القضاء والشرطة في الأنظمة الديمقراطية-مهدي الصافي

Wed, 7 Sep 2011 الساعة : 1:41

تعد اغلب أجهزة ومؤسسات الدولة في الأنظمة الشمولية الدكتاتورية سلاح موجه ضد المواطنين,ويعتبر جهاز القضاء احد أقوى الأذرع الحكومية الممتدة حول رقاب الناس,ومع إننا تخلصنا من هذه المظاهر المؤلمة,بقي الحال على ماهو عليه,الأشكال والهياكل والهيئات الإدارية الروتينية تسير بنفس الوتيرة السابقة,ورثت الثقافة التقليدية المتبعة في معظم أجهزة دول العالم الثالث الأمنية والقانونية,
بحيث أصبح بإمكان أي تحالف مشبوه بين أية مفرزة أمنية(جيش او شرطة)والأمر المسئول عنها أن تلفق القصص بغية إبراز العضلات وإيذاء الناس وابتزازهم,وعلى هذا تصبح مسألة إحالة الأوراق إلى القضاء أمر روتيني ,بعد ترص الأدلة الكاذبة وفقا لمبدأ الشهود,وبما إن القضاء لازال يعمل في معظم مواده بالقوانين والتشريعات القديمة ,فهو يعتبر نوعا ما أسير الطريقة والثقافة الشمولية السابقة ,التي لاتعطي لنفسها الوقت الكافي للوقوف إلى جانب الخصم(المواطن),ولكن هناك أحداث متفرقة تنم عن وعي بعض القضاء الجادين في تحقيق العدالة والوقوف إلى جانب المواطنين
(كالحادثة التي ذكرتها في مناسبة سابقة عن وقوف احد القضاء إلى جانب احد المواطنين الذي اعتقل على خلفية تمزيقه لصورة رئيس الوزراء الحالي -ولولا تدخل شيوخ العشائر لما تخلص الشرطي من السجن),إلا إن الشعب يعرف عدد غير قليل من قضاة النظام السابق المرتشين الذين افسدوا بعض جوانب تلك المهنة المقدسة,والذين يعدون عبئا على سلك القضاء,وكذلك الآخرين الذين نستغرب منهم حالة التغاضي والإهمال والقصور في أحيان عدة عن الاختراقات والإخفاقات والانحرافات القانونية(بما فيها قوانين العفو المتعارضة مع القضاء لان بعض تلك الجرائم هي جرائم ضد العامة أو ضد مصلحة الوطن العليا والتي لايمكن أن يشملها أي عفو),دون إبداء الرأي القانوني القضائي الواضح والصريح في مثل تلك القوانين.
إن التصرفات السيئة والأسلوب الساذج والعنيف أحياننا من قبل عدد غير قليل من بعض أفراد الأجهزة الأمنية(جيش وشرطة-وحمايات المسئولين),تعكس صورة العهد القضائي القديم الذي يمتنع عن الوقوف إلى جانب المواطنين عندما يكون طرف الخصومة احد تلك الأجهزة الأمنية,
في الدول الديمقراطية المتقدمة لانشهد قضايا كبيرة تحت بند الاعتداء على موظف إثناء تأدية واجبه,فهل لوزارة الداخلية والدفاع إحصائية موثقة ومعروفة عن عدد تلك الدعاوى الباطلة؟
,أود ان اذكر بعض الحوادث الطريفة ,فبعد أن تنفسنا الصعداء بفتح المجسر الضخم في إحدى المحافظات الجنوبية ,اكتشف الخطأ بعد الافتتاح الرسمي مباشرة(بحضور المحافظ والمسئولين المحليين),حيث ظهر إن هناك خطأ فنيا في التصميم ,فغلق احد الأفرع لهذا المجسر الرئيسي بحواجز بلاستيكية غير منظمة,والصدفة قادتنا إلى هذا الفرع بعد أن لاحظنا مرور عجلات أخرى ,جاء ضابط المرور ودون مقدمات بدأ بالزعيق والنعيق وختم محاضرته البائسة بقراره إرسالنا إلى سجن البلدة(دون أن يتمكن من فعل ذلك -إلا انه يعمل بالثقافة الصدامية القديمة -ويبدوا أن كراريس حقوق المواطن والإنسان حبر على ورق),
ولكن اغرب قضية شاهدتها هو إخراج المسدس من نافذة إحدى سيارات الازعاج اليومي للشرطة (او حمايات المسؤولين)في بغداد بغية فتح له مسار الانتقال ,حركة هذا الضابط الاستعراضية الذي وجد مخالفة في جواز احد العراقيين القادمين من الخارج(في مطار البصرة الدولي) إلى الشرطي -احكمه عشرة أيام سجن حتى لو كان عراقي الأصل!
هناك تحالف خفي وعلني أحياننا بين قوى الإرهاب والشر وبين بعض أفراد الشرطة,أما حوادث الاغتيال فحدث ولأحرج, فقصص تهريب السجناء المتعمد أشبه بمشكلة التسمم بغاز الكلور العجيبة,على سبيل المثال ننقل تلك الحادثة المكررة,حيث قامت مجموعة إرهابية باغتيال احد الأشخاص في محافظة ديالى ,وبعد أن تعرف أهالي المنطقة على الإرهابيين المنفذين للجريمة وبضمنهم أقرباء وأصدقاء المغدور,وتم إبلاغ الشرطة عن الوكر الذي يأوي القتلة,لعب الإرهابيين بعقول الشرطة وتم تقديم بلاغا كاذبا عن هؤلاء الشهود,فتم اعتقالهم بدلا ,جاءت الشرطة واقتحمت جموع النساء والأطفال واقتادت الشباب إلى مركز الشرطة بطريقة مذلة وتركت الإرهابيين دون عقاب(مما دعاهم أي الإرهابيين بالتهديد بقتل المبلغين عنهم في مركز الشرطة),
طيب نحن من حقنا أن نسأل كما سأل أهالي ضحايا عرس الدجيل وبقية العمليات الإرهابية عن سر إبقاء الفاسدين والمرتشين في أجهزة الشرطة,وسبب تهاون القضاء العراقي في ملاحقة ومتابعة مراكز الشرطة والإسراع بحسم الدعاوى والملفات المحسومة, وإصدار الإحكام العادلة بحقهم(وهناك خزين من المعلومات نحتفظ ويحتفظ بها بالطبع الكثير من المواطنين عن سلوك بعض أفراد الأجهزة الأمنية السيئ),الذي يلقي بضلاله على مجمل الانجازات والنجاحات الميدانية الكبيرة التي قادته رجالات وعناصر تلك الأجهزة الوطنية.
ترى لماذا تنام وتصحوا على حين غرة العمليات الإرهابية في معظم المدن العراقية؟
هل لان أساس الأجهزة الأمنية لازال هشا أم لان العناصر الفاسدة لاتزال تخترق تلك الأجهزة الحساسة ,والمهمة لأمن المواطن وحمايته,أم أن بعض قادة الشرطة سقطوا في فخ الفساد المالي والأخلاقي الذي كان سائدا في عهد النظام البائد ويجيد دوره بعض أفراد الشرطة الحاليين؟
القضاء في الدولة الديمقراطية يدافع بقوة عن حقوق المواطنين مهما كانت النتائج(ولنا في حادثة رفض المحكمة الدستورية الاتحادية في استرالية طلب رئيسة وزراء استراليا في إرسال طالبي اللجوء إلى ماليزيا مما سبب لها حرجا كبيرا يكاد يطيح بها ويقلل من شعبيتها وشعبية حزبها),يقف دوما إلى جانب المواطن ,حتى وان كان مخطئ او مذنب او متهم بجرم معين(في إحدى الدول الديمقراطية العريقة أراد القاضي أن يسجن احد أفراد الشرطة مدة عشرين عاما لولا تدخل المواطنين والاحتجاجات المدافعة عن الشرطي-بسبب إطلاقه الرصاص الحي على احد اللصوص الذي أراد أن يسرق إحدى السيارات المركونة-تحت حجة انك خاطرت بحياة هذا اللص من اجل الحديد),لن ينعم او يشعر المواطن العراقي بأي نوع من الأمن والأمان ,دون أن تكون الأجهزة القضائية ساندة وراعية له ولحقوقه,ومدافعة عن كرامته لرفع عنه أسباب الغبن الذي قد يتعرض له من قبل أي منتسب او موظف من موظفي الدولة,طموحنا يكمن في رؤية القضاء العراقي وهو يأخذ دوره الرقابي بشكل فعال ودون تردد.

Share |