نشأة يزيد و نشأة الإمام الحسين عليه السلام !-الحلقة الأولى و الثانية/سيد صباح بهبهاني

Mon, 27 Oct 2014 الساعة : 14:27

المقدمة|

يا تري إذا كان هكذا قادة الأمة و ولاة أمورها فماذا ينتظر أن يكون وضع الأمة و مستقبل حياتها؟
 قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مشيرا إلى تأثير سلوك القيادة علي حياة الأمة و مسيرتها:<< و قد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي علي الفروج و الدماء....
فالأمة تعيش أحوالاً عصيبة، قد تكون أحرج أيام مرت بها عبر التاريخ.. وهي أحوج ما تكون إلى الدواء الناجع المآسي والفتن التي أقعدتها عن القيام بواجبها .
ومهما يكُ من شيء فإن هذه الأمة أمة مباركة موعودة بالنصر والتمكين متى توكلت على الله، وأخذت بالأسباب .
وهذا الدين أنزله الله - عز وجل - وبعث به الرسول }لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ{ [التوبة: 33 ]
أما التعامل مع هذه المآسي والمصائب والفتن فهو مبين في كتاب الله - عز وجل - وسنة نبيه. وثمة طرق كثيرة تعين - بإذن الله - على حسن التعامل مع المآسي والفتن والمصائب، والخروج منها بأمان، وفيما يلي جملة من هذه الطرق التي تحدث عنها علماء ومفكرون ومؤرخون، ومارسها وطبقها قادة الأمة العظماء عبر تاريخها الحافل بالعبر والعظات، مستندين جميعاً إلى شريعة الإسلام ومقاصده .

 بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب /33 .
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران:61 .
﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ آل عمران:59-62 .
﴿من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلّامٍ للعبيد﴾ فصلت:46 .
هذا الحديث لم يخرجه البخاري ولا مسلم ولا أبو داوود، ولكن أخرجه الترمذي عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ((حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط)) قال الترمذي: هذا حديث حسن .
رواه الترمذي عن أسامة بن زيد قال: طرقت النبي ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال))هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما((  قال الترمذي هذا حديث حسن .

وفي تناقضات الألباني الواضحات للسقاف:1/74: (حديث يعلى بن مرة مرفوعاً: (حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط) رواه الترمذي، وهو حسن الإسناد. قلت: صححه الألباني فأورده في سلسلته الصحيحة:3/229 برقم1227وهو متناقض حيث ضعفه في تخريج مشكاة المصابيح:3/1738برقم 6160، قائلاً: وإسناده ضعيف. اه‍ !!.

وقال ابن كثير في والنهاية:8/224: ( ثم قال (أي الترمذي): حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبدالله بن عثمان بن خيثم ، عن سعيد بن راشد عن يعلى بن مرة . قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط .
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن. ورواه أحمد عن عفان عن وهب عن عبد الله بن عثمان بن خيثم به. ورواه الطبراني عن بكر بن سهل ، عن عبد الله بن صالح ، عن معاوية بن صالح بن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين سبطان من الأسباط . وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري . قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ). انتهى .
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق:14/148،وص149، وابن الأثير في أسد الغابة:2/19 .
(6) روى البيهقي في سننه:3/337 قال: (وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنبأ عبد الله بن جعفر ، ثنا يعقوب بن سفيان ، حدثني أبو الأسود النضر بن عبد الجبار ، أنبأ ابن لهيعة ، عن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما كسفت الشمس كسفة بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي!. انتهى. أي أنها القيامة !
وفي مجمع الزوائد للهيتمي:9/196: (وعن أم حكيم قالت قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية فمكثت السماء أياماًمثل العلقة.رواه الطبراني ورجاله إلىأم حكيم رجال الصحيح .
وعن جميل بن زيد قال: لما قتل الحسين احمرت السماء قلت أي شئ تقول قال ان الكذاب منافق ان السماء احمرت حين قتل . رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه .
وعن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي . رواه الطبراني وإسناده حسن .
وفي المصنف لابن أبي شيبة:8/633: (262- حدثنا علي بن مسهر عن أم حكيم قالت: لما قتل الحسين بن علي وأنا يومئذ جارية قد بلغت مبلغ النساء أو كدت أن أبلغ ، مكثت السماء بعد قتله أياما كالعلقة .
وقال القرطبي في تفسيره:16/141: (قال السدي: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بكت عليه السماء ، وبكاؤها حمرتها .
وحكى جرير عن يزيد بن أبي زياد قال: لما قتل الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما احمر له آفاق السماء أربعة أشهر . قال يزيد: واحمرارها بكاؤها .
وقال محمد بن سيرين: أخبرونا أن الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما . وقال سليمان القاضي: مطرنا دماً يوم قتل الحسين .

وقال ابن حجر في تلخيص الحبير:5/84: ( روى البيهقي عن أبي قبيل أنه لما قتل الحسين كسفت الشمس كسفةً بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي هو) انتهى .
ورواه بنحوه الطبراني في المعجم الكبير:3/113 و119 وابن عساكر:14/228 و229 ، والمزي في تهذيب الكمال: 6/432 و433 ، والمناوي في فيض القدير:1/265، وعلي بن محمد الحميري في جزئه ص31 ، والنووي في المجموع:5/59 ، وفي روضة الطالبين: 1/598، والرافعي في الفتح العزيز:5/83، والشربيني في مغني المحتاج:1/320، والشرواني في حواشيه:9/67

وروى البخاري في التاريخ الكبير:4/129: ( عن سليم القاص قال: مطرنا أياماً أو يوم قتل الحسين دماً . سمع منه حماد بن سلمة وإسماعيل بن إبراهيم أبو إبراهيم ).

أجمع المؤرخون أن يزيد بن معاوية قد نشأ و تربي في البادية عند خؤولته بني كلاب، و هذه القبيلة كانت نصرانية الاتجاه فتربي تربية مزيجة من أفكار و عادات مسيحية و من عادات و أهواء البادية. تلك الأجواء البعيدة عن منابع الفكر الإسلامي و ثقافة القرآن و السنة، (و كان مرسل العنان مع شبان هم الماجنين، فتأثر بسلوكهم إلى حد بعيد، فكان يشرب معهم الخمر و يلعب معهم بالكلاب)  [1 ]
يقول عبدالله العلايلي: (اذا كان يقينا أو يشبه اليقين أن تربية يزيد لم تكن إسلامية خالصة، أو بعبارة أخري: كانت مسيحية خالصة فلم يبق ما يستغرب معه أن يكون متجاوزا مستهترا مستخفا بما عليه الجماعة الإسلامية لا يحسب لتقاليدها و اعتقادها أي حساب و لا يقيم لها وزنا، بل الذي يستغرب أن يكون غير ذلك).  [2 ]
فان ذلك أمر طبيعي و نتيجة طبيعية لتلك النشأة و تلك الأجواء الأعرابية التي تكونت فيها المقومات لشخصية يزيد، فلم يستطع تجاوزها و التستر بها، و كان متجاهرا و ولعا باللعب بالقرود و الكلاب و مدمنا علي شرب الخمر .
يقول السيد مير علي الهندي: (كان يزيد غدارا كأبيه و لكنه ليس داهية مثله، كانت
 تنقصه القدرة علي تغليف تصرفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، و كانت طبيعته المنحلة و خلقه المنحط لا تتسرب إليهما شفقة و لا عدل)  [3 ]
و قد حاول معاوية بأن يغير ابنه مظاهر سلوكه العلني ليستطيع اقناع الناس بأن ابنه مؤهل لأن يحكم المسلمين من بعده، فقال له: (يا بني، ما أقدرك علي أن تصير إلى حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك و قدرك، ثم أنشده :
انصب نهارا في طلاب العلي
 و اصبر علي هجر الحبيب القريب
حتي اذا الليل أتي بالدجا
 و اكتحلت بالغمض عين الرقيب
فباشر الليل بما تشتهي
 فانما الليل نهار الأريب
 كم فاسق تحسبه ناسكا
 قد باشر الليل بأمر عجيب)  [4 ].
هكذا أراد معاوية لولده بأن يلبس نهارا لباس الفضل و النسك و التقوي و اذا ما جن عليه الليل أطلق عنان شهواته و غرائزه في كل ميدان من ميادين الملذات التي تحيي بها الليالي الحمراء في حياة أهل الفسوق و المجون .
هذا هو السلوك الأمثل - في نظر معاوية - لولي أمر المسلمين، إلا أن معاوية لم يفلح في تغيير سلوك ابنه و تغليفه باللباس الخادع، بل استمر يزيد في طريقة حياته المفضوحة و استهتاره المكشوف .
يا تري إذا كان هكذا قادة الأمة و ولاة أمورها فماذا ينتظر أن يكون وضع الأمة و مستقبل حياتها؟
 قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مشيرا إلى تأثير سلوك القيادة علي حياة الأمة و مسيرتها:» و قد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي علي الفروج و الدماء
و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، و لا الجاهل فيضلهم بجهله، و لا الجافي فيقطعهم بجفائه، و لا الحائف للدول فيتخذ قوما من دون قوم، و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق و يقف عند المقامع، و لا المعطل للسنة فيهلك الأمة.» [5 ].

فلا ينتظر بأمة يكون أمرها بيد شخص مثل يزيد بن معاوية الا الانحدار المميت .
و العجب أنك تري برغم هذه الحقائق التاريخية التي تعرف شخصية يزيد تري من يدافع عن هذا التاريخ الأسود تاريخ يزيد و سائر الأمويين، و يحاول أن يصور يزيد بن معاوية و كأنه ذلك الإنسان المثالي و الحاكم الأمثل في تاريخ المسلمين .
فكأنما عقمت الأمة ليس فيها عظماء و قادة تقدمهم لسائر الأمم و الشعوب كنماذج إسلامية يمثلون الواجهة الحضارية للإسلام، و عقم تاريخ المسلمين فلم ينتج إلا أمثال يزيد بن معاوية و الحجاج بن يوسف الثقفي حتى تدافع عنه من خلال الدفاع عن هؤلاء . ونرجع لصلب الموضوع وقبل أن نرجع للموضوع نكتب شيء عن حياة الإمام الحسين لنقارن للمغشوشين بالوهابية والناصبية من هو الإمام الحسين عليه السلام ومن هو الملعون يزيد الذي كتبنا عنه نبذة ولو هو لا يستحق أن نكتب عنه ولكن التاريخ يجبرنا لان المجرم هو سبب زرع البلبلة وتفريق الصف الإسلامي !!! هو الفرق بين الإمام الحسين المؤمن والفاسق الفاجر يزيد بن معاوية ......ونعود لتاريخ حياة الإمام الحسين !
الإمام الحسين ( ع ) امتنع من بيعة يزيد
فكيف كان يزيد في أفعاله وأقواله ؟
 ولماذا أبى الإمام أن يبايعه ؟ وهل كان يعرف مصيره حين أبى ؟
 وماذا كان أثر استشهاده على الإسلام والمسلمين ؟

في ما يلي نحاول تفهم كل ذلك من خلال كتب الحديث والسيرة أن شاء الله تعالى .
أولا : يزيد في أفعاله وأقواله في تاريخ ابن كثير : كان يزيد صاحب شراب ، فأحب معاوية أن يعظه في رفق ، فقال : يا بني ما أقدرك على أن تصل حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك ويشمت بك عدوك ويسئ بك صديقك ، ثم قال : يا بني اني منشدك أبياتا فتأدب بها وأحفظها فأنشده :
انصب نهارك في طلاب العلا * واصبر على هجر الحبيب القريب
 حتى إذا الليل أتى بالدجا * واكتحلت بالغمض عين الرقيب
 فباشر الليل بما تشتهى * فانما الليل نهار الاريب
 كم فاسق تحسبه ناسكا * قد باشر الليل بأمر عجيب
 غطى عليه الليل أستاره * فبات في أمن وعيش  خصيب
) ولذة الأحمق مكشوفة * يسعى بها كل عدو مريب ( 1
وقال : وكان فيه أيضا إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات ، في بعض الأوقات ، واقامتها في غالب الأوقات ( 1 ).

لما أراد معاوية أن يأخذ البيعة ليزيد من الناس ، طلب من زياد أن يأخذ بيعة المسلمين في البصرة ، فكان جواب زياد له : ما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد ، وهو يلعب بالكلاب والقرود ، ويلبس المصبغات ، ويدمن الشراب ، ويمشى على الدفوف وبحضرتهم الحسين بن على ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عمر ، ولكن تأمره يتخلق بأخلاق هؤلاء حولا أو حولين فعسينا أن نموه على الناس ( 2 ).
فاغزى معاوية يزيد الصائفة مع الجيش الغازي الروم " فتثاقل وعتل وأمسك عنه ابوه " ( 3 ) فأصاب المسلمين حمى وجدري في بلاد الروم ويزيد حينذاك كان مصطبحا بدير مران مع زوجته أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر ، فلما بلغه خبرهم قال :

إذا ارتفقت على الأنماط مصطبحا * بدير  مران عندي أم كلثوم
 ) فما أبالي بما لاقت جنودهم * ب‍ ( الغد قدونة ) من حمى ومن موم ( 4
وبعده في معجم البلدان : فبلغ معاوية ذلك فقال : لا جرم ليلحقن بهم ويصيبه ما أصابهم والا خلعته فتهيأ للرحيل وكتب إليه :
تجنى لا تزل تعد ذنبا * لتقطع حبل وصلك من حبالي
 فيوشك أن يريحك من بلائي * نزولي في المهالك وارتحالي ( 5 )
وأرسل معاوية يزيد إلى الحج وقيل بل أخذه معه فجلس يزيد بالمدينة على شراب فاستأذن عليه عبد الله بن العباس والحسين بن علي فأمر بشرابه فرفع ، وقيل له : أن ابن عباس أن وجد ريح شرابك عرفه ، فحجبه وآذن للحسين ، فلما دخل وجد رائحة الشراب مع الطيب ، فقال : ما هذا يا ابن معاوية ؟ فقال : يا أبا عبد الله هذا طيب
يصنع لنا بالشام ثم دعا بقدح فشربه ثم دعا بقدح آخر فقال : اسق أبا عبد الله يا غلام . فقال الحسين : عليك شرابك أيها المرء . . . فقال يزيد :
ألا يا صاح للعجب * دعوتك ثم لم تجب
 إلى القينات واللذا * ت والصهباء والطرب
 وباطية مكللة * عليها سادة العرب
 وفيهن التي تبلت * فؤادك ثم لم تتب
فوثب الحسين عليه وقال : بل فؤادك يا ابن معاوية تبلت ( 1 ) .
وحج معاوية وحاول أن يأخذ البيعة من أهل مكة والمدينة فأبى عبد الله بن عمر وقال : نبايع من يلعب بالقرود والكلاب ويشرب الخمر ويظهر الفسوق ، ما حجتنا عند الله ؟ وقال ابن الزبير : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقد أفسد علينا ديننا ( 2 )
وفي رواية : إن الحسين قال له : كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا أو تخبر عما كان احتويته لعلم خاص وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه فخذ ليزيد في ما أخذ من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش والحمام السبق لاترابهن ، والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي تجده ناصرا ودع عنك ما تحاول ( 3 ) . انتهى .
قال المؤلف لست ادري هل كان هذا الحوار من سبط النبي مع معاوية وحوار ابن الزبير وابن عمر معه في مجلس واحد أو في مجلسين ، ومهما يكن من أمره فان معاوية لم يستطع ان يأخذ البيعة من هؤلاء واستطاع أن يأخذ البيعة من أهل الحرمين ويموه عليهم أمر العبادلة في بيعة ابنه وارتحل عنهم .
وجدنا يزيد في سفريه إلى الحج والغزو يتظاهر باللامبالاة بالمقدسات الإسلامية وعدم الاكتراث بنكبة الجيش الإسلامي الغازي ، خلافا لرغبة أبيه معاوية ووصية دعيه زياد أن يتظاهر بالتخلق بالأخلاق الإسلامية حولا أو حولين عساهم أن يموهوا
على الناس أمره ولم يكتف بذلك حتى نظم في سكره واعلام أمره ما سارت به الركبان
وأكثر يزيد من نظم الشعر في الخمر والغناء مثل قوله :
معشر الندمان قوموا * واسمعوا صوت الأغاني
 واشربوا كأس مدام * واتركوا ذكر المثاني ( 1 )
شغلتني نغمة العيدان * عن صوت الأذان
 وتعوضت من الحور * عجوزا في الدنان
وقوله :
ولو لم يمس الأرض فاضل بردها * لما كان عندي مسحة للتيمم
واظهر ذات صدره في قصيدته التي يقول فيها :
عليه هاتى وأعلني وترنمي * بذلك إنى لا أحب التناجيا
 حديث ابى سفيان قدما سما بها * إلى أحد حتى أقام البواكيا
 الا هات سقينى على ذاك قهوة * تخيرها العنسي كرما شاميا
 إذا ما نظرنا في أمور قديمة * وجدنا حلال شربها متواليا
 وان مت يا أم الاحيمر فانكحي * ولا تأملي بعد الفراق تلاقيا
 فان الذي حدثت عن يوم بعثنا * أحاديث طسم تجعل القلب ساهيا
 ولا بد لى من أن ازور محمدا * بمشمولة صفراء تروى عظاميا
إلى غير ذلك مما نقلت من ديوانه . انتهى نقلا عن تذكرة خواص الأمة ( 2 ) .
يخاطب يزيد في هذه القصيدة حبيبته ويقول لها : ترنمي وأعلني قصة ابي سفيان لما جاء إلى أحد وفعل ما فعل ، حتى أقام البواكي على حمزة وغيره من شهداء أحد ، اعلني ذلك ولا تذكريه في نجوى ، واسقني على ذلك خمرا تخيرها الساقي من كروم الشام .
فأنا إذ نظرنا في أمور قديمة من أعراف قريش وآل أمية في الجاهلية وجدنا حلالا شربها متواليا وأما ما قيل لنا عن البعث فهي من قبيل أساطير ( طسم ) تشغل ..
قلبنا فلا بعث ولا نشور فإذا مت فانكحي بعدي فلا تلاقي بعد الموت ، ثم يستهزئ بالرسول ، ويقول : ولا بد أن القاه بخمرة باردة تروي عظامي ، كان يزيد يستهين بمشاعر المسلمين وينادم النصارى .
وروى صاحب الأغاني وقال : كان يزيد بن معاوية أول من سن الملاهي في الإسلام من الخلفاء وآوى المغنين واظهر الفتك وشرب الخمر ، وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه ، والاخطل - الشاعر النصراني - وكان يأتيه من المغنين سائب خاثر فيقيم عنده فيخلع عليه . . . ( 1 ).
كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة ( 2 ) .
وكان من الطبيعي أن يتأثر بيزيد حاشيته ويتظاهر الخلعاء والماجنون أمرهم كما ذكره المسعودي في مروجه قال : وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق ، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب .
وكان له قرد يكنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ، ويطرح له متكأ ، وكان قردا خبيثا ، وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام ويسابق بها الخيل يوم الحلبة فجاء في بعض الأيام سابقا ، فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل وعلى أبى قيس قباء من الحرير الأحمر والأصفر مشمر وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات الألوان بشقائق ، وعلى الاتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمع بأنواع من الألوان فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم .
تمسك أبا قيس بفضل عنانها * فليس عليها إن سقطت ضمان
 ألا من رأى القرد الذي سبقت به * جياد أمير المؤمنين أتان ( 3 )
وروى البلاذري عن قصة هذا القرد وقال : كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكنيه أبا قيس ، ويقول : هذا شيخ من بني إسرائيل أصاب خطيئة فمسخ
وكان يسقيه النبيذ ويضحك مما يصنع وكان يحمله على أتان وحشية ويرسلها مع الخيل فيسبقها ، فحمله يوما وجعل يقول تمسك . . . البيتين ( 1 )
واشتهر يزيد بمنادمة القرود حتى قال فيه رجل من التنوخ :
يزيد صديق القرد مل جوارنا * فحن إلى أرض القرود
 يزيد فتبا لمن أمسى علينا خليفة * صحابته الادنون منه قرود ( 2 )
وقال ابن كثير : اشتهر يزيد بالمعازف وشرب الخمور والغناء والصيد واتخاذ القيان والكلاب والنطاح بين الاكباش والدباب والقرود وما من يوم الا ويصبح فيه مخمورا : وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به ويلبس القرد قلانس الذهب وكذلك الغلمان وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيل أن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته . . . ( 3 )
وروى البلاذري عن شيخ من أهل الشام : ان سبب وفاة يزيد أنه حمل قردة على الاتان وهو سكران ثم ركض خلفها فسقط فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شئ .
وروى عن ابن عياش أنه قال : خرج يزيد يتصيد بحوارين وهو سكران فركب وبين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قردا وجعل يركض الاتان ويقول :
أبا خلف احتل لنفسك حيلة * فليس عليها إن هلكت ضمان فسقط واندقت عنقه ( 4 )
ولا منافاة بين هذه الروايات فمن الجائز أنه اركب قردة على أتان وركب هو أيضا وركض خلفه وجعل ينقزها فعضته وسقط واندقت عنقه وانقطع في جوفه شئ وهكذا استشهد الخليفة قتيل القرد .
كان هذا شيئا من سيرة يزيد ، وكان أبناء الأمة انذاك قد تبلد إحساسها وأخلدت إلى سبات عميق وما غير حالها تلك عدا استشهاد الإمام الحسين ( ع ) كما نشرحه في الباب التالي .
هذا وبعد أن عرفنا منزلة أهل البيت عليهم السلام يجب علينا أن نكون من السباقين لإعلاء ما وضعوا من نهج لنا ونسير على نهجهم بالتعاون والتآخي والتودد وبها نكون قد وصلنا لبناء وطن يجمع الكل على حبه ويداَ بيد للتعاون والتآخي ودعم المهجرين والأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين ولنتحد جميعاً لدحر الإرهابيين الخونة الذين دمروا أكثر الدول العربية منها سوريا واليمن والعراق ومصر والسودان ولبنان وكلها بجهود الخونة ملوك آل سعود آل حمد و وأكثر الخونة من حكام الخليج قطر وأخواته بمساند تركيا والصهيونية العالمية والماسونية  وأهدي لجميع من مات على الأيمان ثواب سورة الفاتحة المباركة مقرونة بالصلوات على محمد وآله وأرجو أن تصل ثوابها لروح أمي وأبي والمحسنين والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
المحب المربي
سيد صباح بهبهاني

الحلقة الثانية
الفرق بين الفاسق يزيد والإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه وعلى أبيه وجده أفضل السلام ..
عبادَ الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعِظُكم لعلّكم تذكّرون .
عبادَ الله، أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، كما أحذّركم وأحذّر نفسي من عصيانه سبحانه ومخالفة أمره، لقوله جلَّ من قائل :
﴿من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلّامٍ للعبيد﴾ فصلت:46 .
أمّا بعد: أيّها الأخوة المسلمون الأفاضل، أيّتها الأخوات المسلمات الفاضلات، يقول المولى الجليل سبحانه وتعالى في محكم كتابه العظيم: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ آل عمران:59-62 .
صدق الله العظيم، وبلّغ رسولُه الكريم، ونحن على ذلك من الشاهدين، اللّهمّ اجعلنا من شهداء الحقّ القائمين بالقسط آمين. اللّهمّ آمين .
إخواني وأخواتي، ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران:61 .
ـــ سب الإمام علي على منابر المسلمين بأمر من معاوية ...
  إصدار الأوامر من معاوية لرعيته بأن يسبوا أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام ).
انظر: صحيح مسلم 7: 120 كتاب الفضائل باب من فضائل علي. سنن الترمذي 5: 301، المستدرك على الصحيحين 3: 109 .
  ابتغاء لمرضاة معاوية كان عماله يسبّون علياّ(عليه السلام )
انظر: المستدرك على الصحيحين 1: 541، مسند أحمد 4: 369، تاريخ الطبري 124 تاريخ الخلفاء: 232 .
  قال المسعودي في مروج الذهب 3: 42: 11 ((ثم ارتقى بهم الأمر في طاعته ـ أي معاوية ـ إلى ان جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير ويهلك عليها الكبير )).
وقال ابن حجر في (فتح الباري) 7: 57: ((ثم اشتد الخطب فتنقصّوه واتخذوا لعنه على المنابر سنّة، ووافقتهم الخوارج على بغضه )).
وقال الزمخشري في (ربيع الأبرار) : ((انه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنّه لهم معاوية في ذلك)), ذكره العلامة الأميني في (الغدير) 2: 120 نقلاً عن الزمخشري .
وعن الحموي في (معجم البلدان) 3: 191: 11 ((لعن علي بن أبي طالب (رض) على منابر الشرق والغرب )).
في مجمع الزوائد 9/170 قال وعن شهر بن حوشب قال أقام رجال خطباء يسبون عليا حتى كان آخر رجل من الأنصار يقال له أنيس .
في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد  4/ 58قال :
فأما عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فإنه قال : كنت غلاما أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود فمر بي يوما وأنا ألعب مع الصبيان، ونحن نلعن عليا،  فكره ذلك ودخل المسجد، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وردي، فلما رآني قام فصلى وأطال في الصلاة - شبه المعرض عنى - حتى أحسست منه بذلك، فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي، فقلت له : ما بال الشيخ ؟ فقال لي : يا بنى، أنت اللاعن عليا منذ اليوم ؟ قلت : نعم، قال : فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضى عنهم ! فقلت : يا أبت، وهل كان على من أهل بدر ! فقال : ويحك ! وهل كانت بدر كلها إلا له ! فقلت : لا أعود، فقال : الله أنك لا تعود ! قلت : نعم فلم ألعنه بعدها ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة، وأبى يخطب يوم الجمعة - وهو حينئذ أمير المدينة - فكنت أسمع أبى يمر في خطبه تهدر شقاشقه، حتى يأتي إلى لعن علي عليه السلام فيجمجم، ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به، فكنت أعجب من ذلك، فقلت له يوما : يا أبت، أنت أفصح الناس واخطبهم، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك، حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل، صرت ألكن عليا ! فقال : يا بنى، إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم، لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك لم يتبعنا منهم أحد فوقرت كلمته في صدري، مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغرى، فأعطيت الله عهدا، لئن كان لي في هذا الأمر نصيب لأغيرنه، فلما من الله على بالخلافة أسقطت ذلك، وجعلت مكانه : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ، وكتب به إلى الآفاق فصار سنة .
  وفي تاريخ مدينة دمشق 56/309 قال :
عن حجر المدري  قال قال لي علي كيف بك إذا أمرت أنا تلعنني قلت أو كائن ذلك قال نعم قلت فكيف أصنع قال العن ولا تتبرأ مني فأقامه محمد  بن يوسف إلى جنب المنبر يوم الجمعة فقال له العن عليا فقال إن الأمير محمد بن يوسف أمرني أنا ألعن عليا العنوه لعنه الله قال فلقد تفرق أهل المسجد وما فهمها إلا رجل واحد رواها خلف بن سالم عن عبد الرزاق عن أبيه أنا حجر المدري ولم يذكر عبد الملك ابن خشك أنبأنا بها أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي أنا محمد بن علي العشاري نا أبو القاسم عمر بن ثابت بن القاسم نا علي بن أحمد بن علي بن أبي قيس نا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني خلف بن سالم عن عبد الرحمن عن أبيه أن حجر المدري قال قال لي علي كيف بك إذا أمرت أنا تلعنني قلت وكائن ذلك قال نعم قلت فكيف أصنع قال العن ولا تتبرأ مني قال فأمره محمد بن يوسف أنا يلعن عليا فقال إن الأمير أمرني أنا ألعن عليا محمد بن يوسف فالعنوه لعنه الله قال فعماها على أهل المسجد قال فما فطن لها إلا رجل واحد
أخرج الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله تعالى: عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص أنّ معاوية بن أبي سفيان قال لأبيه سعد، والتعبير: <<أمر سعداً، فقال ما منعك أن تسبَّ أبا التراب؟>> أي أمره بسبِّه، فامتنع سعدٌ كما هو ظاهر الحديث، فقال سعد  : <<أمّا وقد سمعتُ ثلاثاً من رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم يقولهنّ له، فلا أسبُّه>>، يعني بعدما سمعتُ النبيّ عليه الصلاة وأفضل السلام يقول لعليٍّ عليه السلام ثلاثة أشياء فلن أسبَّه، لأنّ مثله لا يُسبّ. <<سمعته يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه وهي غزوة العُسرة أو تبوك في السنة التاسعة، فقال له عليٌّ عليه السلام: يا رسول الله، خلّفتني النساء والصبيان، فقال صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم، له: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبوّة بعدي>>، وهذا من أعظم مفاخر هذا الإمام الأجلّ عليه السلام، «وسمعته يقول له يوم خيبر: لَأُعطينَّ الراية رجلاً يُحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه، قال سعدٌ: فتطاولنا لها، فقال: ادعوا لي عليّاً، فجيء به أرمد، وبصق في عينه ثمّ دفع إليه الرَّاية، ففتحَ اللهُ عليه»، هذه الثانية، والثالثة، قال سعد: «لمّا نزل قوله تعالى ﴿..فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ آل عمران:61 -إخواني وأخواتي إنّها آية المباهلة التي تلوتُها عليكم- دعا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عليّاً وفاطمة والحسن والحسين فقال: اللّهمّ هؤلاء أهلي >>
صحيح مسلم - فضائل الصحابة - من فضائل علي بن أبي طالب (ر) - رقم الحديث : ( 4420 )
‏- حدثنا : ‏ ‏قتيبة بن سعيد ‏ ‏ومحمد بن عباد ‏ ‏وتقارباً في اللفظ ‏ ‏قالا ، حدثنا : ‏ ‏حاتم وهو ابن إسماعيل ‏ ‏، عن ‏ ‏بكير بن مسمار ‏ ‏، عن ‏ ‏عامر بن سعد بن أبي وقاص ‏ ‏، عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال : ‏أمر ‏ ‏معاوية بن أبي سفيان ‏ ‏سعداً ‏، ‏فقال : ما منعك أن تسب ‏ ‏أبا التراب ‏، ‏فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قال هن له رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي : من ‏ ‏حمر النعم ‏ سمعت رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏يقول له ‏ ‏خلفه ‏ ‏في بعض مغازيه ، فقال له ‏ ‏علي ‏ ‏يا رسول الله ‏ ‏خلفتني ‏ ‏مع النساء والصبيان ، فقال له رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏أما ‏ ‏ترضى أن تكون مني بمنزلة ‏ ‏هارون ‏ ‏من ‏ ‏موسى ‏ ‏ألا إنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم ‏ ‏خيبر : ‏لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي ‏ ‏علياً ‏ ‏فأتي به ‏ ‏أرمد ، ‏فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية ‏: فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ‏دعا رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏علياً ‏ ‏وفاطمة ‏ ‏وحسناً ‏ ‏وحسيناً ‏، ‏فقال : اللهم هؤلاء أهلي. ‏
مستدرك الحاكم - كتاب معرفة... - منافب علي... - رقم الحديث : ( 4575 )
4552 - حدثنا : أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا : محمد بن سنان القزاز ، ثنا : عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي وأخبرني : أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا : عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني : أبي ، ثنا : أبوبكر الحنفي ، ثنا : بكير بن مسمار قال : سمعت :  معاوية لسعد بن أبي وقاص (ر) : ما يمنعك أن تسب إبن أبي طالب قال : فقال : لا أسب ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله (ص) : لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي : من حمر النعم ، قال له معاوية : ما هن يا أبا إسحاق قال : لا أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وأبنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ، ثم قال : رب إن هؤلاء أهل بيتي ، ولا أسبه ما ذكرت حين خلفه في غزوة تبوك غزاها رسول الله (ص) ، فقال له علي : خلفتني مع الصبيان و النساء قال : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ألا إنه لا نبوة بعدي ، ولا أسبه ما ذكرت يوم خيبر قال رسول الله (ص) : لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويفتح الله على يديه فتطاولنا لرسول الله (ص) ، فقال : أين علي ؟ ، قالوا : هو أرمد فقال : ادعوه فدعوه فبصق في وجهه ، ثم أعطاه الراية ففتح الله عليه قال : فلا والله ما ذكره معاوية حتى خرج من المدينة ، هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة ، وقد اتفقا جميعاً على إخراج حديث المؤاخاة وحديث الراية .
سنن ابن ماجه - المقدمة - فضل علي بن أبي طالب (ر) - رقم الحديث : ( 118 )
‏- حدثنا : ‏ ‏علي بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏أبو معاوية ‏ ، حدثنا : ‏ ‏موسى بن مسلم ‏ ‏، عن ‏ ‏ابن سابط وهو عبد الرحمن ‏ ‏، عن ‏ ‏سعد بن أبي وقاص ، قال : قدم ‏ ‏معاوية ‏ ‏في بعض حجاته فدخل عليه ‏ ‏سعد ‏ ‏فذكروا ‏ ‏علياً ‏ ‏فنال منه فغضب ‏ ‏سعد ‏، ‏وقال : تقول هذا لرجل سمعت رسول الله ‏ (ص) ‏ ‏يقول : من كنت ‏ ‏مولاه ‏ ‏فعلي ‏ ‏مولاه ‏ ‏وسمعته يقول : أنت مني بمنزلة ‏ ‏هارون ‏ ‏من ‏ ‏موسى ‏ ‏ألا إنه لا نبي بعدي ، وسمعته يقول : لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله.
‏ النسائي - السنن الكبرى - كتاب الخصائص
7169 - أخبرنا : قتيبة بن سعيد ، وهشام بن عمار قالا : ، حدثنا : حاتم ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : أمر معاوية سعداً ، فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ ، قال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله (ص) فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي : من حمر النعم. سمعت رسول الله (ص) : يقول له ، وخلفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان ؟ ، فقال له رسول الله (ص) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، ألا إنه لا نبوة بعدي ؟ وسمعته يقول : في يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي علياً فأتي به أرمد ، فبصق في عينيه ، ودفع الراية إليه ، ولما نزلت ، زاد هشام : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت دعا رسول الله (ص) علياً ، وفاطمة ، وحسناً ، وحسيناًً ، فقال : اللهم ، يعني هؤلاء أهلي .
النسائي - السنن الكبرى - كتاب الخصائص
7210 - أخبرنا : محمد بن المثنى قال : ، حدثنا : أبو بكر الحنفي قال : ، حدثنا : بكير بن مسمار قال : سمعت عامر بن سعد يقول : قال : معاوية لسعد بن أبي وقاص : ما منعك أن تسب ، علي بن أبي طالب ؟ ، قال : لا أسبه ما ذكرت ثلاثاً قال هن رسول الله (ص) : لأن تكون لي قال : واحدة أحب إلي : من حمر النعم لا أسبه ما ذكرت حين نزل عليه الوحي ، فأخذ علياً ، وأبنيه ، وفاطمة ، فأدخلهم تحت ثوبه ، ثم قال : رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي ولا أسبه حين خلفه في غزوة غزاها قال : خلفتني مع الصبيان والنساء ؟ ، قال : أولاً ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ألا إنه لا نبوة ولا أسبه ما ذكرت يوم خيبر حين قال رسول الله (ص) : لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله ، ويفتح الله على يديه فتطاولنا ، فقال : أين علي ؟ ، فقالوا : هو أرمد فقال : ادعوه ، فدعوه ، فبصق في عينيه ، ثم أعطاه الراية ، ففتح الله عليه والله ما ذكره معاوية بحرف حتى خرج من المدينة .
ابن أبي شيبة - المصنف - الجزء : ( 7 ) - رقم الصفحة : ( 496 )
31459 - حدثنا : أبو معاوية ، عن موسى بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن سعد قال : قدم معاوية في بعض حجاته فأتاه سعد فذكروا علياً فنال منه معاوية فغضب سعد فقال : تقول هذا الرجل ، سمعت رسول الله (ص) : يقول : له ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحب إلي : من الدنيا وما فيها ، وسمعت رسول الله (ص) : يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وسمعت النبي (ص) : يقول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ألا إنه لا نبي بعدي ، وسمعت رسول الله (ص) : يقول : لا عطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله .
ــ حديثُ الكِساء
حديث الكساء عبارة عن حديث نبوي، تحدَّث به رسول الإسلام محمد. في فضل أهل بيته والمقصودين بهذا الحديث هم : ابنته فاطمة وابن عمه علي بن أبي طالب، واثنين من أحفاده الحسن والحسين، وقد أدلى النبي محمد بهذا الحديث حينما جمع أهل بيته تحت الكساء، ولهذا السبب سُمي هذا الحديث بحديث الكساء .
يستند عليه الشيعة مع مجموعة من الأحاديث الأخرى كالغدير في ما يعتبرونه أحقية وأفضلية علي بن أبي طالب، بعد وفاة رسول الإسلام محمد. والحديث صحيح الرواية عن ,عن النبي محمد، لدى السنة والشيعة .
روي عن عائشة  في صحيح مسلم :
   حديث الكساء  خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[1]، حديث صحيح
 هذه هي الثلاث خصال التي منعت سعداً أن يسبّ عليّاً عليه السلام، وهي ثلاث من ثلاثين. من ثلاثمائة. ممّا لا يعلمه إلّا الله من خِصال هذا الإمام عليه السلام وكرّم الله وجهه في الدُّنيا والآخرة .
روي عن ابن عباس في مسند أحمد :
   حديث الكساء  أخذ رسول الله ثوبه فوضعه على " علي وفاطمة وحسن وحسين " عليهم السلام فقال : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[2]، حديث صحيح
وفي سُنن أبي عيسى الترمذي رحمه الله تعالى عن أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أنّه لمّا نزل قوله تبارك وتعالى ﴿..إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ الأحزاب:33، جلّل صلّى الله عليه وآله وأصحابه وسلّم عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بكساء -أي وضع كساءً عليهم-، وفي حديث أم المؤمنين عائشة في صحيح مسلم: جلّلهم بِمُرطٍ مُرَحَّل -نوع من الثياب أو الأغشية عليه صُوَر رواحل، هذا هو المُرط المرحّل. فالحديث عند مسلم من رواية أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها- وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: اللّهمّ إنَّ هؤلاء أهلي وخاصّتي، فَأَذهِب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيراً، فقالت أمّ سلمة: يا رسولَ الله، وأنا منهم؟ قال: إنّكِ إلى خير . لا تدخلين معهم تحت الكساء .
إن آية التطهير هي قول الله تبارك وتعالى " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 } الأحزاب ..
يقولون إن أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين بدلالة حديث الكساء ! ما هو حديث الكساء ؟ ,
حديث الكساء ترويه أم المؤمنين عائشة – التي يزعمون أنها تبغض آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - ويخرجه من ؟ الإمام مسلم الذي يزعمون أنه يكتم أحاديث في فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
عائشة تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه علي فأدخله في عباءته – في كساءه – ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جللهم أي غطاهم صلوات الله وسلامه عليه بالكساء ثم قال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) , فقالوا هذا الحديث يفسر الآية وهو قول الله تبارك وتعالى " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" 33 }
ثم الاستدلال الآخر وهو أن إذهاب الرجس والتطهير أي العصمة ! فيكونون بذلك معصومين , فيكون علي رضي الله عنه معصوماً وكذا الحسن والحسن وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين , فإذا كان الأمر كذلك فهم أولى بالإمامة من غيرهم ثم أخرجوا فاطمة رضي الله عنها و قالوا إن الإمامة في علي والحسن والحسين ثم في أولاد الحسين كما هو معلوم عند الكثير .
هذه الآية هل هي فعلا في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أو في غيرهم  تدبروا القرآن لا نريد أكثر من ذلك أليس الله جل وعلا يقول " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" ويقول "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً ".
إن هذا الخطاب من الله جل وعلا ليس متوجها فقط لأناس معينين هم الذين يحق لهم أن يتدبروا القرآن , بل إن الله تبارك وتعالى يطلب من جميع المسلمين بل وغير المسلمين أن يتدبروا القرآن وأن يقرءوا القرآن ويتعرفوا على الله جل وعلا من خلال القرآن ,فإنهم إذا قرءوا القرآن وتدبروه وعرفوه حق المعرفة وعرفوا قدره ومكانته لن يجدوا بداً من الانصياع إليه وإتباعه والإقرار بكماله وحسن رسمه وغير ذلك من الأمور , كذلك الأمر هنا لا نريد أكثر من أن تتدبر القرآن أنتم بأنفسكم .
ــ خامس أصحاب الكساء..
أصحاب الكساء من هم !
المقدمة| هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها وجبرائيل سادسهم !
قال الأمـيــن قلت يا رب و من تحت الــكـسا تجـمـعـهـم لنـا أبـــــن
فــقال لي هم معــــدن الرسالة و مـهبــط التنزيــل و الـجلالـــــــة
و قــــال هـم فـاطـــمة وبعــلها و الـمـصـطـفى و الـحسنان نسلهــــا
فـقال يا ربــاه هــــل تــأذن لـي أن اهــبط الأرض لــذاك الـمــنــزل
قــال نـعـم فـجــئتـهـم مـــسلمـــا مســتأذنا اتـــــل عـليــهم إنــمــــــا
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) )
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب /33 .
أصحاب الكِساء خمسة ، و هم :
) ـــ النبي محمد رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله
) ــــ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام
) ــــ السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ( عليها السَّلام
ــــ الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام )
ــــ الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام )
سبب تسميتهم بأصحاب الكساء :
ذات يوم جمع النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) علياً و فاطمة و حسناً و حسيناً ، ثم جَلَّلَهم بكساء يماني ، فأنزل الله عَزَّ و جَلَّ فيهم آية التطهير الأحزاب /33 ... و بهذه المناسبة سُمُّوا بأصحاب الكساء .ثم أن النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) أدلى ـ حال اجتماعهم تحت ذلك الكساء ـ بحديث عُرف بحديث الكساء ، و قد روي حديث الكساء بصيغٍ كثيرة ، كلها تؤكد على شيءٍ واحد و هو أن مراد الله عَزَّ و جَلَّ من (( أهل البيت )) في آية التطهير إنما هو أولئك النفر الذين اجتمعوا تحت الكساء عند نزول آية التطهير بشأنهم ، و ليس المقصود من أهل البيت غير هؤلاء الخمسة .
الهدف من الاجتماع تحت الكساء :
أراد الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) من خلال هذا الإجراء التطبيقي بيان أمرين هامين هما :
1 ــــ التأكيد على اختصاص آية التطهير بأولئك النفر من أهل بيته المجتمعين معه تحت الكساء خاصة .
2 ـــــ قطع الطريق على كل إدعاء بشمولها لغيرهم .
و يدل على هذا تصريح الرسول ( صلَّى الله عليه و آله ) بذلك في بعض الصيغ المروية من حديث الكساء .
ففي رواية أحمد عن أم سلمة : (( فرفعتُ الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي و قال إنّك على خير )) مسند أحمد الحديث رقم.. 292..3232
الكساء فقط لخمسة، وكان الحسين أبو عبد الله، أبو الشهداء وسيِّد الشهداء عليه السلام والرَّحَمات والقُربات والأنوار الباهرات الساطعات في الدنيا والآخرة، كان خامس أصحاب الكساء. محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين. فالحسين هو خامسُ أصحابِ الكساء. قال أبو عيسى رضوان الله عليه، وهذا أحسنُ شيءٍ في الباب، وفي الباب عن أنس بن مالك، وعن عمر بن أبي سَلَمة، ابنِ أمِّ سلمة لكن من زوجها، وعن أبي الحمراء، وعن معقل بن يسار، وعن عائشة، في هذا الباب، باب تفسير الآية، باب الكساء، يروي كلّ هؤلاء الصحابة والصحابيّات رضوان الله عليهم عن رسول الله هذا المعنى، تختلف ألفاظهم يسيراً، ويتواطئون على تقرير جوهر المعنى .
الحسين بن عليّ عليهما السلام، أبو الشهداء وسيّدهم، ريحانةُ رسول الله من الدنيا، حسين منّي وأنا من حسين، أحبَّ الله مَن أحبَّ حسيناَ، حسين سبطٌ من الأسباط، ريحانته من الدنيا وابن بنته، ومستودَع ذرّيّته هو وأخوه الحسن عليهم السلام جميعاً، وخامسُ أصحاب الكساء .
  أبو الشهداء وسيّدهم
 نقول أبو الشهداء وسيّدهم. لماذا كان الحسين أبا الشهداء وسيّدَهم؟ ماذا فُعِلَ بالحسين؟ ماذا فعلت هذه الأمّة بالحسين، إبن محمّد، إبن بنت رسول الله، ابن عليّ وفاطمة، بأخِ الحسن، ماذا فعلت هذه الأمّة بهذا الإمام الأجَلّ؟
 بعد يومين أيّها الأخوة، نوافي اليوم العاشر من شهر الله المحرّم، لنوافق فيه الذكرى الأليمة، الذكرى المُمِضّة الحزينة، ذكرى الكارثة والنّكبة والمصيبة، ذكرى الخَرْم العظيم الذي لم يُخرَم الإسلام بمثله، ذكرى هذه البائقة التي لأجلها سخطَ اللهُ على أهل السماوات والأرضيين .
أبو حامد الغزّالي رضوان الله عليه في (كشف علوم الآخرة) ذكر أنّ الله تبارك وتعالى غضب على أهل الأرض جميعاً لمقتل الحسين. شيخ الإسلام ونقل عنه هذا الأئمّة، ومن آخرهم ابن الوزير اليماني في (العواصم والقواصم)، وليس عواصم أبي بكر إبن العربي وهي قواصم وليست عواصم، هي قواصم النُّصب والبغض لأهل البيت، والكذب على الله والرسول والأئمّة والتواريخ، وعلى العقل والشواهد والحسّ والضرورات، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
ــ كتمت الأمّة علومهم، وحاربت حتّى ذِكْرَهم وأسماءَهم
 أهل البيت، أيّها الإخوة، الذين نصلّي عليهم في كلّ صلاة، نصلّي على محمّد وآل محمّد، لم تزل هذه الأمّة تطاردهم وتهجّرهم وتنكِّل بهم وتذبِّحهم وتفعل بهم الأفاعيل. كتمت علومهم، وحاربت حتى ذكرهم وأسماءهم. فإمامٌ مثل الإمام عليّ عليه السلام، ومَن مثل عليّ، باب مدينة العلم، وأخو رسول الله الذي لازمه منذ نعومة أظفاره إلى آخر لحظة، إلى أن أدخله في قبره الشريف، لم يُروَ عنه كما قال ابن حزم إلّا خمسون حديثاً، وله في الصحيحين عشرون منها. الإمام عليّ يُستَشهد سنة أربعين للهجرة، وقبل ذلك مكث ثلاث عشرة سنة في الإسلام المكّي المحمّدي، فهذه ثلاث وخمسون، وقبل ذلك رُبِّيَ في كَنَفِ رسول الله، وارتضع لبان علمه وهديِه، عشرون حديثاً في الصحيحين، خمسون حديثاً في الجملة يقول ابن حزم، وأُناسٌ آخرون تشرّفوا برسول الله سنة أو سنتين أو ثلاثة تُروى لهم ألوف الأحاديث. أين أحاديث الحسن عليه السلام المستَشهد بالسم سنة 48، أين هي؟ أين أحاديث الحسين المستَشهد بالطريقة الوحشيّة الإجراميّة الأمويّة سنة 61، أين أحاديث أبي عبدالله؟ أين أحاديث آل محمّد؟
كتاب الله وعترتي وليس <<وسُنَّتي >> !
إخواني وأخواتي، لو سألتم أنفسكم وسألتم كلّ مَن تعرفون من العامّة وبعض أهل العلم والوعظ -حتّى المتخصّصين في الحديث- لو سألتموهم ما مدى صحّة حديث: تركتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنّتي، سيقولون قطعاً متواتر، قطعاً هذا كالقرآن الكريم. تقريباً لا تكاد تخلو خطبة من هذا الحديث: كتاب الله وسنّتي، وهو قطعاً في الصحيحين وقطعاً في المسانيد وفي السُّنن وفي المشيخات والمعجمات، في كلّ الكتب، حديث متواتر. كلّا! هذا حديث ضعيف، لم يخرّجه لا البخاري ولا مسلم ولا أبو داود ولا النسائي ولا الترمذي ولا ابن ماجة، لم يخرّجه واحدٌ من أصحاب الكتب الستّة. ستُصدمون الآن، طبعاً ولا بدّ أن تُصدموا، هل الحديث كتاب الله وسنّتي ليس في واحد من الكتب الستة؟ ولا في واحد من الكتب الستة. رواه مالك بلاغاً بلا إسناد: بَلَغني أنّ النبي قال: تركتُ فيكم. بَلَغني بلا سند، ورواه غيره مرسلاً كالطبري في تاريخه، وأسنده بعضُهم لكن في سنده مقال، بعضهم جازف في تصحيحه، ولكن هناك مقالٌ في تصحيحه .
ــ المؤامرة الأمويّة على أهل البيت مستمرّة
 أمّا الحديث المخرّج في (صحيح مسلم)، وفي (مُسند أحمد)، و(مستدرَك الحاكم)، وعشرات الكتب بأسانيد على شرط الشيخين. أسانيد صحيحة، ويكفي أنّه في صحيح مسلم: تركتُ فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، كتاب الله وعترتي أهلَ بيتي، هذا لا نسمع به، وإنْ سمعنا به نقول: حديث شيعي، هذا عند الشيعة، نعم عند الشيعة، لكنّه عندنا في صحاحِنا. لماذا لا يُتكلّم بهذا الحديث؟ لأنّ المؤامرة الأمويّة مستمرّة إلى اليوم على أهل بيت النبيّ. انتبهوا ! هذا ما يصدم ويمرِّر ويُكبِد ويصيب الإنسان بالصدمة، بالمرارة، بالكُباد . وللحلقة الثالثة لنا لقاء ...
وبعد أن عرفنا منزلة أهل البيت عليهم السلام يجب علينا أن نكون من السباقين لإعلاء ما وضعوا من نهج لنا ونسير على نهجهم بالتعاون والتآخي والتودد وبها نكون قد وصلنا لبناء وطن يجمع الكل على حبه ويداَ بيد للتعاون والتآخي ودعم المهجرين والأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين ولنتحد جميعاً لدحر الإرهابيين الخونة الذين دمروا أكثر الدول العربية منها سوريا واليمن والعراق ومصر والسودان ولبنان وكلها بجهود الخونة ملوك آل سعود آل حمد و وأكثر الخونة من حكام الخليج قطر وأخواته بمساند تركيا والصهيونية العالمية والماسونية  وأهدي لجميع من مات على الأيمان ثواب سورة الفاتحة المباركة مقرونة بالصلوات على محمد وآله وأرجو أن تصل ثوابها لروح أمي وأبي والمحسنين والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين .
المحب
سيد صباح بهبهاني

Share |