الدراما التركية والترويج لتركيا الكبرى-عبدالامير الهماشي
Thu, 1 Sep 2011 الساعة : 0:43

استطاعت الدراما التركيا ان تغير الكثير من الصورة التي رُسمت للشخصية التركية التي عرضتها الافلام والمسلسلات العربية عن الاتراك وهم في وضع الغطرسة والظلم تارة وفي وضع السخرية منهم تارة اخرى
وكانت للدبلجة أثر كبير في وصول المسلسلات الى هذا القدر الكبير من الانتشار حتى تفاخر أحد الفنانيين السوريين بأن نجاح الدراما التركية في الوطن العربي هو نتاج لنجاح الدراما السورية باعتبار ان من يقوم بعملية الدبلجة والاداء هم فنانون سوريون
وربما هناك تكرار لظاهرة شهدها الوطن العربي في انتشار المسلسلات المكسيكية المدبلجة والتي لم نر منها الكثير في العراق في التسعينيات من القرن المنصرم بسبب عدم السماح للاطباق اللاقطة في العراق انذاك ولكننا نجد ان المسلسلات التركية باسمائها وأبطالها قد بدأت تأخذاسماء لمحلات تجارية وتتصدر صور الابطال المنتجات من العطور الرجالية والنسائية للترويج لها
والى هذا الامر تبدو الحالة طبيعية بالنسبة للشعوب العربية التي طالما تنجذب الى ماهو قادم من الخارج وتبقى ظاهرة تستمر لسنوات ومن ثم تأخذ مداها في الانحسار إلا أن السياسية التركية وطبقا للنهج الامريكي في ترويج سياسته وستراتيجيه من خلال هوليود عاصمة صناعة الافلام الامريكية قامت بنفس الفعل من خلال مسلسلات أهمها المسلسل وادي الذئاب الذي تتلخص قصته بوجود بطل تركي له شعور قومي يميل الى الاسلام والى جذوره التاريخية من خلال عودته الى والده العجوز (بابا عمر) لحل مشاكله النفسية وما يصيبه من نصب ولغوب للمهمة الجسيمة التي كلفه بها (الاغوات) الرحم للحركة الاسلامية او الى الوطنيين الاتراك
ويقوم بابا عمر بذكر قصص اسلامية وتاريخية مؤثرة عن الحسين حفيد الرسول او الرسول او عن الخليفة عمر بحسب ما يقتضيه السيناريو بل اني وجدت في ترجمة الجزء الخامس ان فريق البطل مراد علم دار تنعت المخالفين لهم بابناء يزيد في كل موقف يقفوه.
ويبدو ان الاتراك ارادوا بطلا يذكرنا برامبو الامريكي في سلسلة الافلام الشهيرة للممثل سلفستر ستالون مع بداية عهد جديد للساسية الامريكية في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي ومع وصول الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغن.
وهكذا تم كتابة سيناريو لبطل اسمه مراد علم دار مهمته تنظيف تركيا من مافيات الفساد المرتبطة اوتاماتيكيا باجهزة مخابرات دول عالمية ابتداء من الولايات المتحدة الى روسيا وحتى عملاء الدولة العبرية.
كما هوالحال ايضا مع مروجي المخدرات ومنظمات الجريمة وكذلك منظمة العمال الكردية المعارضة التي ينعتها البطل بانها مرتع لكل المخابرات الاجنبية.
والملاحظ فنيا ان اجهزة المخابرات الامريكية تستطيع التنصت على رئيس الوزراء التركي في المسلسل ولاتستطيع ان تفعل ذلك مع مراد علم دار او انها لم تفعل ذلك مع البطل وانها تستطيع تنفيذ عملية اغتيال لاي كان بمن فيهم رئيس الحكومة ولاتستطيع ان تقوم بذلك مع البطل.
وكما هو الحال فيما يتعلق بالافلام الامريكية التي تعرض الافكار الامريكية التي يريدها السياسيون وصانعوا القرارات الستراتيجية الامريكية دون خوف اومواربة نجد ان الاتراك في مسلسلهم هذا الذي يجد دعما من قبل الحكومة التركية، ويبدو ان صانعي المسلسل يعملون في الدوائر القريبة جدا من حزب اردوغان وهو يذكرون الكثير من التفاصيل التي جرت في كواليس السياسية حتى وصل الامر الى بسط سيطرة الحركة الاسلامية التركية على مقاليد الامور.
ويوحي لنا المسلسل بان رامبو التركي هو صاحب الفضل في هذا الامر الذي اوكلت له هذه المهمة وهو من تخشاه المخابرات الامريكية أكثر من خشيتها من أي شخص اخر في المؤسسات الامنية التركية بحسب ضابط امريكي -تركي استطاع (الختيارية) زرعه في السي آي أي منذ 35 عاما قام بنقل المعلومات الى البطل مراد علم دار.
وأهم ما اود الاشارة اليه هو ان الولايات المتحدة وبحسب المسلسل في جزئه الرابع تريد لتركيا ان تعيد دورها من خلال ما اسماه المسؤول الامريكي في المسلسل (تركيا الكبرى) واظهر الخريطة الخاصة لهذا المشروع وهو في حال نقاش مع العملاء الذين تم استدعاءهم من كافة المدن التركية ومن شمال وجنوب ووسط العراق وبقية الدول العربية وعندما اعترض الاكراد زجرهم السيد الامر.
ومن خلال احداث المسلسل لم نر اعتراضا على مشروع تركيا الكبرى وانما الاعتراض لتسير الامور من قبل الضابط الامريكي ومن هنا دخل الصراع مرحلته المكشوفة.
ومن خلال السيناريو والحوار نجد الكثير من الافكار والممارسات التي تقوم بها الدولة التركية نجد ان بعضها قد طُبق وبعضها مازال انتظار تنفيذه بحسب الظروف العربية لاسيما في العراق وسوريا لتحقيق الحلم التركي في التمدد جنوبا وتحقيق تركيا الكبرى لتعود اهمية تركيا في الحلف الاطلسي بعد زوال الخطر الروسي والحلف الشيوعي المنهار.