قراءة في كتاب صدر حديثا-عبد الكريم السعيدي

Tue, 30 Aug 2011 الساعة : 1:22

(هكذا تكلم باب فاطمة ) احدث كتاب للكاتب الساخر وجيه عباس ، الذي لا يتعب من قول الحقيقة والدفاع عنها ولا يكل من فضح الباطل وأهله ،يقول الناقد المبدع حسين سرمك حسن عن هذا الكتاب في مقالة له : في أكثر من محاضرة ولقاء ، يؤكد المفكر المبدع "أدونيس" على أن الأمة العربية لن تستطيع النهوض والاضطلاع بدورها في هذا العصر اللاهث ، إلا إذا حققت مجموعة من الشروط الأساسية ، في مقدمتها إعادة قراءة التاريخ الإسلامي ، على أن تكون نقطة الإنطلاق بحث ما حصل في واقعة "السقيفة" ، هذه الواقعة التي يعدها نقطة البدء ، والمفتاح المركزي الذي تحول فيه الإسلام من دين إلى دولة . والمشكلة أن أغلب المفكرين والمؤرخين والباحثين الذين تخصصوا في شؤون التاريخ الإسلامي ، يتجنبون بحث هذه الواقعة الحساسة التي تتضمن معان عجيبة وصادمة حيث ترك الصحابة جثة الرسول يتكفل بدفنها نفر قليل ، وراحوا يتدافعون لاختيار خليفة له (أي حاكم سياسي)!! . لكن الشاعر والكاتب "وجيه عباس" الذي عوّدنا على روحه التحرشية الجسور ، يقتحم ليس هذه الواقعة المسكوت عنها ، بل العشرات من الحوادث التي تسترت عليها المصالح الدينية المذهبية أو السياسية . يعالج وجيه ذلك في كتابه الجديد والضخم (575 صفحة) : (هكذا تكلم باب فاطمة) الذي صدر مؤخرا. وأرجو أن لا يربك العنوان مدارك القاريء فيتصور أن البحث ينحو منحى مذهبيا معينا من خلال تلك الحادثة الجزئية . كلا ، وجيه هنا يشن الحملة الانتقادية الموجعة على الجميع ، على كل من أخفى وتستر وحرف أو بالغ وضخم وشوّش جانبا من جوانب التاريخ الإسلامي . في مقدمته الهامة (الأجوبة عمياء ، وحدها الأسئلة التي ترى ) يوضح أبعاد الدوافع التي حفزته لكشف الأستار عن المصموت عنه : (القفز على موانع التاريخ ، رياضة مارسها وعاظ السلاطين من أجل تحطيم الأرقام القياسية في ملعب الحقيقة الإنسانية ، ألعاب فقهية مارستها اللحى المخضبة بالحناء والعطور المكية ، ومارستها الدشاديش القصيرة التي كشفت سيقان الفتنة حتى التفت الساق بالساق ، لم تكن الحقيقة سوى غزال هارب من صيد القناصين الذين حوّلوا مآذن الجوامع إلى ساحة للموت الرجيم – ص 7) . ثم يعلن بلا تردد تصدّيه لمسؤولية الكشف بل الفضح التعرضية الجريئة بالقول : ( أن تعبر على واقعة تاريخية بحجة درء الفتنة المذهبية يعود بالفتنة إلى مربعها الأول ، إن أردت أن تتقي فتنة (يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ) فما عليك سوى عرض خرائط الأرض المفترضة التي تقف عليها وحيدا ، إن لم تكن تملك قلما فاجعل إصبعك مكانه، وإن لم تكن تملك حبرا فليكن ريقك ، وإن لم تكن تملك ورقا فليكن كفنك . أنت الآن بين ربك .. وربك ، لا مكان لوجود الشيطان بوجود نفسك تحت رب أقرب إليك من حبل الوريد . لتكن الحقيقة هي سؤالك الوحيد حتى تقف على أرض حقيقية ، أرض ليس لوعاظ السلاطين، ولا حتى للسلاطين ، سلطة واقعية عليك ، وأنت تبحث عن حقيقة عمرها الإسلام نفسه . إبحث في بطون التراث العربي ، تجد الشخصيات محنطة في دار الموت . مدّ أصابعك لتجلس فلان ، أو لتخلع عمامة علان . كن مع من شئت ، لكن كن إنسانا يبحث عن حقيقة مفقودة بعد أن ضلت الطريق وهي تبحث عن ملاذ آمن للخروج – ص 7 و8 ) . وكتاب "وجيه" هذا لن يثير عليه وعاظ السلاطين ، ولا حتى السلاطين أنفسهم ، بل رعية السلاطين المقهورة التي علا وعيها الصدأ قرونا طويلة ، وآمنت بتابوات ومحرمات زائفة . فهو لا يكتفي ببحث تلك الواقعة الخطيرة – واقعة السقيفة - وتفصيلاتها ودلالاتها وانعكاساتها اللاحقة التي امتدت حتى يومنا هذا ، ولكنه يراجع الكثير من الوقائع التي علاها ركام التغاضي والتحريف أو التعامل معها بسلوك النعامة حتى تتفاقم وتتقيح وتنفجر . إن الكاتب يغوص في كشف تفصيلات دقيقة من تلك الحوادث تجعل بصيرة القاريء تتجه اتجاها معاكسا تماما في التحليل والاستيعاب . إنه لا يكتفي مثلا بنقد وفضح سلوكيات وفتاوى غريبة عادت إلينا منذ مسافة زمنية طولها ألف وأربعمائة سنة ، كصرعة الرضعة ومباشرة الحائض وغيرها الكثير ، بل يكشف خطل وخفايا الكثير مما هو مؤسس في الذاكرة الإسلامية الجمعية عن مسارات الصراع الذي انقلب حتى على مفاهيم الإسلام الرئيسية بين تياري ما يمكن أن نصطلح عليه باليمين واليسار مع الفارق الكبير عن كتاب أحمد عباس صالح المعروف . وإلى الآن ونحن نزين الفتوحات الإسلامية رغم ما رافقها من جور واستعباد لمن سموا بالموالي مثلا وهذا ما كشفه ، من قبل ، الراحل الكبير "علي الوردي" في كتابيه : "وعاظ السلاطين" و "مهزلة العقل البشري" بشكل خاص . من ناحية أخرى صار كل من هب ودب يخرج علينا في الفضائيات الإسلاموية ويلهج بالصحيحين : مسلم والبخاري ، من دون أن يتعرض إلى الصورة المشوهة التي يعكسانها للإسلام عموما ، ولنبي الرحمة خصوصا . خذ مثلا : النبي يجامع إحدى عشرة زوجة في ساعة واحدة ، النبي يجامع زوجاته وهن حائضات ، النبي يجيز رضاع الكبير ، النبي يحضر مجالس الغناء وأبو بكر ينهاه ، النبي يبول واقفا .. وغير ذلك الكثير من الزبد الكاذب الذي يطفو فوق أحاديث مسلم والبخاري (ص 262 – 282 ) . وهذا جانب بسيط مما يتصدى له وجيه عباس . ولكن – وهذه وجهة نظري - أن جانبا كبيرا من استقبال الكتاب وفعله النفسي والمعرفي يضيع بسبب الاسلوب الجامح والمفرط السخرية الذي كتب به . يتحدث الكاتب عن أصل بدعة الرضعة التي طلع علينا بها الأزهر فيقول ساخرا بحق : (.. فالموظف الذي يعمل في وزارة الزراعة (مثلا) باستطاعته أن يرضع جميع الموظفات في قسم الذاتية .. وعدما ينتقل إلى قسم البستنة ليكمل رضاعته الدورية للصدور .. وبعد ستة أشهر يكون الموظف الراضع هو شقيق وزير الزراعة بالرضاعة لأنه رضع الجميع - ص 333 ) .. بعدها تشتد النبرة ويبدأ الجموح ( وأنا أقترح على كل ذي وزارة أن يشتري تمثالا نسائيا فيه نهدان أحدهما يعطي الحليب والآخر يعطي الشاي ، ويكون من أولى مهام الموظف الذي يحضر إلى الدوام الرسمي أن يرضع النهدين قبل الفطور حتى تحرم عليه رضاعة جميع الموظفات ) .. ثم نصل ذروة منفلتة لا علاقة لها بالسياق حيث يختم الكاتب تعليقه بالقول : ( من أجل بغداد أرضع ) ! . وستجد عشرات الأمثلة على ما أقول الأمر الذي يضيع المضمون الجاد للتناول النقدي والبحثي . ولو كتب هذا الكتاب بأسلوب الراحل الوردي – الذي فيه مسحة تهكمية وساخرة أيضا - الذي كتب به (وعاظ السلاطين) لكان له الفعل المعرفي والاجتماعي نفسه ، لكن قد يعترض العزيز وجيه بالقول وهو محق : لكن لا علي الوردي وجيه عباس ، ولا وجيه عباس علي الوردي ، والشاي يختلف قطعا عن الحليب !! .
اما وجيه عباس نفسه ، فيقول عن باب فاطمة عليها السلام : الباب الذي دخل إليه محمد (ص)،وخرج منه علي ، الباب الذي كان يسبّح بين يدي محمّد(ص) حين تمسه يداه،فخانهما بطاعة الأيدي! ، الباب الذي كان ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ، الباب الذي كان يغلق نوافذ عينيه ومسامير أهدابه على جليسة الرحى ، الباب الذي قُدَّ من قُبُلٍ ومن دُبُرٍ فألفيا سيدة البيت العلوي لدى الباب ، الباب الذي خرج منه إيمانُ عبد الله،ودخل إليه كفرُ عبد الله ، الباب الذي أخرج إسلام السلطة،وأدخل سلطة الإسلام ، الباب الذي كان شاهداً،فأصبح شهيداً ، الباب الذي تكلّم بحروفٍ من خُشُبٍ مسنّدةٍ يحسبون صيحته عليهم!! ، الباب الذي أولد كربلاء واحدة بين يديه فتناسلت الكربلاءات من النوافذ ، الباب الذي كان فاتحة لحريق الخيام في كربلاء ، الباب الذي خرجت منه فاطمة ولم تعد إليه ، الباب الذي أسكت باء الأب حتى أيتم أولاده ، الباب الذي أخرج فاطمة إلى قبر مجهول،ليس بإستطاعته أن يستر عري التاريخ .
وفي مقدمته التي ساقتها بين يدي كتابه كتب وجيه عباس يقول : القفز على موانع التاريخ،رياضة مارسهاوعاظ السلاطين من أجل تحطيم الأرقام القياسية في ملعب الحقيقة الإنسانية،ألعاب فقهية مارستها اللحى المخضّبة بالحنّاء والعطور المكّية،ومارستهاالدشاديش القصيرة التي كشفت سيقان الفتنة حتى إلتفت الساق بالساق،لم تكن الحقيقة سوى غزال هارب من صيد القناصين الذين حوّلوا مآذن الجوامع إلى ساحة للموت الرجيم،هكذا بكل ماأوتي الفقيه والعالم من علمٍ ليُضِلَّ به نفسه وسواه، التاريخُ الذي كان يشبه الأعمى السائر في نومه ،وقف حاسراً أمامَ بيت فاطمة،البيت الذي كان يشبه خيمة محمّد العظيم(ص)،والأيام دولٌ يداولها الله بين الناس،فمنهم من يسرع في الخيرات،ومنهم مقتصد في التاريخ،ومنهم المقصّر عن الهروب إلى الله،حيث يوجد الله توجد الحقيقة،الغزال الذي يأمن من سهام الباطل يسرع بكلِّيته إلى الحق،هكذا أطال الله وقوف التاريخ بين يدي الباطل حتى تنقّل من طبعٍ فأصبح تطبّعاً لايأتيه الحق من بين يديه ولامن خلفه!.
أن تعبر على واقعة تاريخية بحجة درء الفتنة المذهبية يعود بالفتنة إلى مربعها الأول،إن أردت أن تتقي فتنة (يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه)،فما عليك سوى عرض خرائط الأرض المفترضة التي تقف عليها وحيدا،إن لم تكن تملك قلماً فأجعل إصبعك مكانه،وإن لم تملك حبراً فليكن ريقك،وإن لم تكن تملك ورقاً فليكن كفنك،أنت الآن تقف بين ربك وربك،لامكان لوجود الشيطان بوجود نفسك بين رب أقرب إليك من حبل الوريد...لتكن الحقيقة هي سؤالك الوحيد حتى تقف على أرض حقيقية،أرض ليس لوعاظ السلاطين ولاحتى للسلاطين سلطة واقعية عليك وأنت تبحث عن حقيقة عمرها الإسلام نفسه،إبحث في بطون التراث العربي،مدَّ أصابعك لتعبث بلحية فلان،أولتخلع عمامة علاّن،كن مع من شئت،لكن كن إنساناً يبحث عن حقيقة مفقودة بعد أن ضلّت الطريق وهي تبحث عن باب آمنٍ للخروج،لاأدري لماذا يذكّرني الباحثون عن الحقيقة بقوم يأجوجٍ ومأجوجٍ وهم يحفرون باب عبوديتهم،حتى إذا وصلوا إلى نهايته،تغشّاهم النعاس فناموا،ثم عادوا إلى ماكانوا يفعلونه،لكنهم في كل الأحوال يبحثون عن خلاصهم كما نبحث نحن عن دينٍ غريبٍ ونبيٍّ غريبٍ قال في زمنٍ محمدي ما:بدأ الإسلام غريباً،ويعود غريباً ،فطوبى للغرباء ، ....دع عنك الوجوه والمسميات،الحقيقة التي نبحث عنها تتنقل بين نقطتين في الزمان والمكان،بين نقطة يمكن أن نسميها(سقيفة بني ساعدة) ونقطة أخرى نسميها(باب فاطمة)...هاتان النقطتان هما بداية الغربة التي أشار إليها الصادق الأمين(ص)،الغربة تتنقل بين هذين المكانين وزمانيهماوهي تبحث عن حقيقة ربما تعيد إنتاج الإسلام بصيغة محمّدية أكثر حداثة من جاهلية أبي جهلٍ،لابدَّ للحقيقة من باب تدخل منه لتخرج بيضاء من غير سوءٍ،ولابدَّ لها من سقيفة تسترعريها عن الناس،فلو أُحرق الباب وخاف اللائذون خلفه،ستهرب الحقيقة من النافذة سوداء تسوء وجوه الناظرين ،ولوإحترقت السقيفة،سترمي الناس بالشرر الذي يتطاير فوق الرؤوس....
لنرسم لوحة جديدة....نتصور(وأقول نتصور) ان الباب الذي كان يقف أمامه محمد العظيم(ص) يمثّل الإسلام الغريب،وقد تدافع عليه رجال يعرفهم محمّدٌ العظيم بسيماهم وأسمائهم وقاموا بإقتلاعه،وربماحرقِهِ،وفي البيت آل النبي!!ويقول أحدهم...وإنْ،وربما كانت إبنته هي التي تطوّعت لفتح الباب!!ويقولون...وإنْ...!!في نفس الوقت كان نفس الرجال يعودون من سقيفة دنيوية بنتها يد السلطة ليحرقوا سقيفة دينية بنتها يد النبي الغريب(ص)....
البحث في تاريخ الأشياء والكلمات عن أصل حادثة مرت على الأرض منذ الف واربعمائة عام بحاجة إلى غوّاصين يقودون حملة بحث جماعية للعثور على دليل مادي أو معنوي يثبت وقوع الحادثة من عدمها يوم كانت ليد السلطة أصابع من دنانير وحلوى ونساء وفواكه غير ممنوعة لمن يريد أن يبرز مواهبه في تزويق الحقيقة وإظهارها بمظهر المتسوّلة على أبواب السلاطين....ورب سائل يقول:وماينفع الناس أن الحادثة وقعت من عدمها؟
فأقول:ومايضرُّ الناس أن الحادثة وقعت من عدمها!!!العقل يسير بين منطقتي قتل حقيقية تبدأ بالباب وتنتهي بالسقيفة،ومابين النقطتين تقف أمامك مفارز من سلطات لخلفاء وأبناء خلفاء تنتصب أمامهم الخمرة ويعزف أمامهم إبراهيم الموصلي وإبنه إسحق،وهناك قصور ترتفع،وخيام تطأطيء هامة الداخل إليها،هناك مماليك وأمراء وجيوش وبيوت مال ومال بيوت،هناك ألف دنيا تشهر السكاكين أمام وجهك وأنت تبحث عن أثر تركته غزالة الحقيقة على أرض مدينة النبي التي تنوّرت به،وسوّدها الظالمون بوجوههم،هل عليك وأنت تنظر نفسك وقد دخلت معمعة التاريخ أن تتوقف وتقول الحق بيّن والباطل بيّن ونحن أمة الجدل العقيم الذي لايريد للحقيقة أن تكشف عن ساقها كما تفعل الحرب...
رب سائل يسأل:ماجدوى الجدال العقيم في هذه القضية الشائكة التي لم تعرض على هيئة تحقيق او لجنة اشترك فيها بعض الصحابة الذين كانوا يملكون من الضمير مالاتملك السلطات على مرّ التاريخ من سلطة إتهام أيّ كان(حتى لوكان خليفة المسلمين نفسه)،ومن الأعاجيب أن وعاظ السلاطين تركوا خلفاءهم وهم يحملون الحجج القديمة والتهم المسلفنة التي يعيدون تمتمة حروفها كأي تعويذة لساحر مبتديء...فترى أحدهم إذا إتهمك ببطلان القضية بأكملها وقمت أنت بشرح ماتعامى عن النظر إليه حسداً وحقداً،يلجأ الى السلاح الوطني وترديد نفس الكلمات الجوفاء:أنتم تريدون أن تفرّقوا أمة محمد(ص) وتشتت المسلمين...
وأسأل نفسي وأين هي أمة محمد(ص) وأين هم المسلمون حقا؟ ، لله در العلامة الكبير جار الله الزمخشري صاحب تفسير الكشّاف حين قال (3-301):

إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به وأكتمه،كتمانه لي أسلمُ
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني أبيح الطلا وهو الشراب المحرّمُ
وإن مالكياً قلت،قالوا بأنني أبيح لهم أكل الكلاب وهم هُمُ
وإن شافعياً قلت،قالوا بأنني أبيح نكاح البنت والبنت تُحرمُ
وإن حنبلياً قلت،قالوا بأنني ثقيل حــلوليّ بغيضٌ مجسّمُ
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه يقولون:تيسٌ ليس يدري ويفهمُ
تعجّبت من هذا الزمان وأهله فما أحد من ألسن الناس يسلمُ
وأخّرني دهري وقدّمَ معشراً على أنهم لايعلمون،وأعلمُ

وأجيب نفسي أن أصل القضية هي أخبار واردةكان مصدرها جانب المهاجمين الأشاوس الذين فاتهم الإشتراك في لعبة الكريات الخلافية،فلوكذب الرواة كذبت الرواية ولوسقطت الأحاديث سقطت الحادثة...لكن كمّ الروايات المنقولة(وخاصة من الجانب الآخر) كثيرة بحيث لايمكن لذي ضمير أن يغمض ضميره فيها....لهذا لم نجد أنفسنا الاونحن ندافع عن حق مهضوم أمام هذه الهجمات المعرفية المأجورة والمستعارة التي تتخذ من العلم معولاً لتهدم به جانب البر من البحر بواسطة تحريك الجهلة والعوام من الجانب الآخر....أنت تتهمني بالكذب والتفرقة وتشتيت المسلمين وأنت تستمر بتكفيري ونسبتي الى الجهل الذي ترتع فيه أصلاً...فلا أجد أمامي إلاّ أن أكشف كل التاريخ الذي جلبته الى بيتي وأثبت لك أنه كان مزيفاً وأن قداسة الأشياء لديك مطعون في قدسيتها وهذا حسبي.
إذن أنت أخترت أن تكون وحيداً...
هاأنا بكامل قواي العقلية أشهد أنني وحيد مثل ذئب في بريّة،فتحت عينيَّ في أحد الصباحات اللئيمة على صفحات سوّدتها أصابع متنطّع يبحث عن حقيقةٍ ما،كان متجاهلاً،وأعني أنه لم يكن جاهلاً،كان إسمه (أحمد الكاتب) وكتّاب آخرون تنطّعوا بأفكار السلف الصالح السياسي وأتخذوا من الأسماء المستعارة أبواباً مثل باب خيبر ووجوهاً مثل وجه دجال آخر الزمان ...كثير منهم إختار أن يكتب عن الحادث بعنوان (إسطورة قتل عمر لفاطمة الزهراء)!!...
الأسطورة حكاية لاتنتسب إلى أرض الحقيقة....(سرابٌ بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء)....بطولات مزعومة لشخصيات مرت على الأرض وكتبت سيرتها الشخصية،جاء من جاء بعدها ليحذف أو يضيف منها،بناء كلماتيّ من حروف مستوردة كانت مختبئة في باطن جاهل أو مستعمش لايري الحق إلاّ من جانبه،هكذا تبتعد الأسطورة عن الحقيقة لتقترب من مكيدة الخديعة،وأسطرة حادثة ما،تعني تحويلها إلى فولكلور حكائي لايصمد أمام حوار عقلي،أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة،أو بطولات عنترة،هو هنا يمارس السخرية الواقعية من حيث يدري ويدري أنه يدري،وكأنه يستخف بكتلة الحقيقة بداعي بحثه عنها،الكاتب ليس الأول الذي كتب ولن يكون الأخيرحتماً...إختلاف الناس في شيء هو دليل وجوده أصلاً...وإلاّ كيف تنكر وجود شيء وأنت تدافع عن غيابه!!....أنت تعطي حجة غياب أصولية بوجود دلائل تثبت وجوده الفعلي...أنت كمن يزوّر دليلاً مادياً لجريمة لم تقع على الأرض من أجل إثبات حدوثها...هكذا يلبس الكتّاب أفكارهم التي إستقوها من أفكار غيرهم ولم يكن لهم سوى حسنة إعادة صياغتها....
أسطرة حادث حرق الدار،الدارالتي يقطنها علي وفاطمة والحسن والحسين،بعد موت النبي(ص)وإجتماع الناس في سقيفة بني ساعدة،الحادث الذي دافع أحمد الكاتب فيه ببسالة محاربي الساموراي الإسلامي لإنكار حصول الحريق(مع العلم أن سند تصاعد الدخان من بيت الزهراء كان سنيّاً)،وكأن الكاتب موظف في شركة للتأمين ضد حوادث الحرق المتعمّد،لأنه يعلم أن حقيقة حدوث الحريق يرتّب خسائر مادية على شركة التأمين التي دفعت له لتكذيب الحوادث عن طريق إختلاق الأدلة الكاذبة التي تثبت عدم حصول الحادث أصلاً،وربّما أن قضية تصاعد الدخان كان مؤشرا الى قيام السيدة الزهراء بعملية طبخ كبرى لإطعام أهل المدينة بمناسبة مرور عدة ساعات على إنتخاب الخليفة الأول أبي بكر الصديق،برغم أن التاريخ الإسلامي بمجمله كان يصوّر طعام البيت العلوي والفاطمي يقتصر على التمر وقرص الشعير والملح!!.
الحادث الذي أنكره الكاتب لم يكن حادثاً مرورياً يُصاب فيه بعض الأشخاص بجروح أو رضوض،ولم يكن حادث تحرّش تتعرض إليه إمرأة مافي أحد الأسواق،لم يضلّ أحدهم الطريق ليسأل عن داره لأن السؤال ذلُّ ولو أين الطريق؟
كثيرون كتبوا عن قضية فاطمة الزهراء وموقف الإمام علي من هذه القضية الشائكة،لم يكن الكاتب هو أول من إفتتح هذا الموضوع في المواقع التي تحيض بالفكر السلفي الذي يقوده إبن تيمية وإبن جبرين وإبن نعلين!!،لكون مواقع الأنترنت تعطي شهوة القراءة لكثير ممن يتصورون أن الكتابة هوس لأصابع عمياء،كلهم يطرح رأياً شخصيا مبنياًعلى أحكام مسبّقة وكـأنها يقين،والأنكى حين يريد الديالكتيكيون الجدد أن يلغوا عقولنا لنتبعهم من أجل إثبات عروبتنا وإبتعادنا عن الخط الصفوي ليس إلا...وكانما علي وفاطمة وابو بكر وإبن الخطاب من سكنة أصفهان ولم يكونوا ضمن المسجّلين في تعداد الجزيرة العربية بعد المبعث النبوي!!....
ماالفرق بين الديالكتيكيين الجدد وبين الشيخ بوش!! حينما قال:من ليس معنا فهو ضدنا؟
الكتّاب يتشبهون بالأعور،ولاأقول كريم العين فالأعور أعور مع سبق الإصرار والترصد...هكذا علمتني اللغة أن أسمّي الأسماء بمسمياتها الجيوبلاغية والحنقبازية أمام المفاهيم القزلباشية التي يخرج بهاعلينا كتّاب السخرة في هذا الزمن المسخرة!!...
إبتداء...التاريخ يثبت أن فاطمة الزهراء ماتت وهي بعمر الثامنة عشرة،أي بعمر الورود،لم ينقل التاريخ أن فاطمة الزهراء تعرّضت إلى حادث دهس أو دعس وهي متوجهة الى المجلس البلدي بعد فقدانها للبطاقة التموينية لغرض تأمين حليب الحصة التموينية للحسن والحسين بعد أن أنكر الخليفة الأول أبو بكر الصديق ملكية فدك لها وجعلها خالية الوفاض من أي إرث مادي بحجة حديثه الذي كذّبته عائشة أم المؤمنين إبنته حين وصلت النار الى ثوبها بعد أن منعها الخليفة عثمان بن عفان عطاءها وفق نفس النص البكري الذي سلب من فاطمة إرثها ونحلتها من العظيم محمد ص...
الحادث في حالة حصوله يمثّل نكوصاً عروبياً إسلامياً إلى جاهلية قديمة قام بإغلاق بابها محمد العظيم(ص)نفسه،لكنه لم يكن يعلم أن الجاهلية ستثأر من باب فاطمة لأنه قال فيه(باب فاطمة بابي،وحجابها حجابي)....لهذا وجدت أن الموضوع(في حالة حدوثه) يمثل بداية ونهاية،بداية لمظلومية فاطمة ومظلومية زوجها وبنيها بالضرورة،وفي نفس اللحظة يمثل نهاية ظالمية الذين ظلموها وزوجها وبنيها،ومابين بداية النهاية،ونهاية البداية،تخلع الحقيقة أثوابها لتعلن عن نفسها وتقول:
- هاأنا ذا أيها الباحثون عني.
بعد نشر(الكاتب)حروفه في أحد المواقع العامة،إنتظرت شهراً واحداً،قلت عسى أن يخرج من أبناء الإسلام الذين يستنّون بسنة النبي العظيم(ص)... كاتب له ضمير حي ويقول للكاتب وغيره:ألا ترون مانحن فيه من الفتن حتى تقلّبوا الحوادث القديمة تحت ذريعة العروبة؟
لاأخطر من السياسة حين تتبرقع بلباس الدين،ولاأعني هنا الملابس الداخلية،فلوكانت الملابس الداخلية هي المقصودة لكفتنا حكمة(ان الله يحب الساترين) لكن لبوس البعث التراثي القديم أبدل الملابس الزيتونية القديمة بأزياء الشيوخ والمعممين وهم يلقون بحملات سبابهم وتشنيعهم على الغير وهم ملقون بين أحضان هيئات تتسمى بالدين ولايأتينا منها الا الطين!! لاسيما حين كثرت في الآونة الأخيرة المقالات التي تتخصص بالدفاع عن عراقية الإسلام من حيث مهاجمة إسلام العراق،ولم يجد أصحاب الأقلام المستعارة لوناًوطعماًورائحة سوى موضوع فاطمة الزهراء،ولاأدري حتى الآن كيف ينظر البعثي والعبثي حجم العلاقة بين عراقيته من خلال منظور (البعث والتراث)وكيفية الدفاع عن مفاهيم قديمة لإثبات مفاهيم جديدة بعد أن ألقى البحر العراقي الجديد فرسان الأمس!!في مزابل التاريخ كأي دوشيش خرج عن نطاق الآزنيف..ووفق منظومة إبن إصبيحة أن الفكر البعثي الشمولي يتمدد حسب درجة حرارة الوضع المأساوي التي مرت به أمة يعرب التي إُبتلي بها العظيم محمد(ص) الى الحد الذي أوصل العروبة إلى ماخور القومية العربية السياسية التي لم تحسن سوى إنجاب سلسلة ميشيل عفلق كنتاكي قبل تحويلها الى مصانع (البعث دوغ)..
تساؤلات كثيرة وقفت أمامي وهي بحاجة إلى جوابات كثيرة:ماالسبب الذي جعل الكتّاب يطرحون هذا الموضوع بالذات بالرغم من أنه أشبع تحليلا ودفاعا وهجوما؟ ماالفائدة التي يرجوها العراقيون (السنة والشيعة)من هذه الأحاديث الخلافية التي لايستطيع أحداقناعي بعدم حدوثها(جميعها)ولاأستطيع إقناعه بحدوثها(جميعها) إلا بعد أن يتم تحريك جبال الأسئلة المتراكم فوق صدر التاريخ؟ هل نحن في زمن مستقر ونستطيع فيه تقليب أحجار الماضي بحرية التعبير دون أن يتهمني أحد أو أتهمه بالطائفية؟هل من الوطنية الحقة أن نتكلم بهذا الموضوع ونعتبره جهاداً مقدساً ضد المحتل الأمريكي وذيوله من الدول المحيطة بالعراق،والمضحك أن الجميع يردد أحاديث الدولة الصفوية،وتاريخ الدولة الصفوية تاريخ سني عميق ليس إلاّ...ولم تعرف إيران التشيع الا في زمن متأخر بعد حادثة السيد العلامة الحلي في في مجلس حفيد هولاكو محمد خدابنده...قبر الرضا(ع) في مدينة مشهد المقدسة وحادثة السيّد الحلي حوّلا إيران من المذهب السني الى المذهب الشيعي،ولوبقيت ايران على المذهب السني لما وجدت هذه الهجومات الكاسحة عليها....
سأل محمد حسنين هيكل ملك السعودية فهد عن رأيه بشاه إيران،فأعطى رأيا جيدا فيه وقال ...لو لم يكن شيعيا!!!
إذن القضية مذهبية وليس لعلي بن ابي طالب والزهراء وإبن الخطاب وإبن ابي قحافة وغيرهم أي دخل بها......أيها السادة أنتم تجعلون من الإسلام قومية عربية...والإسلام براء من هذه الفكرة...لم يكن،ولن يكون الإسلام قوميا عربياً خالصاً...الإسلام رسالة عالمية وأنتم تظلمون محمداً العظيم (ص) أكثر مما ظلمه الرسام الدنماركي...علينا أن ننقذ محمدا من كثيرإسلامكم هذا،وأن ننقذ عليّاً من كثير تشيّعكم أيضا....أنتم تجرون ثياب خيباتكم ولاتجدون سوى باب فاطمة الزهراء ستراً عليكم...
قضية الهجوم على باب الزهراء كتب الكتّاب عنه مايغطي الجبال في إثبات حدوثه،وأيضا كتب الكتّاب عنه مايغطي الجبال في إنكار حدوثه،نحن بين طرفي نزاع قديم جديد،وموضوع حسّاس لايمت الى واقعنا العراقي الذي نتغصصه الآن بصلة...اللهم الا إبتغاء إثارة الفتنة والنعرات الطائفية التي يجيد كتّاب الإستعارة نشرها في كتاباتهم بموجب الحرية التي يبيحها النشرلغرض الإساءة الى المذاهب الأخرى،أما إذا أردناأن ندافع عما نؤمن به...فنحن طائفيون ونريد شق عصا المسلمين وأننا نريد أن نكسر بيضة الإسلام وكأن الإسلام ديك من فصيلة نادرة أنتج البيوض المكية والمدنية وجعلها في قدس الأقداس حتى يحميها السلف الصالح والخلف الطالح من أقلامنا وآرائنا وأفكارنا!!.....!!وأقول:متى ينظر العوران الى الحقيقة إذا كانت السلطة المذهبية تلبسهم النظارات الشمسية في الثانية ليلاً من ذل الإسلام؟....
....من يريد أن يدافع عن علي بن ابي طالب والزهراء واي كان(بالرغم من عدم حاجتهم الى دفاعاتنا الهزيلة التي تتدخل السياسة فيها شئنا أو أبينا...) عليه أن يكون حقيقيا كصاحبه....
في ساحة إنتظاري لمسلم يُحسب على أهل السنة والجماعة لكي يرد على أحمد الكاتب ...كان كل يوم يمرُّ،يزرع في روحي غصة اشبه بعظمة ثور لوشربت ماء دجلة بعدها مارويت،بل على العكس تطاولت بعض المواقع السلفية ووهابية النازية الجديدة التي تغيض وتفيض بالحقد على الشيعة ومذهبهم،بأن تهين الشيعة وتقول...إنظروا لهذا الشيخ الذي كان شيعياً يكتب هكذا...توبوا إذن أيتها الفئة الرافضية....
قلت إذن لقد سبق السيف العذل...
هكذا إبتدأت مسيرة الكتاب...كل يوم تتوافد الأفكار وكأنها في حفل توقيع كتاب يدخلك إلى عالم الحقيقة،دخلت إلى حومة الحقيقة لاأحمل سوى عطر الحبر وعدة أقلام خجولة لعلّهاتجد مكاناً وهي تُسمِعُ صوتها لإذاعات محكوم عليها بالإعدام تشويشاً...
هل أبغي وراء ذلك فتنة تأكل الأخضر فالأخضر؟
وهل كنت طائفياً وأنا اكتب ماأكتب؟
ولماذا لاأنادي بالوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب الإسلامية؟
وماذا يفيد أن تستقريء التاريخ لتقول أن فلاناً كان ظالماً وأن فلاناً كان مظلوماً؟
أسئلة كثيرة كانت ترد عليّ،بعضها كنت فيهاالسائل والمجيب.
لم أكن يوما طائفياً،كنت ومازلت حوارياً أتصالح مع الفكرة،وأتشاجر معها،يقيني أن الوحدة الإسلامية يجب عليها أن تقف على أرضٍ من الإتفاق ووجود نيّة التوحد بين أقوام يتكلمون بُعث إليهم نبي واحد يتكلم معهم بلغة واحدة،وهم يصلون إلى قبلة واحدة،ويتلون كتاباًواحداً يفسره مئات المفسرين كلاًًّ حسب رأيه،أما أن يوجب عليك التقريب بين المذاهب أن تمارس مهزلة القفز على حوادث وقعت،وتكذيبها،بان تغمض ضميرك عندها،فذلك عبثٌ يراد به وجه الشيطان،أنا مع التقريب إذا إتفق المسلمون فيما بينهم على نبذ فكرة التكفيرالتي يرمون بهاالروافض كمايصفون الشيعة في حوارياتهم،فيماتجدكثيراً ممن يسمون أنفسهم بالشيعة يرمون السنةويصفونهم بالنواصب،إذن هو تكفير من الجانبين،أولنكن موضوعيين فنقول أنها جاهلية أخرى ونحن بحاجة إلى محمّدٍ جديدٍ يخرجنا من سيئاتنا الجديدة...وأنا أقول أن بداية كل ماحدث في الإسلام الذي إنشطر مثل أميبيامتعددة الأطراف،كان محصوراً بين قوسين،السقيفة والباب،ومن يريد أن يتكلّم بقضية التقريب بين المذاهب الإسلامية التي فرقّتهاخمسون فتوى تقريباً لم يتم الإتفاق عليهاحتى الآن،عليه أن يمرّ تحت السقيفة ويطرق الباب الذي خلعوه أول مرة،يوم علوا في الأرض علوّاً شديدا.
إستقراء التاريخ أشبه بالبحث عن أدلة مادية لجريمة قتل مشهودة،محكمة التاريخ سيطر عليها حزب يميني متطرف يبحث عن جثة الحقيقة ليدفنها،وحزب يساري آخر يبحث عن جثة الحقيقة ليتم تشريحها مرة ثانية،مع هذا،ظهرت للحقيقة آلاف الجثث التي إكتسبت شهادات الوفاة الأصولية بتدخّل سلطات التحقيق الجنائية والفقهية التي تخرّجت من فقاهة التعاليم المعثور عليها في متاحف التاريخ الأموي والعباسي....وحتى العثماني.
تعددت زوايا الرؤية إلى باب خشبي لم يكن مزوّداً بالريمونت كونترول،لم تكن هناك كاميرات لمراقبة المتهمين والمجنى عليهم،كانت كل حسنات المتهمين أنهم متهمون مع سبق الإصرار،وكانت كل حسنات المجنى عليهم أنهم مجنى عليهم مع سبق الترصد،فيما كان شهود الإثبات من المغضوب عليهم،وشهود النفي من الضالين،هكذا ضلت الحقيقة الطريق إلى ساحة المحكمة،منهم من قال أن الحقيقة تختبيء في ثنايا الكتب الإمامية،ومنهم من قال أن الفتنة نائمة ملعون من أيقظها،ولأن الباب الذي كان الشاهد الصامت،أغلقوا باب الإجتهاد فيه،وفتحوا باب الأحاديث الموضوعة يبتغون فضلاً من السلطان الذي كان كلُّ همّه أن يرميه في غيابات الجب ليلتقطه بعض السيّارة وأن يكونوا فيه من الزاهدين!!.
إستقراء التاريخ لمعرفة الظالم والمظلوم سيرة عقلائية تريك كيف أن الحق لايعرف بالرجال،لكن الرجال يعرفون بالحق كما قال علي بن ابي طالب،وكيف إذا كان التاريخ طفلاً لم يبلغ أشدَّه بين قراطيس كتّاب الوحي الكاذب بين دور آل ابي معيط!
هل إنكار حادثة الدار تثبت قدرة الإختيار الطوعي لنيل بيعة من كان في بيت فاطمة الزهراء لمن جاء يخلع الباب؟
هل كانت الخطبة المعروفة بخطبة الزهراء حديثاً مكذوباً تم نسبته إلى عدة نساء من أجل الإغماض عن إسم صاحبة الخطبة كماتم إنكار خطب علي بن ابي طالب في كتابة المعروف (نهج البلاغة)ونسبته الى الشريف الرضي زوراً وبهتانا،والشريف الرضي لم تكن له حسنة سوى جمع خطب بن ابي طالب وأحاديثه،وأي خطورة لخطبة بنت النبي(ص)بمحضر رواة أثبت التاريخ على ألسنتهم كل حرف قالته فاطمة الزهراء في خطبتها المعروفة،ثم ماتبع ذلك من دفنها ليلاً حين نامت المدينة عن إبنة النبي وهي تفارق الحياة لتلتحق بأبيها العظيم(ص)...
مثل مجرم حرف،تعمّدت أن أكتب فيما أحسن،لم ألتفت إلى أفكار أغلبية علماء السنة الذين حرّموا قراءة التأريخ ومحاكمة شخوصه واعتباره نبشاً للأموات وغيبة للأموات كما نقل عن الغزالي وغيره أقواله التي ترجمهابقوله المذكور في (الصواعق المحرقة ص 223):
يُحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكاياته وماجرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم،فإنه يهيج على بغض الصحابة والطعن فيهم،وهم أعلام الدين.....وكأن عدم البحث في معاني الأشياء حكرٌ على بعض اللحى وحرام على غيرها،فأين حرية الفكر والتفكير الذي يبحث في خلافات وإختلافات كثيرة لغرض الوصول الى نقطة إلتقاء لغرض التعرف على الحقيقة مادام الطرف الآخر يتهم ويكفّروينجب الذباحين الذين يقطعون الرقاب بفعل الفتاوى التي تلتزم النهج الآخر الذي يكذّب الحادثة ويقتل من يعارضه باسم الحفاظ على بيضة الإسلام...لهذاكانت السخرية طريقي في الوصول إلى الحزن،وأتصور أن تلك طريقة تعين القاريء على هضم الأفكار...ربما تجد موانع الشهية عسراً لهضم بعض الأفكار لدى بعض الأشخاص الذين يريدون إضفاء القدسية على شخصيات البحث،لكن النسق الساخر الذي أحسنه قراءة وكتابة وتحليلاً كان الأقرب إلى روحي،ولهذا ربما سيعيب قوم أنني إتخذت منهجاً مدنّساً وأنا أبحث مقدّساً صنعته المخيّلة السياسية للسلف الصالح الذي أورث الخلف الطالح قسوة الطبع.
كتابتي،أسئلتي الكبرى التي أعلن فيها بحثي من جديد عن محمّد الغريب(ص)،النبي الأمي الذي ثُكلنا بفقده،وأثكلناه بوجودنا،والتاريخ بحاجة إلى إعادة قراءة،والقراءة بحاجة إلى إعادة قراءة،نحن قوم إذا قرأنا لم نفهم،وإذا فهمنا لانحسن التعبير،وأن أحسنّا فتلك لعمري بداية جديرة بالبحث عن الحقيقة.

 

Share |