حجب وخيانة وبلاد تحترق/علاء كولي
Sun, 15 Jun 2014 الساعة : 0:25

لو كان ثمة خيار للحكومة العراقية الموقرة في حجب المواطنين عن هذا الوطن لفعلت ربما قبل عشر سنوات ، ولو كان لديها خيار في فرض حظر رسمي لنا لفعلت ووضعته في الدستور ايضا ، ولو كان لديها خيار آخر في فرض رسوم كمركية على اي حديث انتقادي لها لفرضته بلا اي مبرر ، ولو كان لديها خيار ايضا لطردت كل المنظمات العالمية التي تتحدث عن حقوق الانسان في العراق .
اكثر من عشر سنوات على سقوط نظام صدام ولاتزال العشوائية تفرض نفسها بشكل واضح ولايحتاج اية نقاش على سياسة الحكومة والاحزاب بشكل عام ، اعتقد بأن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه السياسيون بأختلاف احزابهم ومذاهبهم وانتماءاتهم ، هو صناعة الخراب والموت ،
اكثر من عشر سنوات ولاتزال الدولة هشة ، الفساد ينخر فيها من جميع الجهات وفق القانون والدستور والاحزاب ، ماذا يمكن ان نفعل ازاء هذا الفشل العظيم الذي يلحق بنا ، فالعالم كله يعرف بأننا فاشلون بأمتياز وبأن لدينا نخبة سياسية هي الافشل في التاريخ ، ستتحددث عنها اجيالنا القادمة بسخرية عظيمة حينما تتطلع الى هذا التاريخ المزري الذي نمتلئ به الان دون ان نشعر .
لهذه اللحظة لا استطيع ان اتخيل ابدا الاموال التي تهدر في سبيل فرض الامن، والارهاب يتنامى يوم بعد اخر ، لا اتخيل ابدا ان هذه الاموال وهذه الجيش الكبير بأعداده وقياداته الكثيرة يقف عاجزا امام جماعة مسلحة متطرفة مثل داعش وتهدد امن بلد كامل مثل العراق .
ولا اعرف كيف يمكن لحكومتنا ان تقود خطط كبيرة لمواجهة هولاء بعد ان سيطروا على ثاني اكبر مدينة في العراق ، كيف تواجههم من خلال الاعلام ومن خلال القيادات الحقيقية ، ليست تلك التي تركت المعركة وخذلت الجنود ، لا ان تواجههم بالاهازيج فقط بينما هنالك جنود بلا اسناد ، يهربون من داعش بسبب الخيانات غير المتوقعة التي حدثت ، وكيف واجهت القيادة العامة تلك الازمة ؟
انها معضلة كبيرة جدا ، داعش استطاعت ان تتلاعب بمشاعر المواطنين من خلال الاعلام ، لكننا لم نستطع ان نتعامل مع الاعلام غير فرض الحظر وحجب مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد ، وبات الامر لدينا مختلط تماما ، ولم نعرف اين تكمن الحقيقة ، فنحن نخوض حربا الكترونية ايضا ضد انصار داعش الالكترونيين ، لم يكن متوقعا ابدا ان تتخذ القيادة ، قرارا بحجب مواقع التواصل الاجتماعي بهكذا طريقة مؤسفة !
نحن مع الجيش في كل خطواته لكننا ضد خطوات الحكومة العشوائية في استيعاب هذه المشكلة، عليها ان تعيد حساباتها بشكل جيد وتضع خطط مدروسة لمواجهة هذا الامر، هنالك تصريحات سياسية اقل مايمكن القول عنها انها ساذجة وسطحية وهدفها ان تحط من معنويات جيشنا ، الجنود الذين واجهوا ظرفا استثنائيا في الموصل لم يكونوا جبناء ابدا، الكثير من أصدقائنا الجنود هناك لم يتركوا مواقعهم واستشهدوا هناك وبعضهم جرحى، لكن ثمة خلل كبير قد حدث بسبب عدم استيعاب المشكلة منذ سنوات طويلة، وبسبب القيادات ايضا ،
نحن الان اما واقع مؤسف ولانريد من البلاد ان تحترق اكثر من ذلك ، بالتأكيد نحن مع الجيش ولا اعتقد بأننا نحتاج لأي تصريح للمدافعة عن ارضنا ، نشعر بأنتماءنا الحقيقي حينما ندافع عن وطننا في اوقات الازمات التي تمر به .
داعش او اي جماعة اخرى متطرفة في البلاد هي نتيجة ، نتيجة واضحة لأخطاء السادة السياسيين حينما ينظرون الى الدولة بأنها دولة مكونات وليست دولة مواطنة ، اخطاء حافلة للسياسة المتبعة في البلاد منذ العام 2003 ، على الجميع ان يراجع قراراته وكيف فعلت هذه السياسات في البلاد ، كذلك لاننسى التدخلات الخارجية التي تبحث عن مصالحها ومناطق نفوذ لها ، بينما سادتنا واحزابنا تنظر لها بأنها المخلص الفعلي لهم .