الصحافة الصفراء..!/ اسلام عقيل الزبيدي

Mon, 18 Aug 2014 الساعة : 16:28

ھي صحافة التي تفتقر إلى المصداقية، والدقة، وتميل إلى التھويش والتھويل والمبالغة، وتعتمد على الإشاعات أو الأخبار الكاذبة أو الأخبار المحرفة أو الأخبار المصنوعة بنشر أخبار الجريمة والعنف والجنس والإثارة دونما نظر لخطورة تأثيرھا على وجدان الأمة ونفسية الجماھير.تسترزق من أخبار و فضائح المجتمع و الفنانين و المواضيع الجنسية و مواضيع السحر و الشعوذة و قشور الدين، و الكثير من المعلومات التافھة و الخاطئة، وأغلبية المادة الإعلامية (إن كان بالإمكان إطلاق ھذه التسمية عليھا) بھذه الصحف تكون مسروقة و مأخوذة من وسائل إعلام أخرى و في الغالب من مواقع شبكةالأنترنيت.تقوم على مبدأ ضرورة تجنب التأكيد على حقيقة ما، ناھيك عن التوصل إلى نتيجة معينة.تھتم بنشر القضايا المثيرة التي لا تخاطب في الإنسان سوى غرائزه، فمجالھا نشر الفضائح، وأخبار الجنس والجريمة و الحياةالخاصة للمشاھير، وتعتمد كثيرا على الصور ولذا فھي مضطرة إلى تغيير طبيعة الأخبار والاعتماد على الإثارة والضجيج الإعلامي قائمة على أساس الابتزاز في العمل الصحفي، واختلاق القصص المثيرة، والمبالغة المسيئة، وتحريف الكلام عن مواضعه بقصد الإثارة، وإن كان على حساب الغير وإدعاء العلم بالأشياء، ومحاولة تشويه صورة الآخرين، والترويج للأكاذيب والخرافات.. ما أوردناه أعلاه يمثل بعض الآراء السلبية بحق الصحافة الصفراء، ونحن لا نستطيع أن نؤيد أحدا أو نقف بالضد من آخر.. بل نقول، نعم ھناك صحافة رخيصة تقوم على الابتزاز وفبركة بعضا لأخبار والوقائع والمبالغة والتھويل في بعضھا الآخر، وھذا النوع من الصحافة موجود في معظم البلدان.. أما في العالم العربي فان مصطلح الصحافة الصفراء اقتحم قاموس الصحافة العربية في العقد الأخير من القرن الماضي بعد السماح بإصدار صحف بتراخيص أجنبية، وشكلت تلك الصحف ظاھرة صحافية جديدةوأثارت جدلا واسعا في المجتمع العربي، سواء على مستوى سياستھاالتحريرية أو لغتھا الصحفية أو سقف حريتھا فيما تتناوله من موضوعات.وبالرغم من الأغلبية لا يختلفون حول كون الصحافة الصفراء تافھة و رديئة، لكنھا مع ذلك ومنذ ظھورھا تلقى انتشارا واسعا و قبولا كبيرا،وھي الصحافة الوحيدة التي تتمكن من سبر أغوار الحقيقة بأسلوب تعجز عنه وسائل الإعلام التقليدية. وقبل أن يتحول اللفظ إلى سبة، كانت ولا تزال، ،« الصحف الصفراء » مصطلحا يشير إلى شكل معين لصحف أصغر من الشكل المعتادويباع بسعر أرخص مما يشكل تحديا للصحف التقليدية كبيرة الحجم.وينبغي أن لا ننسى إن أنظمة الحكم الديكتاتورية تدعم وتؤيد وتساند هذه النوع من الصحف الصفراء، فھي وسيلة ناجعة وناجحة للإلھاء ..
وفي أمريكا، بلد الأخبار الدسمة والفضائح بلا منازع، كان لما يسمى بالصحافة الصفراء اليد الطولى في كشف المغامرات العاطفية للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون مع المتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي.. أما في بعض الدول العربية فان الصحافة الصفراء تعتبر الضلع الثاني لمثلث الصحافة بجانب الصحافة السوداء، أي الصحف الحكومية التي لا ھم لھا إلا الإشادة بكل ما يصدر عن الحاكم والوصول به لدرجة التأليه، والضلع الثالث ھي (الصحافة البيضاء) وھى صحف المعارضة المستأنسة التي يوافق النظام على إصدارھا، وتسمى بالصحافة البيضاء لان القارئ لا يجد فيھا ما يقرأه، فھي صحافة لا تعارض ولا تمتدح الحاكم، وبين الأصفر والأسود والأبيض يستمر ضياع القراء العرب... ساعد علي نشوئها الناشر والصحفي وليم راندولف هيرست (1863- 1951)، وقد كانت له في كل ناحية من نواحي الولايات المتحدة الامريكية صحيفة أو مجلة. انتهج في نشر الأخبار نهجا مثيرا، فأظهر الفضائح والجرائم مما ساعد علي نشوء الصحافة الصفراء. سميت بالصحافة الصفراء نظرا لأنها كانت تطبع على أوراق صفراء رخيصة الثمن وقد تكون الصحف الصفراء يومية أو أسبوعية أو شهرية أو دورية. وأخيرا نقول، يخطئ من يظن أن اسم الصحافة الصفراء يطلق على كل صحافة تتخذ من الكذب والفبركة منھجا لأطروحاتھا، أو أنه يصح أن يطلق على تلك الصحافة التي تعتمد على الإثارة غير الأخلاقية عن طريق نشر المواضيع والصور المخالفة لقيم المجتمع الذي تصدر فيه,فمما يجھله الكثير من الناس أن لمصطلح « الصحافة الصفراء » تاريخ وحكايات, وأنھا رغم كل الصفات السلبية التي تلصق بھا تظل الصحافةالأكثر شعبية بين القراء والأكثر تناولا لقضايا الرأي العام بجرأة تصلبھا في أحيان كثيرة إلى المحاكم, لكن وصولھا إلى المحاكم لا يعنيإدانتھا، فكثيرا ما تخرج منھا منتصرة على خصومھا.ولابد من الإشارة إلى أن من أھم الأسباب التي أسھمت في نبذالصحافة الصفراء وإلحاق الصفات المعيبة بھا رغم شعبيتھا الكبيرةھو كون خصومھا غالبا من السياسيين والشخصيات المھمةوالنافذة في المجتمع, ولاشك في أن ھذه الشخصيات تتمتع بنفوذكبير في وسائل الإعلام ذات المنھج التقليدي مما جعل ھذه الأخيرة تشن حملات متوالية على كل صحيفة تنتھج ھذا الأسلوب متھمة إياھابالكذب والتلفيق وتعمد إثارة الرأي العام بقضايا غير حقيقية!ولعل من أغرب المسالك التي أسھمت في زيادة أعداء الصحافة الصفراء من السياسيين والمتنفذين في كل المجتمعات ذلك المسلك الذي يجعلھا تقف في صف الناس دائما.

Share |