الأنقلابيين , والمفهوم المنطقي للتغيير/حسين الشويلي
Sun, 9 Nov 2014 الساعة : 9:02

في الثمان سنوات الماضية من عمر العراق السياسي - مَن صنع الأزمات هو مَن كان يعارض الحكومة , هكذا لابد أن تقرأ الأحداث ,, لأن نظامنا السياسي كان يمثل الشرعية الوطنية ,, والطرف المختلف مع هذا النظام يسعى لتقويض هيبة الدولة وسلب ثقة الناس عنها من خلال بث الأشاعات والأكاذيب في الساحة الأجتماعية لخلق حالة من التمرد أو التشاؤم .
والواقع المأساوي الذي نعيشه بكل تفاصيله هو نتيجة متوقعة لأسباب لايمكن أغفالها . وواحدة من أهم تلك الأسباب الموضوعية هو انّ مجلس النواب كان الشريك الأهم للمالكي , وهذا الشريك قد كان يتحرك وفق ترتيبات حزبية لاعلاقة لها بالوطن . وأحزاب لها أجندات أخرى تماماً غير أستحقاقات المواطنة .
فالمالكي لم يجد الشريك الحقيقي , فالكل تتجه نحو العداوة , وأنطلقت تلك العداوات وبدأت بالتدحرج منذ تولي المالكي رئاسة الحكومة مرّت بمراحل منها - رفض كل مشروع يقدمه المالكي للبرلمان ومن أشهرها مشروع البنى التحتية , وتسليح الجيش , وتعطيل الموازنة التي تمثّل الأداة التشغيلية للحكومة ) حتى وصلت الى تسليم أجزاء من العراق الى أخطر مجموعة أرهابية عالمية , ومن البديهي لم يكن لولا حاخامات الشريعة البعثية المتواجدون في البرلمان ومجالس المحافظات , والمراهقة السياسية الشيعية وأنزواء القوى العلمانية والطموح الغير شرعي للحزب الديمقراطي الكردستاني .
كل هذه المعطيات أجتمعت لتكوّن واقعنا السياسي والأمني الحالي .
أنّ مشكلة المالكي مع الشركاء كانت بكل وضوح أنّه كان يحمل مشروعاً وطنياً ,, نادى به منذ سنوات ويعرف بمشروع حكومة الأغلبية السياسية , كذلك يتحدث عن منجزات , وهم يتحدثون عن مناصب سياسية . وقد قادهم هذا التهافت الى أستبدال المفهوم الديمقراطي والمنطقي لتوزيع المناصب السياسية الى مصطلح لاينتمي لأي من قواميس الديمقراطيات - بما يعرف بحكومة المقبولية الوطنية - فخرجوا على الأستحقاقات الأنتخابية والديمقراطية التي جعلوها قبل الأنتخابات بين أتباعهم وفي أعلامهم من المحرمات السياسية , لكنّهم تمردوا عليها في مكان,, آخر وكفروا بها .
حينما وجدوا أنها ستمنح المالكي ولاية ثالثة !
يمكن أن نعمل تقييماً للمالكي من خلال الطرف الآخر , فالذي أستطاع أن يحرز عداء كل الحركات المصنّفة على قائمة الأرهاب , وحكومات أقليمية راعية للأرهاب الدولي , وأستطاع أن يحتل مساحات من نشرات الأخبار وأعمدة الصحافة المرتبطة عضوياً من خلال الدعم المادي بالحكومات المتورطة بدعم الأرهاب , وأقيمت لأجله الندوات والمؤتمرات وكان آخرها مؤتمر عمان .
فلهذا الكم من العداءآت رمزية وهي أنّ هذا السياسي لابدّ وأنه يمثل مشروعاً وطنياً , والتنازل عنه في هذه الضروف هو تنازل عن مشروع,, وطني . وللأجل هذا المشروع الذي يمثل الجزء الأصلب في نظامنا السياسي الذي يتعرض الى تهديد كياني من قبل عصابات البعث -وداعش الأرهابية - كان لابد أن نؤكد على البُعد الوطني والديمقراطي في التمسك بالمالكي لولاية ثالثة .
فالمحافظة على تلك العداوات هو دليل واضح على وطنية الحكومة , لأنها على الطرف الآخر من المعركة مع قوى تمثّل الأستبداد والتطرف الديني والتخلف وألارهاب .
وفي كلمة للمالكي أوضح ( أن الحديث عن أمكانية تغليب لغة الحوار أمر مرفوض لأننا لانتحاور مع الأرهابيين ) , فقد حدد مشروعه الوطني المقبل بهذه الجملة التي تعني الكثير لمن كان هاجسه الهم الأمني .
وأما حول الطلب الذي تقدّمت به المرجعية المباركة بضرورة التغيير _ فالذين قد عنتهم رؤية المرجعية قاموا على تقّويل المرجعية لتثبيت أنفسهم في الحكومة الحالية , فحقيقة ما حدث كان أسوء مما يتصوّر , كان أنقلاباً على الحوزة العلمية وتسويقاً لفكرة على أنها خصماً للمالكي وحزبه , وسحق أفضل مكسب أحرزه العراق بعد السقوط وهو مبدأ الأنتخابات .
وبعد هدوء الجعجعة التي تلت الأنتخابات وبعد طلب المرجعية لضرورة التغيير , لم يتغير الاّ المالكي ! وبتنازل منه أصغاءا" لرغبة المرجعية .
اليس يُفهم من كلمة تغيير أنها تعني معنى أشمل من تغيير لفرد,, واحد ؟ الكل يتفق على أنّ المرجعية لاتطلق الفتاوى جزافا" وبطريقة أرتجالية _ أنها مرجعية واعية وغير منحازه وهذا أمرٌ مفروغٌ منه , أذاً كيف تأمرنا بالمشاركة بالأنتخابات وبعدها تقوم هي نفسها على رفض ما أفرزته من نتائج ؟! كيف تأمر بمقدمة وترفض النتيجة ؟
لأبد أن يُفسر رأي المرجعية على نحو,, لايتعلق بنتائج الأنتخابات , بمعنى آخر لاصلة له بالمالكي . بل الى تغيير لا يتناقض مع رغبتها ورؤيتها . فالتفسير الخاطئ لرؤية المرجعية لضرورة التغيير , أحدثت هذه القراءة الخاطئة هزّات أجتماعية عنيفة تطورت الى مايشبه السخط والتمرد على مرجعية السيد السستاني - دام ظله -
.. وبعد أن أصاخ المالكي لنداء المرجعية وتنازل عن حق ناخبيه , في تحديد نوع النظام السياسي الذي يريدوه ونوع الحكومة -وكانت الأغلبية تتطلع لحكومة الأغلبية السياسية . وهو التعريف الواقعي والمنطقي لمفهوم , التغيير ,
فالمحاصصة السياسية تقابلها - حكومة تكنوقراط أو أغلبية سياسية _ وليس معناه جلب النائب الذي لم يحضر الا جلسة واحدة طوال عمر مرحلة نيابية كاملة ليكون نائباً لرئيس الجمهورية ! وتحريك صالح المطلك من نائب لرئيس الوزراء الى وزير للهجرة والمهجرين - أبعاد السيد هادي العامري ووضع مكانه باقر جبر صولاغ , أهذا التغيير الذي لأجله أُطيح بنتائج الأنتخابات ؟ ولأجله خصصت المرجعية أكثر من خطبة لتأكيده ؟
فالأشخاص هم الأشخاص والألية السابقة في تعيين الوزراء مازالت حاضرة .
(( كتب أحد الأساتذة = فؤاد معصوم يصل الى البرلمان زحفاً , حنان الفتلاوي تصل الى البرلمان بأصوات أكثر من كتلتين داخل التحالف الوطني ومن مدينة واحدة, ولكن النتيجة يكون معصوم (المبعوث السامي لشيخ العشيرة مسعود) رئيساً للجمهورية.))
أن الأنقلابيين سعوا لتمرير مياههم من تحت قناطر الشعب ونجحوا بأمتياز , بخداعهم بأن أدارة المالكي للملفات ( فاشلة ) , وأستغلّوا طلب المرجعية الى التغيير الى أبعد مدى , وحقيقة التغيير التي نادت بها المرجعية الدينية بوضوح ما جاء اليوم في خطبة الجمعة ( الخصومات والمشاكسات السياسية والفساد الأداري والمالي لابد أن تنتهي لأنها أثرت سلباً على الواقع الأمني والخدمي ) .
ماذا بنى المبشرون بحكومة المقبولية الوطنية ؟
سحق مفهوم الأنتخابات وليس نتائج الأنتخابات فقط , أحداث هزّات أجتماعية عنيفة , بسبب تكديس كل الأخطاء والمشاكل حول دولة القانون المدعومة من قبل الشريحة الشيعية الواعية .
أقحام المرجعية في مناكفاتهم السياسية والتي أصرّت المرجعية أن تنأى بنفسها عن لهاث الساسة صوب المناصب . والأخطر بدأت أصوات تطل برأسها من هنا وهناك بضرورة أبعاد المراجع عن التدخل بأي شيئ سوى الأمور الدينية الفقهية !
أنقلابيون وأن أقسموا على حماية أرض وسماء ومياه العراق ودستور العراق , والتداول السلمي للسلطة .
ونحن في ظل حكومة التغيير الفاشلة
علينا أن نعي كل الوعي بأن خلاصنا الوحيد والنهائي من هذا الدرك الذي وصلنا اليه هو الخيار المنطقي الذي تمثله , حكومة الأغلبية السياسية , ومغادرة المنظومة الوراثية في السياسة ..