رفقا بأحلامنا أيها الساسة/طالب شريف إل طاهر
Sat, 9 Aug 2014 الساعة : 1:36

لربما من المبكر أن نستذكر الدكتاتورية كصفحة مطوية من الماضي ، طالما أوجاعها لازالت تعتصر أفئدة المعاصرين وتهز إحساس وتقزز أسماع وبصر من أدرك الكيفية التي تُغتال بها القيمة الاعتبارية للفرد العراقي ، ولربما لا نشي بسر لو قلنا بأننا قد تعلقنا بتلابيب البؤس والحرمان تحاشيا لهوان وذل السلطة قبل عام 2003 .
غير أن مناخات تلك الحقبة الظلماء لم تقوى على حجب شغف الشعب العراقي وولعه وحبه الذي لا يضارع تجاه الساسة الذين آثروا نقل الصراع السياسي إلى خارج البلاد ، ونحن نعلم مقدار الرابط الروحي الذي أولاه هذا الشعور طرا في وطنية من يخوضون الجهاد الأبيض لتحرير الشعب من مخالب الحكم الدكتاتوري البغيض .
ومثلما كان الشعب وفيا أيام المعارضة ، فقد التحم مع الساسة بقوة بعد التغيير الأغر وسار خلف قيادتهم كالأعمى ، أملا بنزول الغيث مدرارا مع بزوغ الخيوط الأولى من فجر السلطة الديمقراطية الدستورية ، والحقيقة استطاعت مجريات الحياة السياسية أن تخطو خطوات منفتحة على طموحات الشعب ، لولا ظهور عصا التخلف في دواليب عجلة الحياة .
ويبدو إن السنين مرت وقد قضمت معها الأحلام ، وان الأماني لم تزل دفينة الصدور ، لا نقول أشاح الساسة بوجوههم عن عهود النضال وأيام المحنة ، إلا إننا نخشى أن تسرق الأزمات الاهتمام بحقوق الوطن والمواطن وقد جُرح الوطن في فخ غير محسوب من المؤامرات الدولية.
والحقيقة أن هذه النار قد أضرمت لحرق الجميع وحضت في الفرد منا روح الإيثار والوقوف مع الوطن ، وان كان الشعب لازال يعطي ويجود ، يؤثر على نفسه ويتنازل ، يتقدم الصفوف وينتخي ، يموت ويضحي ، وينتظر من الساسة كلمة سيفوق صداها كل عطاء .. هنا لابد أن نقف عند خط شروع جديد ونتحرك بقوة ومن منطلق تقييم ذاتي لإخفاقات الحقبة الفارغة بعد 2003 لنصوغ من تجلياتها معايير التحديات التي تتطلبها المرحلة المقبلة .
أيها السادة ، المخولون بإرادة الشعب ، قد نستسيغ وقع ضياع أحلامنا الشخصية ، إلا أننا غير مستعدين لصدمة تحريف تجربتنا الديمقراطية ، سمعنا كل ما قلتم وفهمنا رؤاكم وكل ما تطمحون إلى تحقيقه من رفعة وازدهار لهذا البلد ، أصغينا بإمعان لآفاقكم اللا متناهية من العمران والبناء والتشييد على أرقى مستويات الحداثة العالمية .. ولكن أين انتم اليوم من الوعود ، أين انتم من وحدة البلد ، أين انتم من الحرص على ثرواته ، أين الأحلام الوردية التي زرعتموها بالأمس في قلوب الناس بخطاباتكم ووعودكم وبرامجكم الانتخابية الوهمية ، أين انتم اليوم من مخططات الإرهاب وآلام النازحين تحت سقف السماء ، يفترشون الأرض ويجترعون المجهول بمر الصبر ، أين انتم من عويل اليتامى والثكالى ممن يحيق بهم موعد التهجير ، والأدهى من ذلك ما هي مؤشرات دفع مخاطر التقسيم والتشرذم ، إلا تعلمون إن آمال الملايين من العراقيين معلقة على تصريحاتكم ، فما بالكم بالتصريحات لو كانت محض كلام ؟ .
عليكم بتجاوز الأزمات بنكران الذات ، والإصغاء إلى الصوت الرشيد وترجيح كفة التضحيات في هذا الوقت الحرج ، فبإرادتكم تحمون البلد وبخلافاتكم تهدون لحمة أبناءه ، فكونوا كما عهدكم الشعب قادة عقائديين ، وليس طلاب مصالح شخصية تعبر عنها التصريحات والمناكفات والصراعات ، فيما ينال الوطن من بين كل ذلك إلا الإرادة الخجولة التي فوضت الأشرار تدنيس مقدسات العراق على أرضه