مقاصد وغايات الشريعة الاسلامية الأساسية هو صون الدماء والأنفس والأعراض والأموال والحقوق والكرامات للناس كلهم ، وذلك بغض النظر عن دين ، أو معتقد ، أو مذهب ، أو جنس ، أو لون ، أو قومية ، أو غيرها من الاعتبارات ...؟
أخيرا على جماعة الإخوان المصرية أن تبين موقفها رسميا من الشيخ وجدي غنيم في إدانة وشجب بيانه الخوارجي – الداعشي الجائر ، لأنه أحد أقطابها أولا ، ثانيا : عليها أن تبين موقفها من منظمات القاعدة وداعش والنصرة أيضا !

Share |