هدم القبور عند الوهابية – التاريخ والجذور/الشيخ عبد الحافظ البغدادي الخزاعي
Wed, 6 Aug 2014 الساعة : 0:41

فاجعة هدم قبور أئمة أهل البيت {ع} ليست أعظم من فاجعة قتلهم وتصفيتهم بشتى الطرق، فقتل المعصوم أعظم من هدم قبره والاعتداء عليه....
لو تتبعنا التاريخ نجد هذه الثقافة (ثقافة التخريب) في فلسفة العداء اليهودي الذي يدعو أصحابه إلى تخريب معابد الآخرين لأنهم مخالفون لهم في العقيدة، ففي (بروتوكولات حكماء صهيون) نجد هذه الوصايا وهي أطروحة الانتقام من المخالف بالاعتداء على دور عبادته تنكيلاً به.يقولون (كنائس المسيحيين كبيوت الضالين ومعابد الأصنام فيجب على اليهود تخريبها…) ولم نملك مصادر تثير إلى هذه الظاهرة غيرهم .فتطبعوا بهذه الثقافة الانتقامية ...
ـــــــ ظهرت أولى بوادر هذه الثقافة عند هند زوجة أبي سفيان حينما حاولت التنكيل بالنبي{ص} حين قامت بنبش قبر أم النبي السيدة آمنة بنت وهب ... بعدها بدأت عمليات الانتقام من الموتى , مثلت هند بجسد حمزة {ع} .ظهرت بشكلها الجلي بالانتقام من أهل البيت {ع} وملاحقة قبورهم وتخريبها, فكان بعد كل ثورة شيعية , تقوم السلطة الأموية بحملة تهديم قبور الأئمة وكبار شخصيات المعارضة ..
روى السيد ابن طاووس قال: أن أمير المؤمنين{ع} أمر ابنه الحسن {ع} يخفي قبرة أراد بهذا ألا يعلم أحد من أعدائه موضع قبره .لأنه يعرف نفسيتهم الانتقامية ..هذه دواعي إخفاء قبر أمير المؤمنين {ع} حتى أن الأئمة {ع} يتعاهدون زيارته سراً ويصطحبون معهم خواص شيعتهم فقط ..
ولم يسلم الحسن والحسين{ع} من الانتقام بقبريهما .. فحين مات الحسن {ع} جاء به الحسين {ع} الى زيارة قبر جده فقامت المرأة ووصل الحال أن ترمى جنازة الحسن{ع} بالسهام لمنعهم من دفنه عند جده رسول الله {ص} ..ولم تزل ثقافة التخريب لقبور الأئمة {ع} تتوسع في ظل سياسة الملاحقة لأشخاصهم حتى تصل ذروتها في فكر العباسيين ...ابتدأت زمن المنصور واشتدتا زمن هارون ـ ولم تقتصر رغبة هدم قبر الحسين {ع} وتخريبه فعمد هدم قبر الحسين{ع} ومطاردة زائريه.... ثم قطع سدرة كان يستظل بها الزائرون ...
ــ وجاء من بعده المتوكل العباسي هدم كنائس الأقباط ونبش قبورهم وفرض عليهم زيًّا موحَّدًا, ليميزهم عن بقية الناس , واخذ نساءهم جواري وعبيد عنده .. لذلك ثار الأقباط على سياسات العباسيين فقتلوا رجالهم وباعوا نساءهم وأطفالهم عبيدا وحوَّلوا بيوتهم إلى مساجد, وكانت تهمتهم إنهم حاربوا الإسلام والمسلمين ..
عقدة التاريخ والجذور ـــــــــــ يختلف المؤرخون فى تصرف المتوكل , بعض المحدثين يرونه الخليفة الذي أعز الله به الإسلام وأظهر{السنة ومحا البدعة}... فقد تحالف الرجل ضد كل الفرق والمذاهب الأخرى واجتهد في القضاء على المخالفين، بينما يراه آخرون طاغية وفرعون العرب , رجل معقد متعصب أرعن يستلذ بتعذيب من يخالفه الرأي.
ـ في زمانه تأسست الفكرة التكفيرية الإرهابية التي يمارسها السلفيون والمتشددون في يومنا هذا ... لا أقول انه هو المؤسس .. لأنه ورثها من الذين سبقوه , ولكنه نجح في تكريس الفكر الإسلامي لمحاربة المسلمين , كان هو السبب المباشر للإرهاب اليوم ..
كتب الدكتور مسفر القحطاني أستاذ أصول الفقه المشارك بجامعة الملك رسالة في بحث خلافات الحنابلة مع المسلمين السنة .. قال :.. أود أن أبين معالم التعايش عند الحنابلة وفقه الإئختلاف مع خصومهم من المذاهب الأخرى, وسبب توتر العلاقة بين الحنابلة وأتباع المذاهب الأخرى ..
قال : الحنابلة هم أتباع المذهب الحنبلي ، وهم من فقهاء الأمة وعلمائها ، الذين لهم قدم صدق في دين الله ، سموا بذلك نسبة لإمامهم أحمد بن حنبل الشيباني .. صاحب المذهب. ثم يبين امتيازاتهم على المسلمين كافة ...تاريخ الحنابلة تاريخ مشرق مشرف كانوا ولا يزالون يقومون في وجه الفساد والظلم ،يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وينشرون السنة ويحاربون البدعة ، فوقفوا في وجه المعتزلة في قضايا التأويل ، ووقفوا في وجه الشيعة في قضايا خلاف الصحابة وإنكار بعض السنن ، واصطدموا بالأشعرية في معارك كلامية طويلة ...
يقول الدكتور تركي أبو زيـد: عن تاريخ المتوكل .. يتحدث عن نصارى العراق ..سامَهم المتوكل وحلفاؤه الحنابلة سوء العذاب، تفنن في إذلالهم والتمييز ضدهم، فحين أباح الإمام أحمد بن حنبل للخليفة المتوكل هدم كنائس السواد، ،ثم تلاها بقرارات تمييزية غاية فى البشاعة..
للحديث بقية ..كيف تم هدم قبور الانبياء في الموصل وما قبلها من قبور الائمة في البقيع ..
..... يروى الطبري فى تاريخه «وفى سنة 235 هـ "، أمر المتوكل بأخذ النصارى وأهل الذمة كلهم بلبس الطيالسة العسلية -شال كبير كالذي يضعه اليهود على أكتافهم الآن في وقت الصلاة- والزنانير -الزُّنَّارُ: حزامٌ يَشُد على الوسط- .... وأمر بهدم كنائسهم ، وبأخذ العشر من منازلهم، وإذا كان الموضع واسعا صير مسجدا، وإن كان لا يصلح أن يكون مسجدا صير فضاء، وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة تفريقا بين منازلهم وبين منازل المسلمين». بعد كل هذا التمييز على مستوى المظهر انتقل إلى التمييز في وظائف الدولة...
يقول الطبري وكثيرون «ونهى أن يستعان بهم وبغير المسلمين- فى الدواوين وأعمال السلطان ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين ولا يعلمهم مسلم. ونهى أن يظهروا ، وأن يشعلوا ضوء الطريق. {وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض لئلا تشبه قبور المسلمين} . وكتب إلى عماله فى الآفاق». بتنفيذ هذا ..ولا أدرى مناي دين أتى المتوكل بكل هذا الكم من الكراهية والعنصرية؟ اللهم الا بموافقة احمد بن حنبل وعلماء البلاط العباسي..
ـــــــــ ثم زاد المتوكل بعد أربع سنوات أوامر اضطهادية أخرى، كما يروى الطبرى وآخرون، فى أحداث سنة تسع وثلاثين ومائتين فأمر «أهل الذمة بلبس دراعتين عسليتين والاقتصار فى مراكبهم على ركوب البغال والحمر دون الخيل ولم يرو لنا المؤرخون سببا شرعيا لهذا الاضطهاد والتمييز لآدميين كرمهم الله وأهانهم المتوكل أبشع الإهانات..... إلا أن ابن القيم يروى قصة عن أهل الذمة «وحج المتوكل تلك السنة، فرأى رجل يطوف بالبيت ويدعو على المتوكل، فأخذه الحرس وجاءوا به ، فأمر بمعاقبته، فقال له والله يا أمير المؤمنين ما قلت ما قلته إلا وقد أيقنت بالقتل، فاسمع كلامي ومر بقتلى، فقال قل، فقال لقد أحاطك كُتّاب ، أحسنوا الاختيار لأنفسهم، وأساءوا للمسلمين، ابتاعوا دنياهم بآخرة أمير المؤمنين...!، وأنت مسؤول عما فعلوا وهم غير مسؤولين عما فعلت ، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، واذكر ليلة يخلو المرء فى قبره بعمله، فبكى المتوكل بعدها خرج أمره بلبس النصارى واليهود ثياب العسلية، وأن تهدم بيعهم المستجدة، وأن تطبق عليهم الجزية ولا يفسح لهم فى دخول حمامات المسلمين وكتب الكتاب بذلك».
وطالت عذابات المتوكل أقباط مصر بأذى بالغ، ووقع عليهم التمييز والامتهان في زمن العباسيين ، وثاروا ثورات عديدة ضد ملوك بني العباس، وكانت آخر ثوراتهم ضد المأمون , شاركهم في الثورة بعض المسلمين ,فكانت ردة فعل المأمون عنيفة..قهر الثورة بدموية، يروى المقريزى فى الخطط «انتقض القبط فأوقع بهم الجيش التركي المؤيد لبني العباس ,حتى نزلوا على حكم المأمون، فحكم فيهم بقتل الرجال وبيع النساء والذرية فبيعوا، وسبى نساءهم ....، ومن حينئذ ذُلت القبط فى جميع أرض مصر،هذه المجزرة العباسية هى ما منع أحرار مصر من الانتفاض مجددا ضد العباسيين...
وصل المتوكل على حالة الجنون بسياساته فى الحكم، بينما كان عين الجنون أن نجد اليوم من يجعل من سياسات المتوكل الشاذة هذه دينا ويريد تطبيقها على المسلمين وغيرهم من الأديان ...
فحين ندرس أسباب تهديم قبور الأئمة , يجب أن نعرف الجذور الفكرية التي اعتمدها هؤلاء الشاذون في تهديم قبور الأئمة في بقيع الغرقد ,, واليوم تم تهديم أربعة من الأنبياء بعد احتلال الموصل , وتهديم أكثر من عشرين قبرا لعلماء مسلمين , إضافة لتهديم الكنائس في الموصل ومصر ....
المتوكل العباسي وقبر الحسين {ع}...
وروى ابن قولويه عليه الرحمة : عن علي بن الحسين{ ع} : في حديث له عن زيارة الحسين{ع} قال : أبشر ، ثم أبشر ، ثم أبشر ، فلأخبرك بخبر عندي في النخب المخزون إنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا وقتل أبي {ع} وقتل من كان معه من ولده وإخوته ..حملت حرمه ونساؤه اسارى إلى الكوفة ، فجعلت أنظر إليهم صرعى لم يواروا التراب فعظم ذلك في صدري ، واشتد ألمي فكادت نفسي تخرج ، فعرفت عمتي زينب {ع} فقالت : مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي ؟ فقلت : وكيف لا أجزع وأهلع , وأنا أرى والدي الحسين وإخوتي وعمومتي وولد عمي مضرجين بدمائهم ، لا يُكفنون ولا يُوارون ،ولا يقربهم بشر ، كأنهم أهل بيت من الترك أو الديلم ..
فقالت : لا يجزعنك ما ترى فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله{ص} إلى جدك وأبيك ..ولقد أخذ الله ميثاق أُناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنةُ هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها ، وينصبون لهذا الطف علماً لقبر أبيك ، لا يَدرس أثرُه ، ولا يعفو رسمُه على مرور الليالي والأيام ، وليجتهدَنَّ أئمةُ الكفرِ وأشياعُ الضلالة في محوه وطمسه ، فلا يزدادُ أثرُه إلا ظهوراً ، وأمرُه إلا علوا ...
ــــــ ومن الثوابت التاريخية, اعتداء المتوكِّل الناصبي , على قبر سيِّد الشهداء {ع} فقد اتخذ قرارات متتابعة ضد شيعة الحسين {ع} ...... حيث عمد أولا إلى منع الناس من زيارة قبره الشريف ،ففرض مبلغا كبيرا من الذهب ضريبة على زيارته ..ولكن الناس لم يمنعهم هذا القرار ..فأمر بقطع يد من يزوره ..وتطورت إلى حالة القتل ، ومع ذلك وجدهم مصرّين على تعاهد زيارته ، ولثم تربته الطاهرة ، ووجدهم يتفانون في إتيان قبره الشريف ، حتى ولو كلَّفهم ذلك أنفسهم ، ولمَّا رأى أن الناس لا ينتهون عن نهيه ، ولا يكترثون به عمد إلى هدم القبر الشريف ، ولم يكتف بذلك حتى عمد إلى حرثه وتخريبه ، وقلع الصندوق الذي كان على القبر الشريف وأحرقه ، وأجرى الماء عليه ..عمد إلى ذلك كله كي يضيِّع معالمه على زوَّاره ومحبّيه ويمحو ذكره ,وفشل أن يزيل محبَّته من قلوب محبّيه....
قال المسعودي : وكان آل أبي طالب في محنة عظيمة ، وخوف على دمائهم ، وقد منعوا زيارة قبر الحسين{ع} والغري من أرض الكوفة ، ومنع شيعتهم حضور هذه المشاهد ، وكان الأمر بذلك من المتوكِّل سنة {236هـ} حين أمر المعروف بالديزج بالسير إلى قبر الحسين{ع}
فتناول الديزج مسحاة وهدم أعالي قبر الإمام {ع} وهذا الديزج كان يهودياً فأسلم فأمره المتوكل بكرب قبره ومحوه ، وخراب كل ما حوله ، فمضى إلى ذلك وخرَّب ما حوله ، وهدم البناء ، وكرب ما حوله نحو مائتي جريب.... ، فلمَّا بلغ إلى قبره لم يتقدَّم إليه أحد ، فأحضر قوماً من اليهود فكربوه ، وأجرى الماء حوله ، ووكَّل به مسالح ، بين كل مسلحتين ميل ، لا يزوره زائر إلاَّ أخذوه ووجَّهوا به إليه ....... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..
قال أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطا