مريدي بين الماضي والحاضر-عقيل الموسوي ـ المانيا
Sat, 10 Sep 2011 الساعة : 11:30

اقاموا الدنيا ولم يقعدوها حين كان النشاط الاشعاعي لسوق مريدي وسوق البنت التي فقدت عينها ( سوق العوره ) على أوج عظمتهما وقبل أن يتوسع المستثمرون فيهما بأفتتاح سوق اخر خلف السدةِ أسموه سوق الحراميه , فقد اصبح الحديث عن تلك الاسواق يفوق الحديث عن مفاعل تشرنوبل , بينما لم يكن المستثمرون في تلك الاسواق سوى بضع عشرات من المساكين الذين تقطعت بهم السبل , وكان اغلبهم من ( الفراريه ) أو من الذين تسرحوا من الجيش فجأةً دون ان تكون لهم وظائف يرتشون من خلالها أو مصدر رزق ثابتٍ أو حتى مهنةٍ يتكئون عليها أو يدرؤون بها ايام الحصار الظالمه , وكان اذا ماتعرض محل احد التجار او مخزنه للسطو المسلح أو ( السلاح سز ) فأنه يهرع وحاشيته وزبانيته الى اناسٍ بعينهم أولئك الذين يسيطرون على الاسواق آنفة الذكر ويحركونها بالخفاء فيتم ( برطلتهم ) بمبلغ من المال لا يساوي اكثر من عفطة عنزٍ سواء كان للتاجر او السمسار , تعود فيه البضاعة المزجاة ناقصةً في اكثر الاحيان كيلا يسيرا , فيعود المسروق ببضاعته مصحوباً بـ بوسةٍ على رأسه أن لم يكن اصلعاً مثلي , وكان الجميع يلعن ابو الساعه السوده التي جرّت البلاد والعباد الى هذا الوضع دون القاء اللوم على الحكومةِ حينها , ولا حتى على أصغر رفيق تمرّس في السقوط والانحلال على يدي حيدر الملّا , وقد تهافتت علينا الفتاوى تترى من كل حدب وصوب بتحريم البيع والشراء والوساطة والتجوال والحديث عن تلك الاسواق لأنها من موهنات المذهب , والتي تجلب السمعة السيئة لنا , فضلا عن اعطائها العذر للحكومة وزبانيتها أنْ توغل فينا اكثر واكثر , ولكي لا يذهب فكر القارئ الكريم بعيداً ويقع في البعض المأثوم من الشك اقسم بالله العظيم أني لا أعرف من تلك الاسواق الّا اسماؤها , كما اني لم ادخلها لا سارقاً ولا مسروقا.
وانتبهناااااا بعد ما صاااااااار السقووووووووط ... ترِرِرِرِرِرِيييييييين
حتى جاء وقت السقوط , أو هكذا يقال على الاعوام التي تلت 2003 , ولا أدري بِمَ يقترن اسم السقوط , هل بسقوط الصنم أم سقوط بغداد أم سقوط الاخلاق ؟؟؟ , وأذا بسوق مريدي وفروعه تتحول بين ليلةٍ وضحاها والعقود وما تلاها الى اسواق من نوع اخر , فبدل ان كان الموقع خلف السدةِ اصبح الموقع خلف الحدود , في حين تغيّر الحراميةُ من مجموعة فراريه الى الى مجموعات من المافيا المدعومة من قِبَل اعضاء بارزين في الحكومة والبرلمان وميليشيات الاحزاب الحاكمةِ , بينما استُعيضَ عن سرقة المحل بسرقة وطن , ليصبح المسروق شعباً كاملاً بعد أن كان تاجراً واحداً , فيما تحول السمسار الذي يحرك السوق بالخفاء الى دولةٍ متاخمةٍ للعراق أو تبعد الاف الكيلو مترات أحيانا , من جهةٍ اخرى نجد اموراً قد اختفت نهائياً وسقطت من كل حسبان , منها ان البضاعة المسروقة لا يمكن استعادتها ولو دُفع برطيل مماثلٌ لها في النوع والكم والقيمةِ الماليةِ والباميا الرأسماليه , بل ان العمليةَ اصبحت بشكل معكوس , أذ اصبح من حق السارق ان يتملّك ما سرق تحت فتوى وضع اليد على اموالٍ مجهولة المالك أضافة الى أعتذارٍ له بسبب تشويه سمعته ثم يحال الى التقاعد ان كان موظفاً اكراماً لجهوده المبذولة ولكي يتفرغ لممارسة تجارته في النصب والاحتيال , كما يُلاحظ أختفاء ظاهرة اخرى من الساحات المريديةِ الحديثة وهي ظاهرة الفتاوى الدينيه المحرِّمة لنشاطات الاسواق تلك , امّا السادة اصحاب تلك الفتاوى فقد اطمأنوا على مايبدو بأن السوق الجديد قد اُسّس على التقوى فتحولوا الى الافتاء في النجاسات وتوضيح معنى وحجم الكُر