كيف يمول داعش نفسه ؟
Thu, 28 Aug 2014 الساعة : 8:00

وكالات:
منذ ظهور الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" على ساحة الصراع قبل اكثر من عامين في سوريا اولا ومن ثم في العراق وسيطرتها على مناطق غربي ووسط سوريا وشمال العراق، تنتاب المراقبين اسئلة صادمة تتلخص بشأن امكانية هذه الدولة الداعشية التي تتربع على اكثر من خمس محافظات في سوريا والعراق، ان تبني جيشا مستعد لتنفيذ هجمات مؤذية في كلتا الدولتين، وكيف يتمكن "داعش" من دفع مرتبات اكثر من 50 الف مقاتل جلهم من جنسيات مختلفة ؟، ثم كيف يجهز جيشه بالاسلحة والعتاد ويدير حربا اعلامية الى جانب حروبه الميدانية؟.
وفي تقرير نشرة المرصد السوري لحقوق الانسان تابعته "المسلة" اشار الى إن "تنظيم داعش يدفع لكل مقاتل سوري 400 دولار شهريا وهو يساوي ضعف مرتب الموظف الحكومي في سورية، بالاضافة الى 50 دولار عن كل طفل و100 دولار عن زوجة، كما يتم تأمين مسكن له، بالإضافة لتأمين وقود لسيارته من محطات الوقود التي يديرها تنظيم الدولة الإسلامية، فيما يحصل المقاتل غير السوري إضافة إلى المرتب نفسه والمميزات ذاتها، على بدل هجرة مقداره 400 دولار شهرياً".
ويمكن ان نستنتج بان التنظيم استنسخ مرتباته لمقاتلية في العراق ايضا باعتباره انها دولة واحدة .
وذكر تقرير اورده معهد واشنطن المختص بالشرق الاوسط أن "تنظيم الدولة الاسلامية تاسس على التبرعات من المتعاطفين بالإضافة إلى مؤسسات تنشط تحت ذريعة المساعدات الإغاثية، وهو ما كانت تعتمد عليه "الدولة الإسلامية في العراق" التي تعتبر النواة الرئيسية لداعش"، مشيرا الى ان "المتعاطفين من الكويت - التي أثار فيها نواب مجلس الأمة جدلا بعد تأكيد بعضهم وجود خلايا نائمة تدعم داعش-، شكلوا مصدرا مهما لتمويل التنظيم لا سيما في بداياته، إذ تعتبر الكويت أكثر البيئات تسهيلاً للتمويل الإرهابي في الخليج العربي".
وتقول الباحثة في المعهد لوري بلوتكين بوغارت "لا يزال السعوديون يشكلون مصدر تمويل مهم للجماعات السنية المسلحة الناشطة في سورية، اذ أرسلوا لها مئات الملايين من الدولارات في السنوات الأخيرة".
وكان العراق قد اتهم في اكثر من مرة وعلى لسان رئيس الوزراء والمسؤولين المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا بدعم الارهاب ماليا وعسكريا، ونفس الاتهام وجهته المانيا على لسان وزير المساعدة الإنمائية الألماني غيرد مولر اذ اتهم قطر صراحة بتمويل داعش.
ويؤكد الناشط السوري في مجال حقوق الإنسان عبد الرحمن جلود الذي يرصد انتهاكات داعش في شمال سورية، إن "هناك مصدرا آخر من مصادر التمويل، هو المختطفون الأجانب الذين تفاوض حكوماتهم على مبالغ طائلة"، وهو ما كشفت عنه وسائل اعلام أميركية بعد اعدام الصحافي جيمس فولي، إذ كشفت خطابات ورسائل إلكترونية إن التنظيم طالب بـ132 مليون دولار مقابل الافراج عن فولي".
منذ نشأته، بدت سياسة داعش واضحة في تركيز معاركه حول مصادر التمويل، واستطاع بلورة نظام "هجين" من التمويل المعتمد على مصادر دولية ومحلية، حسب محلل شؤون الأمن القومي في شبكة CBS الأميركية جوان سارات.
وعوض قتاله النظام السوري في شمال البلاد كما يفترض نظريا، راح يقاتل قوات المعارضة السورية التي تضم جبهة النصرة وجماعات إسلامية أخرى، التي كانت تسيطر على موارد مهمة شمال البلاد.
يقول رئيس تحرير جريدة عين المدينة زياد عواد، وهي جريدة محلية تصدر وتوزع في دير الزور والمناطق الشمالية الشرقية في سورية، إن أولى المعارك التي خاضها تنظيم داعش كانت للسيطرة على محطة توزيع الغاز التابعة لحقل كونيكو النفطي ومطحنة الحبوب والإسكان والمعامل التي كانت خاضعة لسيطرة جبهة النصرة بالقرب من مدينة دير الزور، قبل أن يقوم ببيعها لتجار أتراك.
كما باع التنظيم محلجة الأقطان التي استولى عليها لتجار في تركيا، بما فيها من مخزونات تقدر إلى جانب المحلجة بأكثر من مليون دولار، وهو نفس السيناريو الذي انتهجه في مستودعات السكر التي سيطر عليها.
ومع اتساع معارك التنظيم في المناطق الغنية بالموارد الاقتصادية شيئا فشئيا، بات اليوم يسيطر على مجموعة كبيرة من حقول النفط السورية التي تتركز بالأساس في المناطق الشمالية، مثل حقول جبسا وكونيكو والعمر والشدادي، وفق ما يؤكده كل من جلود وعواد.
ويقدر عائد داعش من النفط الذي يستخرج بطرق بدائية ويباع في السوق المحلية بنحو مليون ونصف المليون دولار يوميا، حسبما يوضح عواد، الذي تعكف مجلته على نشر ملف خاص بـ"علاقة داعش مع النفط السوري".
ويشير إلى أن ما يتم إنتاجه يوميا في المناطق الشرقية الشمالية بسورية يقدر بـ50 ألف برميل، وأن متوسط سعر البيع يصل إلى 30 دولارا للبرميل الواحد، ناهيك عن عائدات الغاز الذي يباع لتجار محليين، أو تتم تعبئته في اسطوانات وبيعه للاستخدام المنزلي، لافتا إلى أن هذه الموارد كانت موزعة على كتائب المعارضة المسلحة وجبهة النصرة قبل أن تصبح جميعها في أيدي داعش.
ويبيع داعش الغاز للنظام السوري كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، فهو يواصل مده بالغاز لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، مثل محطة جندر في حمص التي تتزود بالغاز القادم من حقل كونيكو مقابل مبلغ شهري يدفع عبر وسطاء، حسبما يؤكد زياد عواد.
وفي العراق وحده، يبيع داعش نحو 100 ناقلة يوميا لتجار أكراد بمبلغ 9000 دولار للناقلة الواحدة مع حساب 26 دولارا للبرميل الواحد، لتصدر بعد ذلك إلى تركيا وإيران، أي أن وارد النفط من موارد العراق وحده يبلغ يوميا نحو مليون دولار، وفق خبراء.
هذه الأرقام تتفق مع ما قاله خبراء في مجال الطاقة، إن مجمل ما يكسبه داعش من النفط والغاز بين سورية والعراق، يفوق ثلاثة ملايين دولار يوميا.
وعند سيطرة داعش على مدينة الموصل اقتحم مصرفا حكوميا وسرق ما يعادل 425 مليون دولار وهو اكبر مبلغ يحصل عليه التنظيم منذ تاسيسه، كما انه جند مؤيديه لاختراق حسابات بنكية، كما ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانية التي كشفت أن البريطاني من أصل باكستاني جنيد حسين، الذي انضم إلى تنظيم داعش مؤخرا، من المحتمل أن يكون وراء مؤامرة لتفريغ حسابات مصرفية بريطانية تعود لأثرياء ومشاهير لتمويل، "الإرهاب في الشرق الأوسط".
وبالنسبة للاسلحة فان داعش يمتلك كبيرا من الأسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر استولى عليها عند انسحاب الجيش العراقي والبيشمركة من مدن وقرى في محافظة نينوى .
وتقول شبكة ABC الإخبارية الأميركية، "باعت الولايات المتحدة العراق بنادق وذخيرة وصواريخ هيلفاير وطائرات من دون طيار في محاولة لمساعدة الجيش العراقي في التصدي لهجمات الإرهابيين. الآن هذه الأسلحة أضحت في حوزة الإرهابيين".
وفي سورية سيطر التنظيم على 40 دبابة ومدرعة دفعة واحدة بعد سيطرته على اللواء 93 في شمال الرقة، وكذلك عشرات المدافع من عيار 130 في اللواء 121، إضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة استولى عليها من مطار الطبقة في المحافظة ذاتها خلال معاركه الأخيرة مع النظام السوري.
الى جانب هذه الايرادات يفرض داعش في الرقة وريف الحسكة ضربة تبلغ نحو 2000 ليرة (ما يعادل 13.5 دولارا أميركا) شهريا تستحصل من كل عائلة، لقاء توفير المياه والكهرباء عبر المحطات التي أضحى يسيطر عليها.
كذلك، يدفع الأهالي مبلغ 500 ليرة (أربعة دولارات) لقاء ما يطلق عليها "بدل حماية".
المصدر:المسلة