ديمقراطيتنا وتكرار ذات الوجوه/طاهر مسلم البكاء

Mon, 15 Sep 2014 الساعة : 1:01

في زمن النظام الديكتاتوري تكررت ذات الوجوه في السلطة حتى مل ّ مشاهدتها الناس ،حيث يتحول الوزير السوبرمان من وزارة الى اخرى بحيث يبقى مجلس قيادة الثورة كما هو فقط الأختلاف بتغيير المواقع ،ولكنه على اي حال معروف كنظام فردي تسلطي ولم يقل احد عنه انه ديمقراطي.
   غير ان ما هو غير معروف هو ما يحصل اليوم في العراق الذي يطبق نظام ديمقراطي يؤخذ تطبيقه الكثير من وقت وراحة واموال الشعب ،لقد بدأت الدعاية الأنتخابية لأنتخاب  اعضاء البرلمان منذ مطلع نيسان ولم تتسلم الحكومة العتيدة مهامها الا ّ مطلع ايلول ،اي انها استغرقت اكثر من خمسة اشهر ،رغم ان البلاد تمر بظروف عصيبة جدا ً مثل احتلال داعش لمدن العراق واستمرار ارهاب المفخخات بأشكاله المختلفة .
   الناظر الى الشخصيات التي رشحت بفعل العملية الأنتخابية يتذكر فورا ً ما كان يحصل في العراق سابقا ً من تكرار ممل لذات الوجوه وكانها قد حصلت على طابو صرف في السلطة العراقية وان على المواطن العراقي تحمل هذه الشخصيات من مختلف الأطياف  وهي تتنقل من وزارة الى اخرى ومن موقع في السلطة الى اخر وكأننا لم نختلف عن الأمس قيد انملة وها هي ذات الوجوه تجثم على صدورنا منذ العام 2003 م  ،منذ ان جاءت مع  بوش الأبن ، ولحد اليوم ،ولا احد يدرك الى متى ستبقى ، ورغم كل ما يحصل من تأخر في التنمية والعمران وازدياد مستويات الأرهاب والفقر والجهل والأمية والفساد المالي والأداري ونقص الخدمات واخيرا سقوط البلد بيد عصابات داعش الأرهابية !
    لقد تميزت هذه الفترة التي توصف بالديمقراطية وهي ابعد ما تكون عنها ، بالمضاربات المالية وابتزاز المناصب والمحاصصة البغيضة والتي تلحق بكل ممارسة ديمقراطية يؤديها مجموع الشعب ،فتجد ان الالاف من الناخبين ياسفون انهم مارسوا عملية انتخابية انتهت بصفقات ،وانهم ولولا التكليف الشرعي لما عادوا ثانية للاشتراك في عملية التصويت .
   والأمر من كل ذلك، ان المواقف التي لاتنفع معها الطرق السابقة نجد ان لاعبين من خارج العراق يتدخلون لتسوية اقتسام المغانم وتوزيع الحصص السلطوية ، وطبعا ً ليس شرطا ً ان تكون المصلحة الوطنية هي المتحكمة في ذلك .
    فعندما نبغي بالديمقراطية حصول التوافق ووحدة الشعب ونجد ان أصوات الطائفية تبرز من خلالها، فهذا دليل على أنها لاتسير في الطريق الصحيح ،وكذلك عندما نجد أن المسؤول المنتخب في البنية النيابية الوطنية لايدافع عن وحدة البلاد وكرامتها وديمومة مؤسساتها بل أنه يدافع عن منظومة ضيقة قد تكون حزبا ً أو كتلة أو طائفة مما يهدد نسيج البناء الداخلي للبلاد ويولد الفوضى بلباس الديمقراطية . وعندما يجد الأرهابي والسارق والمخرب المجال واسعا ً للنيل من امن البلاد ومواردها بأسم الديمقراطية فهو التطبيق البليد للديمقراطية .
ويبدو انه من السهل  التشدق بأتباع الديمقراطية فقد  أصبح  حالها شبيه بحال السلع يمكن تزوير أشكال عديدة منها بحيث يصبح  من الصعب تمييز الأصيل من غير الأصيل ،ولكن هناك مميزات تسهل لنا معرفة الديمقراطية الحقيقية من غيرها من اهمها  :
-       الأستقرار السياسي ورصانة بنية الدولة .
-       انخفاض مستوى الفساد السياسي والأداري والأقتصادي .
-       انعدام الأرهاب وقوة المنظومة الأمنية للبلاد .
-       تحسن الحالة الأقتصادية وارتفاع مستوى دخل الفرد ونمو القطاعات المهمة للدولة .
-       قلة أحتمالات تورط  الدول الديمقراطية في صراعات وحروب خارجية .
-       وجود نظام اجتماعي يحقق العدالة وتكافؤ الفرص وتحقيق الضمان الاجتماعي للمجتمع وينظم حياتهم بسن القوانين الوضعية المرنة المناسبة للمكان والزمان والتي تكفل لهم الحريات العامة ولا تتدخل في الامور الشخصية للفرد وتعتبرها خطوط حمراء لايمكن التجاوز عليها 0
وواضح ان كل هذه الصفات غير موجودة في ديمقراطيتنا العتيدة ،  مما يجعلنا نحكم عليها بانها ليست ديمقراطية اصيلة وان علينا مراجعتها بشجاعة وعناية والأعتراف بفشل الكثير من ممارساتها وبالتالي العمل على تصحيحها الى الأتجاه الذي يخدم البلاد ويسير به سريعا ً في طريق المستقبل .

Share |