المأزق العراقي وسبيل الخروج منه-عادل ابراهيم
Wed, 31 Aug 2011 الساعة : 1:20

ادرك الكثيرون أن تحقيق الأمن و الاستقرار في العراق يقترن بالإرادة الأمريكية وانه في اللحظة التي تقرر فيها أمريكا إيقاف دوامة العنف فسيتم ذلك على ارض الواقع وفي وقت قياسي !! ... هل يفهم من هذا أن أمريكا لها يد في العنف والفوضى العارمة التي تجتاح البلد ؟ ويعني أيضا إن الحكومة العراقية مهما فعلت و عملت من جهود في بناء الجيش العراقي وتسليحه وتقوية الأجهزة الأمنية والاستخبارية لن تكون قادرة على التقدم بخلاف ما يريده الأمريكان ؟ الجواب لا يحتاج إلى تأمل طويل . فأصل الحكاية بدأ عندما دخلت القوات الأمريكية العراق عام 2003 ودخلت تحت عباءتها فلول القاعدة بكل إمكانياتها اللوجستية والتعبوية وأرست ثكناتها في مناطق في العراق بالتزامن مع بناء الجيش الأمريكي قواعده العسكرية هناك . وسهل قرار الحاكم برايمر وقتها بحل الجيش العراقي وتفكيكه الأمر للقاعدة بعدم وجود قوة تردعها وكذلك ترك الحدود بدون حراسة فتمركزت القاعدة في الصحراء العراقية و القرى والمدن التي تضررت بسقوط نظام صدام حسين .
والآن وبعد مرور ثمان سنوات على استهلاك أمريكا لورقة القاعدة لم تقم بإحراقها هذه المرة كما جرت العادة في السابق بل قامت بأخفاءها مؤقتا واللعب بها كلما استدعت الضرورة ذلك كما ظهر في سلسلة التفجيرات الأخيرة التي طالت عددا من المحافظات العراقية والتي كان الهدف منها -على ما يبدو – إرسال إشارات الى الجميع بأن الحكومة العراقية غير قادرة على توفير الأمن و مكافحة الإرهاب وبالتالي تبرير بقاء الوجود الأمريكي في العراق .
وعلى العموم لدى أمريكا أوراق أخرى تلعب بها للضغط على الجانب العراقي بتمديد بقاء القوات الأمريكية ... ومنها على سبيل المثال غض الطرف عن الجانب الإيراني في القصف المتواصل للأراضي العراقية في كردستان العراق ... بينما لا تستطيع إيران حتى مجرد التفكير برمي حجارة على أي من الدول الخليجية المتواجدة فيها قواعد أمريكية كالبحرين أو السعودية مثلا ... لمعرفة إيران المؤكدة أن أمريكا لن تسمح بذلك مطلقا ... فلماذا لا يحصل ذلك مع العراق ؟؟!!
إن أمريكا هذه الدولة الجبارة والقاهرة تلعب بالعراق – هذا البلد المسكين - لعبة لا يقدر عليها , تشبه لعبة المصارعة الحرة – رغم عدم تكافؤ الطرفين – تريد للعراق إن يستسلم و يخنع تماما كما فعلت الدول الخليجية , و تريد أن لا يفكر العراقيون مطلقا بأي انسحاب للقوات الأمريكية ... لا في المستقبل القريب و لا البعيد ... و إلا سيبقى في هذه المصارعة الخاسرة ابد الآبدين .
فهل يدرك العراقيون حجم هذا المأزق الذي وقع بلدهم فيه ؟... انه لا مناص من بقاء الأمريكان في العراق حتى يضمنوا الحصول على نسبة محسوبة من الأمن و الاستقرار ... تزداد كلما مددوا للوجود الأمريكي وتقل كلما طالبوا بالمغادرة أو فكروا مجرد التفكير به !!..
وحتى الخيار الذي تبناه القلة - وهو خيار المقاومة – فقد ساهمت أمريكا الى حد كبير في إجهاضه و تحديده , لعدم استعداد المواطن العراقي المجهد لذلك والذي خططت أمريكا وبالتعاون مع عامليها في الحكومة على إنهاكه وإشغاله بمتاعب الحياة و مسلسل الكهرباء المفبرك ونقص الخدمات الأخرى من جهة و بالمفخخات و العبوات و الأسلحة الكاتمة من جهة أخرى .