محمد باقر الحكيم ...وانقطع الخطاب-عقيل الموسوي ـ المانيا

Sat, 14 May 2011 الساعة : 10:00

  رغم اعترافي بعدم انتمائي الى اي حزب او تيار سياسي في بداية مقالي الموسوم (هل ان حزب الدعوه مهدد بالانقراض؟) ,الا ان الذين اساءوا فهم المقال او مغزاه اصروا على انتمائي او ميولي الى جهة بعينها , هي المجلس الاسلامي الاعلى, وكأن العملية ان لم تكن
(اهلاوي) فأنك (زملكاوي) بكل تأكيد لان (غزل
المحلة) قد نُقِض من بعد قوةٍ أنكاثا, لذا اصبح  لزاما عليّ ان ادرأ عن نفسي هكذا تهمةٍ وأن اوضح ان لا علاقة لي بالمجلس البته واني لااعرف عن المجلس الا الحكايةَ ادناه....
يحكى ان عراقياً ولد في الربع الثاني من القرن العشرين لعائلةٍ عراقيةٍ اقل ما يقال عنها أنها من أشرف العوائل العراقيه ان لم تكن اشرفها على الاطلاق, فأبوه رحمه الله كان مرجعاً دينياً كبيراً تزعّم المرجعية الدينية بعدها, وامه اللبنانية الاصل , فهي الاخرى ان لم تكن كفء والده فانها اصبحت كذلك حين أنجبته .
تربى هذا الوليد ـ الذي وُلِدَ ثائراً ـ بين احضان المرجعية , ينهل من منهلها العذب ويقتات على مايدور في اروقتها من نقاشاتٍ في اغلبها دينيةٍ بحتة, لكنه آثر أن يضيف شيئاً  
آخر ويتبنى فكراً جديداً ـ نوعاً ما ـ  
خصوصاً في زمانه الذي لم يعرف التمرد على الواقع والموروث من اُسس ومرجعيات الحوزه بما فيها التمردات الحسنة منها , تلك التي يمكن ادراجها ضمن لائحة البدعة الحسنه .
رغم انه لم يأت بفكر جديد لكنه استطاع
ومجموعةٍ من رفاق دربه أن يمزج بين الدين والسياسة في نظريةٍ عصريةٍ لقيادة المجتمع وتحقيق رفاهيته, الامر الذي ادى الى وقوف الحكومات النفعيه بوجهه عبر السنوات المتلاحقه, فكانت اعتى تلك المواجهات ايام الطاغية المقبور والتي كانت اسوأ نتائجها تصفية استاذه ورفيق دربه وشريك افكاره الشهيد الصدر الاول, ما جعله يغادر البلاد كرهاً الى احدى دول الجوار التي احتضنته ودعمته الى حد الكفاف, الحد الذي لم يدعه ينطلق عالياً ولم يتركه لتزل قدمه بعد ثبات, ولم يكن ذلك الدعم حباً به او ايماناً بقضيته أو عطفاً على اصحابه ومريديه , الذين ضاقت بهم دروب تلك الدولةِ ذرعا وهم يفتشون بين فُتات المرجعيات ومدارس الحوزات والفيالق الوهميه, بل كان الدعم لغايةٍ في سياسة تلك الدولةِ قضتها.
أما هو فكأني به قد استبق الشاعر موفق محمد حيث يكرر المقطع الجميل ( ونصبرُ ... ان العراقَ عراقُنا ) , وهل غير الصبر الجميل بعد الاتكال على الله طريقٌ يوصله لنيل هدفه الاول ـ ان لم يكن الوحيد ـ وهو تحرير بلده وشعبه من قيود الظالمين !!....
وبقي على هذا الثبات وهذا الصبر وهذا الفكر حتى منّ الله تعالى عليه وعلى العراق والعراقيين بأن أباد الطاغية الذي تربع على صدر العراق عقوداً, وهدّ عرشه في بداية القرن الحادي والعشرين . حينها عاد  ذلك البطل الثائر كي يلتقط انفاسه عبر استراحة مقاتل ... كي يضمد بتربة العراق ما خلّفَ الزمن به من جراحات ... كي يُسبغ بماء الفرات وضوءه من جديد ليشكر ربه انه كان به حفيّا, ولكن ... وكما شاءت القدرة الالهية أن يكون اول الثائرين , كذا شاءت القدرةُ نفسها أن يكون أول الملتحقين بالرفيق الاعلى .. وأول الحاصلين على الدرجة الثالثةِ في عليين بعد النبيين والصديقين متقدماً على الصالحين وحَسُن رفيقا.
ذلك هو محمد باقر الحكيم قول الحق الذي فيه يمترون , فسلام عليه يوم وُلِد ويوم استُشهِد ويوم يُبعث حيّا, يوم يَسألُ عن اصحابه في المجلس الذي أسسه على التقوى فيُجابُ بأنهم ليسوا أصحابك, فأنك لاتدري ماذا احدثوا بعدك !...
أجل أنهم احدثوا امراً فريا .. أنهم دخلوا سقيفتهم قبل ان يدفنوه ثم شيّدوا له ضريحاً أخذوا تخصيصاته من دموع الثكالى والايتام رغم امكاناتهم التي يمكنها تشييد الاف الاضرحة ان أرادوا ذلك .
اما قضيته التي تبناها فقد تضاربت الروايات عن مصيرها, فمنهم من قال انها وُئِدت بعد استشهاده مباشرة , ومنهم من روى انها ماتت معه ولكنها لم تدفن بعد لعدم توفر الاماكن والامكانات !!!!. ولأن حجمها بحجم العراق وربما اكبر, لذا انبروا جميعهم لجمع الاموال اللازمه لشراء الاراضي التي تتسعُ لدفنها وبكل الطرق المتاحه قبل أن تتعفن وتخرج منها روائح أخرى, وما ملحمة مصرف الزويه الا حلقة من سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعاً أصلها مربوط بمقاعد الحكم وفرعها ثابت في قعر جهنم تزداد حلقاتها في كل موسم انتخابي لتعكس مدى حجم الجهود المبذوله لدفن ( عفوا لدعم ) القضيه.
اما انا فأدعو ربي ليل نهار ان لاتكون قد ماتت أو وئدت كما تذكر الروايتين, بل انها لاتزال حية تعيش حزنا عميقاً جعلها تتوارى عن الانظار, كما ادعو ربي ليل نهار أن يبعث من يتبناها ليخلصها من ذل اليتم بعد فقدها من كان لها خير أب انه محمد باقر الحكيم وانقطع الخطابُ.

Share |