الموت للدواعش السنة و الشيعة!/عزيز الخزرجي

Thu, 26 Jun 2014 الساعة : 1:38

في مقالي ألسّابق بعنوان؛(مقالات يائسة و بائسة), تطرقتُ إلى ملامح ألمُخطط ألأمريكيّ ألجديد في منطقتنا و الذي غاب عن فكر معظم – إنْ لم أقل كلّ – السياسيين و الكُتّاب العراقيين و آلعرب خصوصاً إلا ماندر, و آلذين ما زالوا يرتون من نبع و نهج ألسّياسات ألإستكباريّة و هم يُحسنون الظن بولي نعمتهم أمريكا, و يأتي في مقدمة هؤلاء؛ الكيانات و الكتل و آلأئتلافات التي أيّدت تنظيمات (داعش) أو من تعاون معها و كذا المراكز و آلمحطات الأعلامية ألصّفراء(1) ألتي تتّخذ من أراضيهم في واشنطن و نيويورك و لندن منطلقاً لتثوير و دعم و ترويج تلك السياسة الغربيّة الفاسدة ألتي إنطلت أهدافها الخطيرة عليهم أو ربما تغاضوا عنها لأجل مصالح آنية و شخصية و فئوية ضيقة, و هم يُحاولون تمريرها تحت غطاء الدّيمقراطية و النّظام الدّيمقراطي الغربيّ للأسف ألشّديد ليكونوا جزءاً من المخطط الأرهابي الدولي الداعشي ألأمريكي و إن لم ينتموا رسمياً لتنظيمات داعش أو إدعوا حتى بشعارات مناوئة لداعش!

لقد كان ذلك المخطط ألرّهيب الكبير مُعدّاً من السّابق من قبل هنري كيسنجر المرجع الأعلى للسياسة الأمريكية و يرجع بصماته الأولى إلى زمن نجاح الثورة الأسلاميّة في إيران عام 1979م(2) .. و قد حان وقت تنفيذ مرحلة هامّة من مراحلها ألأخيرة التي نظّر لها ألمراجع السياسيين في أكاديميات هارفرد و معهد واشنطن .. تزامناً مع تطورات محليّة و دوليّة كانت بفضل الله و إرادته رغم كل الدسائس و آلعملاء لصالح الدّولة الأسلاميّة المباركة في إيران نهاية المطاف, و من أبرزها إنتخاب ألرّئيس ألسّوري بشار الأسد و ثبات آلنظام في السّاحة السورية عبر إنتخابات رئاسية تشريعية فاز فيها السيد بشار الأسد بإمتياز ممّا سبّب بالقضاء على تحركات (داعش) في أهمّ مدن بلاد الشام و المحاور الأستراتيجية فيها!

من جانب آخر يأتي فوز السيد نوري المالكي في العراق كجناح آخر للثورة الأسلامية و ثباته أيضاً أمام الخصوم السّياسيين الذين باع أكثرهم الوطن و القيم و تعاون مع الأرهابيين بما فيهم الأئتلاف الوطني الذي تحالف مع القائمة (الوطنية و متحدون) لتسليم بعض مدن العراق التي كانت تحت نفوذهم كآلموصل و آلرّمادي و مناطق من كركوك و آلغرب .. بتّعاون خفيّ و خجول مع سلطة العوائل الحاكمة في كردستان!

و الأهمّ من الحدثين السّابقين يأتي الدّور الأسلامي للجمهورية الأسلامية ألدّاعم لحكومة السّيد المالكي التي لا يرتاح لها الأمريكان كثيراً بسبب مواقفها الوطنية و عدم خضوعها لسياسة ألأرادة الأمريكية لجعل العراق مستعمرة لهم, بعكس توجهات الأئتلافات و القوى العراقية الأخرى كـ(متحدون) و (الوطنية) و حتى (الأئتلاف الوطني) الذين يسعون إلى تحويل العراق إلى مستعمرة خربة للأمريكان مقابل إزاحة المالكي عن السلطة و بأيّ ثمن .. مستعينين بكلّ الوسائل و الأمكانات المتيسرة و الفاعلة كآلتوافقات آلأخيرة بين الكتل و الأئتلافات في الساحة و آلحراك و الحرب الطائفية التي يقودها البعثسلفية بذريعة أنّ آلسُّنة في العراق مضطهدين من قبل حكومة المالكي , بينما الحقيقة هي العكس تماماً فحكومة نوري المالكي و شخصه بآلذات لا يتعدى أن يكون سوى صوت واحد من مجموع ثلاثين صوتاً في رئاسة الوزراء عند التصويت و إتخاذ القرارات المتعلقة بالمشاريع الهامة, هذا بآلأضافة إلى أنّ الحكومة العراقية الحالية و رغم فوزها من جديد في الأنتخابات الأخيرة ما زالت حكومة محاصصة و مشاركة وطنية يشترك فيها الجميع .. بل إن حصّة الأسد فيها للكيانات الأخرى الكرّدية و السُّنية على وجه الخصوص وفي الوزارات و المؤسسات السياسية و حتى الرّئاسات العليا!

إن التّصعيد ألجديد و آلخطير الذي تشهده المنطقة بمباركة أمريكية في الساحة الممتدة من شمال شرق سورية ثم شمال غرب العراق و من ساحات المعارك في سوريا و صولاً إلى الأنبار و نينوى و الموصل و كركوك، و القاسم المشترك في قيادة و إدارة المعارك هو (تنظيم دولة الإسلام في العراق و الشام) كقائد رئيسي على الأرض بينما الأطراف الإقليمية التي اتخذت قرارها بالتصعيد و الدعم في هذا التوقيت تراقب تنفيذ السيناريو الجديد و الذي ربما سينقل المنطقة إلى مرحلة جديدة مختلفة تماماً عن المرحلة السابقة التي اعتمدت على احتواء الصراع في سورية و تأخير انتقاله إلى لبنان و العراق بهذا الانتشار الكبير لـ(داعش) التي خرجت من رحم القاعدة و أصبحت لها قيادتها المستقلة و أهدافها المعلنة لإظهارها بثوب جديد بعد ما كره العالم إسم (القاعدة) لتمويه النّاس بأنّهم يختلفون عن القاعدة سئية ألصّيت و آلتأريخ.

و ما يقوي هذا الأحتمال هو زيارة كيري الذي طمأن الأكراد على دولتهم و عدم مخالفة أمريكا للأنفصال الذي تحقق في الواقع منذ سنوات, لكنهم لم يعلنوا عنها رسمياً حيث ما زالت لعاب الحاكمين الكرد يسيل بكثرة للحصول على المزيد من الأموال و الأمتيازات و حتى الأراضي بما فيها كركوك!
ما يجري الآن على أرض العراق هو تنفيذ لخطط أصلية واحتياطية تمّ رسمها و التخطيط لها حتى قبل إنتخاب أوباما الرئيس الأمريكي الذي صرح عشية الأنتخابات الرئاسية في سوريا؛ بأن الإدارة الأمريكية ستستمر في دعم المعارضة في سورية بالأسلحة، و سوزان رايس كشفت بُعيد تلك الانتخابات؛ بأنّ بلادها ستدعم هذه المعارضة بالأسلحة الفتاكة المتطورة, و الحقيقة لم يأتوا بجديد من خلال هذه التصريحات و إنما جاءت كتأكيدات لما هو قائم على الأرض في معسكرات التدريب الأمريكية المنتشرة في شمال الأردن و غرب و جنوب سوريا لتخريج الإرهابيين لدعم (داعش)!

كما أنّ الاتحاد الأوروبي إعتبر و بلا حياء أو ضمير؛ ألأنتخابات السّورية غير شرعيّة و أصرّ على دعم المعارضة رغم علمها بكونها إرهابية ظالمة!
كذلك الأخضر الإبراهيمي هدّد بأنّ سوريا ستصبح دولة فاشلة وساقطة بسيطرة المجموعات الإرهابية على الجغرافيا و خطوط الأمداد الرئيسة على الأرض!

و لم يختلف الدور التركي عملياً عن أسياده في الغرب, و قد دخلت في تقارب مع إيران لكن شيئاً لم يتغير في موقفها العملي تجاه سورية سوى الصّمت الأعلامي!

أمّا السّعودية فقد ألمحتْ بخروجها من المعادلة الإقليمية بُعيد انتصار سوريا على (داعش) و عدم وصول لبنان إلى توافق حول رئيس يُعيد معادلة (السين سين) أو توافق ثلاثي بين آلأطراف!

كلّ هذه ألتّطورات ألسّريعة و الفاصلة سبّبتْ تغيير المواقف و المعادلة و تحديد ساعة الصّفر من قبل المحور الأمريكي في المنطقة لغزو داعشي سريع للجغرافيا العراقية مستغلين الفراغ الدستوري الذي حصل بعد الأنتخابات لتقوية (داعش) كمقدمة لأسقاط الحكومة في بغداد!

لقد كان لدخول تركيا رسمياً على خط المواجهة دلالاته الواضحة لتنفيذ المخطط الجديد، فمن المعروف أن تركيا من الدول الداعمة لتنظيم داعش رغم كلّ التصريحات الكاذبة التي تصدر عن المسؤولين ألأتراك، حتى أن النفط السوري في المناطق التي تسيطر عليها داعش يباع لتركيا و يجني التنظيم – بل الطرفان - من وراء ذلك أرباحاً خيالية تجعل التنظيم الأغنى في العالم، سواء في فتح جبهة كسب في وقت سابق أو في فرض الهيمنة على العراق و فتح جبهة و طرق عبور منها إلى سورية عبر المناطق التي تسيطر عليها داعش، و في مرحلة لاحقة تخطط تركيا بذريعة الخوف على أمنها القومي وعلى حياة التركمانيين في العراق لاعتبار ما يجري في العراق يمسّ أمنها و موجهاً ضدّها و بالتالي الطلب من حلف شمال الأطلسي ألتّدخل إلى جانب تركيا في عمليّة اجتياح للعراق، خاصة و أن كركوك ممرّ النفط إلى تركيا أصبح مهدداً من داعش.

و بدخول تركيا إلى العراق تصبح على مسافة قريبة من استكمال العدوان على سوريا في مناطق سيطرة داعش!

لهذا لم تعلّق تركيا على فوز الرئيس بشار الأسد في الأنتخابات ألرئاسيّة التي كرّست شرعيته و قوته الشعبية, إضافة إلى أن سيطرة داعش على نينوى تفتح الباب أمام تمدّد التنظيم نحو مناطق "الجزيرة السورية" مستغلاً بذلك العمق الاستراتيجي له في العراق، الذي سيكون المحرك للخلايا و الجماعات المتواجدة في مناطق ريف الحسكة للتحرك عسكرياً!

و هذا ما ينذر بمعركة جديدة في المنطقة خصوصاً مع الأكراد, ألّذين أثبتوا بأن قيادتهم السياسية متخلفة و غبية إلى أبعد الحدود عن أبعاد ما يجري في العراق و المنطقة, لهذا لا تدري ما تفعل بآلضبط و عليها في كل مرّة إستشارة الحكومة الأمريكية و الأسرائيلية لأتخاذ القرارات والمواقف المطلوبة!

ستحاول الولايات المتحدة العودة إلى العراق رغم إنها لم تخرج منها أبداً .. من بوابة الحرب على الإرهاب كما فعلت في أفغانستان و بالتالي فإنّ هذه الحرب التي ستتسع و التي تدعمها واشنطن بقوة وتمولها عملائها في المنطقة؛ و تقودها تنظيمات (داعش) و (البعث)؛ ستُبرّر ما يجري في العراق من دمار و بهذا تعود واشنطن إلى العراق و منه تستكمل الضغط على سوريا بمحاصرتها من الشمال الشرقي استكمالاً للوجود العسكري الأمريكي في الأردن و لإدامة سيناريو إشعال جبهة الجنوب .. وكل ذلك هي مقدمات لتوريط إيران في تلك الحرب التي خططت لها أمريكا لأضعافها على الأقل و إشغالها كي لا تتطور و تستكمل مشاريعها الناهضة.

أمّا مملكة آل سعود؛ فقد حسمت خياراتها بعدما رفضت إيران التقرّب السعودي و هي تنظر بوجل إلى التقارب الإيراني التركي و خروجها من المعادلة!

المالكي في العراق قد بدّد للأبد أحلام السعودية و قطر في فرض خصومها السّياسيين الموالين للرياض و قطر الداعمتين لكتلة(متحدون) و (العراقية) على الساحة السياسية العراقية، و آلذين نجحوا أخيراً في شراء ذمم بعض القادة العسكريين الذين تورّطوا في فتح أبواب نينوى و الأنبار أمام (داعش) و أسهموا في تغييب حقيقة الوضع الميداني عن القيادات العسكرية العراقية في بغداد!

لكن الهدف السعودي الثنائي لا يقتصر على العراق، فداعش حالياً باتت تهاجم على جبهتين سورية عبر ممري الأنبار - نينوى، و جبهة داخل العراق التي تتمدد فيها من خلال نينوى بعد أن تمّت محاصرة الأنبار! ما يعني أن خططاً سعودية بإشراف إمريكي مسبق قد وُضعت لهذا التنظيم في خلخلة أمن و وضع المنطقة كبوادر لحرب أوسع ستشمل مدن الجوار.

في الإطار العام وكما يعتقد المحللون بإن سيطرة داعش على هذه المناطق الهامّة من الناحية الجيوستراتيجية يعني تطويق سوريا من جبهة جديدة و ضمان تدفق الإمدادات و الدعم للمسلحين و هذا هو المشروع الذي سبق أن أجهضته سوريا في مجلس الأمن الذي إقترح إنشاء ممرّات آمنة لتقسيم سوريا.

و هذا ما تحاول اليوم القوى العالمية تكرارها في العراق الأقرب لأيران لإدامة التسلط على البلاد الأسلامية و إجهاض الحكومة الأسلامية بقيادة الولي الفقيه بعد ما فشلت في سوريا!

بالتأكيد ما يخطط له وما يجري آلآن يعني؛ أنّ التطورات الميدانية على الساحة العراقية توحي باحتمالات اندلاع حرب إقليمية واسعة تتجاوز سوريا و العراق!

التصريحات الإيرانية الأخيرة جاءتْ رداً على أحداث العراق المأساوية و إشارتها إلى مسؤولية ألسّعودية و تركيا الثابثة في دعم تحرّك داعش من جهة و التأكيد على أنّ إيران معنية بالدفاع عن العراق و أن الأمر يتعلق الآن بطلب عراقي رسمي فقط .. من جهة ثانية يعني أن المحور المقاوم قد حسم أمره أيضاً و ينتظر اللحظة المناسبة للرّد و الرّدع الحاسم و القوي الذي سيقلب معادلة الصراع لصالح المقاوميين بلا شكّ!

لكن وعلى الجهة الأخرى؛ يُمكن التساؤل؛
ما العدد المطلوب توافره من آلأرهابيين لتُحقق داعش سيطرتها على حيّ صغير و في بلد غريب عنها؟
و ما العدد المطلوب منهم للسيطرة على منطقة كاملة؟
ثمّ ما العدد المطلوب للسيطرة على إقليم كامل كنينوى أو ألأنبار و آلموصل و من ثمّ على أجزاء من الشمال السوري و الشمال الشرقي؟

بالتأكيد الأمر يتطلب عمقاً لجستياً و جيشاً ضخماً من عناصر التنظيم خصوصاً و أن التنظيم نفسه يخوض حرباً فيما بينها مع باقي التنظيمات الإرهابية في سوريا و حتى الموصل و ليس فقط مع الجيش السّوري، و بالتأكيد يُمكن أن نفرض هنا سيناريو نهائي مخالف لتوقعات داعمي داعش مفاده:

أنّ المعركة الحاسمة القادمة إن وقعت؛ سيخوضها الجيش السوري و آلجيش العراقي بالتنسيق و التزامن مع محور المقاومة و فصائل من الجيش الأسلامي ضد هذا التنظيم الخطير ألذي سيضطر لتجميع قواته في منطقة تختلف طبيعتها الجغرافية عن المناطق التي تمكن داعش من الاحتماء بها للآن .. لهذا يصح التساؤل أيضاً من خلال تلك القراءة:
بأن حرباً إوسع تنتظر الجميع و على الأبواب!
و أننا سنشهد قريباً نهاية تنظيم داعش الأرهابي؟
أو ربما حرباً إقليمية واسعة لتكريس المزيد من آلتخلف و الدّمار فيها بسبب الموجات الإرهابيّة التي أوجدتها المخابرات العالميّة بتمهيدات عملائها في المنطقة كآلنّظام ألأردني و السعودي و التركي و القطري و بدعم سلفي من شيوخ التكفير و آلتّخلف و آلرّذيلة في البلدان العربية خصوصا السعودية و الأردن البدويتين و آلله هو آلأعلم بما سيكون و العاقبة للمتقين و الموت للداعشين السُّنة و آلشيعة, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي

Share |