ابن حسّون البِكر-خضير فليح الزيدي
Thu, 12 May 2011 الساعة : 12:18

الآباء والبنون ليس عنوان رواية روسية لتورجنيف فحسب، بل هي سردية عراقية خالصة، مفارقة تبكي البعض ويضحك منها البعض الآخر، تتكرر كل يوم في العراق، عراق ما بعد نيسان 2003 طبعا..
فيما مضى استطاع البعض من الآباء الذي يحمل اسم حسين أو حسن أو حسون أن يحرق المراحل في سلم الصعود.. أراد أن يدغدغ هرم السلطة آنذاك في مغازلتها كواحدة من آليات التجنّب أو التصادم معها والاستقرار في حضنها، يحاول حسون التقرب أكثر فأكثر من مؤسسات السلطة الحاكمة ومبعدا شبح الخيانة أو العمالة أو العداء أو التحزّب المعادي، فأطلق اسم صدام على الابن الأول لبنيه وأصبح أبو صدام، مثلما تكررت الحالة مع الإخوة من قبل الذين يحملون اسم قاسم أو جاسم أو ما شابه فقد أطلقوا على أبنائهم تسمية عبد الكريم أو كريم .. وفيصل الأب للولد البكر غازي وسعيد الأب لنوري الصغير، قبل أن تتكرر المظاهرات المناوئة له.. الأمر في تفحصه ما بعد التغيير نجد إن بعض الذين شملهم الاجتثاث من وزر أسمائهم المخيفة هم أيضا ضحايا إغواء التسمية ليس إلا.. هذا ما جناه عليهم الآباء الذين خسروا الحياة مرتين، اجتثاثا دائما ولعنة مستديمة..
في بداية اللعبة أي في العهد القديم كان للاسم التقدير العال، صاحبه لا يقف في الطابور، يبرز هويته بمناسبة أو بدونها ويتمتع بحصانة شعبية من قوات الأمن والشرطة السرية والتقارير المستعجلة وله الأفضلية في كل تجمّع جماهيري، وغدا في العهد الجديد منزويا ضاما رأسه في الرمل، أصبح في أحسن الأحوال مذموما بجريرة الاسم والأب وقد فقد بريق رمزية الاسم الموهومة، ربما استطاع الهرب خارج البلد ليرتاح من شبح الموت المحدق..
إن البعض من حملة أسم صدام استطاعوا أن يغيروا أسمائهم بعد التغيير، الى صطام أو صبّار أو ما شابه شريطة تقارب بعض الحروف أو الجرس الموسيقي للكلمة.. البعض من الآباء اعترف بعد التغيير إن سبب التسمية ليس للتبارك أو البقاء على قيد الحياة بل للعنته كل ساعة وكل يوم في البيت على الأقل.. بذلك استطاع الأب المرحوم من تبرير الفعل قبل وفاته، لكن الابن بقي يعاني وهو يهمس باسمه على مضض في كل محفل وربما يهرب من التجمعات الكبيرة لكي لا يًصفع أو يًقتل..
الاسم يتحول مرة للتباهي المجتمعي ومرة أخرى مكب اللعنات المستديمة أو ربما للاجتثاث في أحيان أخرى، إذن استطاع صدام حسون من الهرب خارج العراق لحفنة سنين ولم يستطع العودة إلا بضمانات مكتوبة من الجهات المسؤولة بعدم الملاحقة، وان تتعهد مديرية الأحوال المدنية من تغيير الاسم ودفع المبالغ القديمة بالعملة السويسرية عندما استلمها تكريما له في لحظة الميلاد..