قيام المختار بين الحقيقة والخيال(1)- الاء حامد

Sat, 3 Sep 2011 الساعة : 18:15

المقدمة:
ربما يعتقد البعض إن الكتابة في مثل هذه المواضيع حكرا على شخصيات معينة أو أنها فقط لأصحاب الشأن ذاتهم كما جرت العادة , ولا تتوفر لغيرهم التجربة في خوض غمارها,, قد يستبعد البعض إن تقوم فتاة مسيحية على تدوين السجال الذي عاشته دولة المختار الثقفي في تلك الحقبة القاسية التي عاصرها العراقيين آنذاك !!..
وربما إنني قدمت على امرأ لست من أهله , ولكن لا أرى بأسا على نفسي من الخوض في هذا الموضوع, لأدون جزء ما قرأته عن حياة المختار الثقفي ,وما تابعته من خلال المسلسل التاريخي الإيراني الذي تقدمه القناة التلفزيونية الإيرانية ( أي أفلام ) الذي يتناول هذا الموضوع بأسلوب درامي رائع ودقيق ويصور قيامه العادل ضد الاستبداد والطغيان الأموي والزبيري بأروع صوره وأدق التفاصيل , قيام المختار ونضاله شأنه شأن الثورات العربية التي نعاصرها الآن من خلال الربيع العربي المبهر ضد الحكام الجبابرة والطغاة, وما لقاه المختار من قهر وتشريد وغربة امتدت أعوام طوالا في سبيل الحق ونصر المعتقد الذي يؤمن به, كان دافعا لدخوله التاريخ من أوسع أبوابه رغم محاولات الأمويين والزبيريين في تضليل تأريخه وتزويره من خلال لصق التهم الباطلة والكاذبة والمظللة بحقه وبحق قيامه أهمها ما تناقلته الروايات بأدعاءه النبوة !!..

لهذا أقدم هذه الصفحات المتواضعة لتروي للقارئ حقيقة المعاناة التي عاشها أجدادنا القدامى جراء طغيان بني آميه والزبيريين على العراقيين معا. معتمدة بنصوصي هذه على تأريخ الطبري وكذلك اليعقوبي وتأريخ ابن الأثير .وتلك المصادر التي تعد معتبره لدى جميع عوام المسلمين وخاصتهم .ولتناولها هكذا مواضيع لا تدحجه الشكوك, متأملة ان تنال هذه الصفحات إعجابكم ورضاكم.

استهلال وتمهيد:
لابد الإشارة أولا إلى ما شهده العراق بصورة عامة وما شهدتها الكوفة بصورة خاصة عبر تاريخهما من أحداث جمة كان تأثيرهما كبيراً وتحصيلهما عظيماً في الحضارة الإسلامية فيما بعد، بمعنى آخر إن الهوية الإسلامية بدأت بالتشخص والانصقال والصيرورة والتميز وفق إبعاد معينة كان لتلك الأحداث أثرها فيها، ومن ابرز تلك الأحداث ثورة ألطف الأليمة (سنتحدث عنها بالأجزاء القادمة )وما تبعها من ثورات استمدت بالأصل معينها من كربلاء الحسين على نحو واقعة الحرة وثورة التوابين وثورة المختار الثقفي وهي محور البحث هنا.

حيث اندلعت في مدينة الكوفة معقل الشيعة وأنصار الإمامة ثورة الثائرين بقيادة الثائر المختار بن ابي عبيدة الثقفي في الرابع عشر من شهر ربيع الثاني عام 66هـ وقبل الولوج في أحداثها لابد من بيان تعريف لقائدها.

المختار في سطور:
المختار بن ابي عبيدة بن مسعود الثقفي، كنيته أبو إسحاق، كان والده من كبار صحابة رسول الإسلام وقد قتل في معارك فتح فارس حيث قتله فيل ابيض كان الفرس يستخدمونه في المعركة، واستشهد معه كذلك ولداه الحكم وجبير.
ولد المختار عام الهجرة الإسلامي قي مدينة الطائف ولما بلغ عمره الثالثة عشر شارك مع أبيه في وقعة «قس الناطف» فنشأ مقداماً شجاعاً ذا عقل وافر وجواب حاضر وصفات مجيدة من كرم وسخاء وفطرة سليمة تدرك الأشياء بفراستها.

لاشك ان قيام المختار لم يكن غوغائيا بل هو نتيجة تراكم معاناة الشيعة جراء حكم الأمويين الطغاة الذي كان هو يمثل احد زعمائها البارزين في الكوفة , ومنذ كان المختار يافعا كان متحمسا للبيت العلوي حيث انه نشأ في كنف عمه ( سعد بن مسعود ) الذي كان عامل لعلي على المدائن (1)...
ومنذ تحرك الحسين , واسمه يتردد في سجلات الحركة الثورية التي اتخذت مسرحها هذه المدينة, مخترقا بذلك مألوف الموقع القبلي الثقفي الموالي للدولة الأموية آنذاك, وانه أوى في بيته رسول الحسين ( مسلم بن عقيل ) إلى الشيعة التي دعوه للمناصرة والبيعة , فضلا عن دوره الهام في التعبئة الشعبية عشية خروج الحسين إلى حد الصدام المسلح مع ابن زياد(2) منطلقا من داره التي كانت مسرحا لاجتماعات الشيعة ونشاطاتهم الثورية.

كما يتسم المختار بصفتان متلازمتان في حياته السياسية وطموحاتها المذهبية وابرز ملاحهما : الاتجاه الشيعي والنزعة إلى السلطة وان كانت الأولى مرتهنة للثانية, لكن المختار لم تخلو شخصيته من التأثر بالسلطة والنزعة إليها ,وهذا ليس عامل ضعف بقدر ما هو عامل قوة كان يتمتع به المختار رغم ضعف التوجه الشيعي لهذه الاتجاه الذي افقد المختار الكثير من خاصته وعوامة الشيعة وتسببت بانهيار دولته سريعا.

للحديث بقية في الجزء الثاني سنتطرق الى العوامل الأساسية التي ساعدت المختار في نجاح قيامه وثورته ,منها شعاره الثأر للحسين" وكذلك ستناول ثورة الحسين وإبعادها في نجاح هذا القيام.
انتظرونا قريبا .. دمتم بود وخير

المصادر والإحالات
1-ابن الأثير- الكامل ج3ص404
2-اليعقوبي- تاريخ ج2ص258

Share |