مؤشرات النجاح والفشل في المشهدالسياسي/عبدالستار جابر الاسماعيلي

Fri, 5 Sep 2014 الساعة : 2:24

لانجانب الصواب اذا قلنا ان أي حزب في واقعه المفترض برنامج سياسي يعتقد اصحابه وأتباعه بأنه الاصلح لإدارة شؤون الحياة في أي بلد من البلدان وعلى ضوء المنطلقات النظرية لذلك الحزب يتم رسم المسارات العملية والتطبيقية في الميادين المختلفة .
ولكي يتولد لدينا فهم عن ما هية اي حزب – بغض النظر عن برنامجه ومنطلقاته – فأن الحزب لابد ان يمتلك جمله من المؤهلات التي تعطيه مشروعية العمل والحركة في الساحة السياسيه ومنها :-
1 . امتلاك الحزب لبرنامج سياسي واضح يقوم على منطلقات نظرية قابله
للتطبيق على ارض الواقع من حيث الامكانية وصلاحيتها للبيئة
الاجتماعية وما يتصل بها من قيم روحيه وأخلاق وتقاليد .. الخ .
2 . وجود كوادر واعية ومستوعبه لبرنامج الحزب السياسي لديها القدره
على الانفتاح على شرائح المجتمع وتحويل المنطلقات النظريه
الى صيغ عملية من خلال الممارسه والتطبيق في الواقع الاجتماعي .
3 . وجود قاعدة جماهيرية واسعة تمنح الحزب مشروعية
التعبير عن تطلعاتها وطموحاتها وتحقيق ما تصبو اليه من خلال
التطبيقات العمليه لخطط الحزب وإستراتيجيته في البناء والاعمار. 4. تجربه عمليه في الساحة السياسيه تشهد بمواكبة الحزب
لحياة المجتمع وللتطورات السياسيه والاقتصادية والتغيرات المختلفة
بما يتيح لكوادره التعامل برؤية واضحة مع مختلف الجوانب .
5 . القدره على استثمار الفرصة عندما تتاح للحزب في اثبات
كفاءة برنامجه السياسي وصلاحية منطلقاته النظريه وكفاءة
كوادره من خلال تلبية احتياجات الحياة الاجتماعية والتعامل مع
مختلف الظروف تعاملاً صحيحاً يصب في النتيجة نحو الصالح العام.
وفي ضوء ما تقدم وعندما نلقي نظرة سريعة على المشهد السياسي
ونخضع ما موجود على الساحة السياسية من احزاب وحركات الى
تقييم في ضوء العوامل المتقدمة فاننا بالتأكيد سوف نصل الى نتيجة
تدلنا على مؤشرات النجاح او الفشل لهذه الحركة او ذاك الحزب .

لكننا بشكل عام ودون الخوض في تفاصيل وجزئيات الحركات السياسية وأداءها نستطيع ان نشير الى العامل الاهم وهو النتائج المتحققة على ارض الواقع من خلال استثمار الفرص المتاحة نحو الارتقاء بمستوى الحياة الاجتماعية والإسهام الفاعل في ايجاد ظروف مناسبة تنعكس ايجاباً على حياة المواطن بالشكل الذي يولد لديه شعور بالثقة بأهلية الكوادر المتصدره لإدارة الدوله والمجتمع .
ان ما موجود على ارض الواقع من نتائج لايرتقى بالتأكيد الى مستوى طموح ابناء البلد كما انه لايمثل كذلك المستوى الذي تنشده كوادر ادارة البلد اذ ان الظروف والأحداث والتقلبات الطارئة لها تأثير سلبي واضح على سير الامور على منوالها الصحيح ،الامر الذي ينعكس على مستوى الاداء . فهذه الظروف والتقلبات لابد ان تؤخذ بعين الاعتبار عندما نلقي نظرة من اجل تقييم المشهد السياسي تقييماً علمياً .
ومما لابد من الاشاره اليه , حالة التنافس بين اطراف العملية السياسية وهي حاله مشروعه في أي بلد يعيش تحولاً ديمقراطياً شرط ان يكون هذا التنافس نحو اثبات القدره والكفاءة على تقديم الافضل , لكن الذي شهدناه ونشهده لم يكن تنافساً بهذا المعنى وإنما هو اقرب للصراع على المغانم والكراسي و..و..الخ الامر الذي ادى نشوء ظاهرة التسقيط السياسي وتفقد العثرات من هذا الطرف للطرف الآخر ومن ثم انشغال اولئك وهؤلاء بجعجعة لاطائل من وراءها .
لقد شكلت هذه الظاهرة عبئاً ثقيلاً على ادارة الدولة بل ان بعض الاطراف حاولت جاهدة تعطيل الكثير من المشاريع والقرارات المهمة ذات الصلة المباشره بالحياة الاجتماعية والمثال الاوضح عدم اقرار الموازنة العامة لحد الآن بسبب هذا المعترك الذي لازالت آثاره باقية لحد هذه اللحظة .
ان اهم مايعطى أي حركة سياسيه او تجمع سياسي مشروعية التحرك والعمل ضمن مسرح الحياة السياسية في أي بلد هو الانطلاق من اسس ومفاهيم ومبادئ تتجه نحو ايجاد اساليب عملية تخدم ابناء المجتمع من خلال مختلف البحوث والدراسات والمشاريع وتطبيقاتها العملية وبالشكل الذي يدفع بمسيرة تطور المجتمع نحو الامام . وهذا الدور المفترض يفرض على الاحزاب والحركات السياسيه بحكم منطلقاتها النظرية المتجهة وفق رؤيتها نحو تطوير الحياة الاجتماعية يفرض عليها مد جسور التعاون فيما بينها والاستفادة من تجارب كلاً منها بتلاقح الافكار وتبادل الآراء بغض النظر عن موقع هذه الحركة او ذلك الحزب من مركز القرار , حيث يصبح مجموع تحرك هذه الحركات والأحزاب في النهاية متجهاً نحو غاية اساسية هي خدمة المصالح العليا للبلد . وبالنتيجة تتحقق الاهداف المرجوة التي يطمح اليها الجميع .
قد يبدو الكلام المتقدم مثالياً بعض الشئ ولكن المنطق والتفكير السليم يضعنا امام تساؤل وهو ايهما اهم بالنسبة لأي حزب او حركة سياسية المصلحة العليا للبلد بغض النظر عن البرنامج السياسي الذي يحقق هذه المصلحه ام موقع ذلك الحزب في الخارطة السياسية ؟
لاشك ان المنطق يفرض مصلحة البلد اما طموح الحزب السياسي الى الاقتراب من دائرة القرار يبقى طموحاً مشروعاً لكنه بأي حال يجب ان لايتعارض مع المصلحة الوطنية ولا يشكل معرقلاً لانسيابية التحرك الجماعي نحو الغايات السامية . بعبارة اخرى يجب ان لايكون الشغل الشاغل لأي حزب كيف يكون في الطليعة بقدر اهتمامه بحجم الدور الذي يسهم من خلاله في خدمة الحياة الاجتماعية ومن خلال هذا الدور والمساهمة الفعلية يتولد الاستحقاق الحقيقي لأي حزب كحالة تفرض نفسها من خلال قناعات افراد المجتمع بما قدمه ذلك الحزب من انجازات وإسهامات لها فعلها المؤثر في البناء الاجتماعي وتطوير واقع البلد نحو الافضل وهذا هو النجاح الحقيقي.

Share |