لا يفرق بين الزلابية والبقلاوة منذ 18سنة!!-باقر عبدالرزاق السعداوي

Thu, 1 Sep 2011 الساعة : 0:08

 مذ وعينا على هذه الدنيا وتبصرنا على أفضل الشهور وهو شهر رمضان الكريم فأن الشيء الذي أصبح من مظاهر الشهر الفضيل هي الزلابية والبقلاوة حتى إننا في بداية طفولتنا ننتظره من اجلهما ، ورغم كل التطور والتنوع في الأكلات وما وصل إليه المطبخ العراقي في الوقت الحالي بقي مطلب البيت ( إذا مررت بالسوق وياك جيب زلابية وبقلاوة) ولكن تعجبت لكلام أحد الأخوة وهو يعمل سائق سيارة حمل بين المحافظات قال كل عام في رمضان أولادي يوصوني أن اجلب لهم زلابية وبقلاوة وألبي طلبهم كل يوم بعد عودتي من السفرة قبل المغرب وأقول لصاحب المحل حالي حال الآخرين أعطيني كيلو زلابية وبقلاوة وصدقوني أخوتي صار لي على هذا النحو ثمانية عشر سنة وانأ لا افرق ( وينه الزلابية وينه البقلاوة) !.
بالرغم من أن كلامه كان بالصميم لأنه لاتهمه مصطلحات الناس ومسمياتهم المهم عنده أن يهتم بعمله اليومي حتى يجلب لعياله لقمة العيش . لكن أخذتني ذكرياتي إلى بعيد ، كيف أن هذا الشخص ميز بين المؤتمر الوطني الذي حكم البلد بعد سقوط الصنم وبين المجلس الوطني الذي جاء بعده ، كيف له أن فرق بين الطاولة المستديرة والطاولة المربعة!! كيف أن يستسيغ ويفهم ما ذا يعنيه المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية (شطول أسمه) واتفاق أربيل، بل كيف أن يتلقى معنى الأقاليم والفيدرالية ، وبماذا يرشقنا لو سألناه عن ترشيق الوزارات ، وهل يؤمن السفر إن تأكد له إن وزارتي الدفاع والداخلية منذ سنتين بدون وزراء (بالوكالة)!! وإذا طلبنا منه الاستفتاء على إعادة كتابة الدستور فهل يطلب منا نقطة نظام ! والقائمة تطول بالمصطلحات التي لم نشهدها من قبل ، تعددت القنوات الفضائية وأصبح المسؤول يطل علينا في الليلة الواحدة على خمس فضائيات ليلقي علينا بالمصطلحات وهو يدير بسبحته اللامعة ( ولا ندري من أين له كل هذا الوقت ومتى يدير عمله) يقال أن اينشتاين كان يملك (بدلة) واحدة لأنه يقول إن كثرن فهذا يضيع علي الوقت في اختيار احدهن فاستغل هذا الوقت في اكتشاف علمي جديد يفيد المجتمع! وهذا نيوتن الذي سقطت على رأسه تفاحة فأقام الدنيا ولم يقعدها حتى أكتشف قانون الجاذبية ولكن احدنا لو وقع على رأسه ( دبل طابوق) فلا يحرك ساكن! بل ما بالك لو وقعت على رأسه وزارة الدفاع بأكملها فماذا يصنع . نسمع منهم سوف نستجوب فلان وسوف نقاضي علان ونطلب من هذا توضيح ونمهل ذاك أسبوع .. ويستمر سرد الكلام كل هذا ونحن نرى المشاريع الهشة ، ينخسف الشارع بعد مرور ستة أشهر من الاحتفال بانجازه ، هياكل متآكلة يقال عنها أنها لمدارس جاهزة البناء بملايين الدولارات أكلتها الأمطار والأملاح! محطات تحويل الطاقة الكهربائية عبارة عن لعب أطفال وغيرها ويتقاذفون التهم على مرأى الناس ويسمعهم حتى بائع اللبلبي ، يقول احدهم حكومتنا حكومة ديمقراطيه يرد عليه خصمه ويقول بل حكومتنا حكومة اوتوقراطية فيقفز كبيرهم الذي علمهم السياسة ويقول ( أن حكومتنا حكومة تكنوقراطية) !.
كان في الزمن البعثي أحد البعثيه يقبل أن أتكلم على حزبه أمامه مقابل أن أبيعه تكة سكائر بالدين ، وكان هناك تصريح لبوش الابن أن هدام إن لم يمتثل لقرارات الأمم المتحدة سيواجه عواقب وخيمة ، فسألني هذا البعثي المروض ماذا يقصد بوش بالعواقب و ( خيمة) أي فصل واو الكلمة عن أصلها فأصبحت خيمة ( وهو أمر عادي عند بعض البعثية الجهلاء) فقلت له مازحا ومعها تكة السكائر سوف يعزلكم بوش في خيم خارج المدن ويطحن لكم الشعير ويطعمكم منه مثلما أطعمتم الشعب ويعاقبكم صباحا ومساءا فقال اضن ذلك !، وكان أيضا احد البعثية يجتمع أسبوعيا بحلقته التي تتألف من أطباء ومهندسين ومدرسين المجبورين ( الذي لم يحضر الاجتماع يكتب عليه تقرير وينقل الى مكان عمل بعيد هذا ان لم يطرد من عمله)وغيرهم وطلب منه البعث شرح كتيبات هدام (المقتبسة طبعا) وتناول يوما الكتيب المسمى( التراث والدين) وبدأ يشرح لهم ماذا يعني التراث والدين واختصرها لهم قائلا التراث والدين تعني ( وضع سجادة الصلاة القديمة في الجامع) ، السجادة تعني التراث والجامع يعني الدين ولو ان جوامعنا مغلقة ولكن هذا ما يقصده قائدنا الضرورة!!. ،
كنا نتصور أن يهدأ السياسيون في شهر الطاعة ويتوقفوا عن التراشق ويكفيهم الترشيق الوزاري ويكفوا عن سياسة التسقيط وان يجدوا الحلول لمشاكل البلد الكثيرة التي تجاوزت ارقام كتاب غينس للأرقام القياسية، تأملنا منهم أن يضعوا أطباق الزلابية والبقلاوة (إن كانوا يستطيعون أن يفرقوا بينهما) على طاولة نقاشهم ويتداولوا مشاكل البلد بهدوء ويلتحموا تحت راية البلد ويجلبوا الأيتام والفقراء ويأكلوا معهم وتكون هناك قرارات جريئة وحازمة تحمل معها الكثير من التنازلات لتكون عيديه للشعب الذي عانى ولا زال يعاني ويتعمق جرحه باتساع دائرة الخلاف السياسي ونبتعد بأبصارنا بما يدور من حولنا من تغيرات سياسية وتدحرج عروش الدكتاتوريات بسرعة مخيفة بثورات شعبية قل مثيلها في التاريخ ، لا نريد حكام يرتبط وجودهم بمؤسسات الدولة حيث أنه عند رحيل الحاكم انهار البلد بأكمله اليس ايضا هو بلده وهذا ما لمسناه من انهيار حكم هدام وزين العابدين وحسني والقذافي وتأرجح حكم صالح وغيره ، الشعب يريد ان يعاد عليه كل رمضان بالزلابية والبقلاوة وشريطة ان تكون بالدهن الحر!!.وأتمنى من صديقنا السائق ان يبقى يعمل على الطرق الخارجية خيرا له من سماع مصطلحات جديدة تربك عمله وكسبه الحلال.
 

Share |