كتابة في محور نشاط مدني/ 5 حميد طارش الساعدي
Sun, 28 Aug 2011 الساعة : 2:00

كانت مسألة حضور ممثلي المنظمات غير الحكومية في مجلس النواب من المواضيع التي اخذت وقتا وجهدا من المتحاورين ، وذلك بسبب الاجراءات المعقدة التي تمنع الافراد ، ومهما كانت صفتهم ، من دخول مجلس النواب ، معطلة بذلك نص دستوري قضى بعلنية الجلسات البرلمانية ، وهذا ذهب بالحوار الى تبني موقف سلبي يكمن فيما اذا عطلت الاجراءات نص دستوري ملزم يمثل قمة الهرم القانوني ويخضع له الجميع ، فكيف سنؤسس لرؤيا جديدة في العلاقة بين المنظمات غير الحكومية ومجلس النواب ، لكن سرعان ، ما اتجه الحوار للبحث عن مخارج منطقية وعملية لتفعيل النص الدستوري الخاص بعلنية الجلسات البرلمانية وان لاتكون تلك الاجراءات المفروضة لدواعي امنية والتي صادرت النص الدستوري المذكور ، ان تصادر مرة اخرى ، حق المتحاورين في التفكير لتحرير ذلك النص الدستوري ، ومبدا العلنية مهم جدا ، فهو مقدس في اجراء المحاكمات للوقوف على مدى عدالة المحكمة ، وهو سامي في موضوع الشفافية لأَنَ الامور تجري في العلن وتحت انظار المعنيين ، وماهو اكثر من هذا وذاك يكون ، في موضوعة المال ، عندما يتم التصرف فيه بطريقة علنية وخاضعة لاطلاع الجميع ، ستسكت جميع الشكوك وتغلق منافذ الفساد والاختلاس ، بل حتى العمل داخل المنظمات غير الحكومية يحتاج الى العلنية ، التي ستشد من تعاون اعضاء المنظمة وتمنحهم الثقة للمزيد من الحماس باتجاه تحقيق اهداف المنظمة .
ولاتكمن فائدة العلنية في المعنى الرقابي ، فحسب وانما تفيد في بيان الجهد والعطاء الكبير الذي تقدمه جهة العمل ، وهذا ما حدث لي عند تلبية الاستضافة الكريمة لاحدى قواطع المجالس البلدية في يوم الاجتماع الاسبوعي ، والذي تتلى فيه عادة تقارير الانجاز والعمل لاعضاء القاطع ولجانه البلديه ، فكان فيها ما يثير الاعجاب والتقدير وما يدلل على ان هناك اعمال تنجز ، وعلى خلاف الصورة المطبوعة في اذهان الكثيرين عن عمل المجالس البلدية ، وهنا قمت بمداخلة ، قائلا لهم ، اني فرح ومسرور بان ارى عمل وانجاز ، لكني اتمنى عليكم ان تجعلوا من يوم اجتماعكم هذا علني ليرى الناس عملكم ومدى جهدكم وعطاءكم وان تنظموا لذلك دعوات لاشخاص من مختلف شرائح منطقتكم.
ايضا هناك فائدة اخرى ، ربما الاهم ، وهي الاستماع الى اراء الجمهور والخبراء والمختصين مما يزيد في عمق الحوار وانضاج الافكار وانتاج قرارات رصينة ، بل ويشكل الحضور عاملا محايدا مهما في حسم الخلافات بعيدا عن الصراع والانقسام السياسي القائم على الفعل ورد الفعل بدون نظرة موضوعية فاحصة لتبني الموقف المطلوب ، وارجو ان لايفهم من كلماتي هذه ، هو المشاركة الكاملة المساوية لمشاركة الاعضاء في التصويت والاعتراض والرفض ، وانما القصد ، هو المشاركة التشاورية القائمة على طلب الراي والمشورة والاستماع الى رايهم في المواضيع التي طرحت للمناقشة ومايدور على هامش الجلسات من حوارارت لغرض الاستئناس براي الجمهور.
اما ما ورد من استثناء على مبدا علنية الجلسات بان تكون سرية ، يفترض عدم التوسع به وكانه الاصل وما ورد من مبدا استثناء ، وهذا ما يحدث ، للاسف ، من الناحية العملية ، نعم هناك ضرورات تجعل من السرية اسمى من العلنية ، كما الحال في المرافعة في الاحوال الشخصية بين الزوج وزوجته ، تكون اسرار الاسرة مصونة ومقدسة وتفوق قدسية العلن هنا بكثير ، اذن يفترض القياس الدقيق بين اهمية العلن والسر ، وفي جميع الاحوال يكون خط الشروع ابتداءا من الاصل في العلنية.
(*)باحث قانوني وناشط حقوقي
Email:[email protected]