سياسة الامام علي المالية في أدارة الدولة-ناجي الغزي
Wed, 24 Aug 2011 الساعة : 0:33

قبسات رمضانية
عندما بويعالإمامعلي ابن أبي طالب عليهالسلاملقيادةالحكمفي الامة الاسلامية وأصبح خليفة رابع للمسلمين سنة 35 هـ (656 م) بالمدينةالمنورة،بعدالإطاحةبحكومةعثمانبنعفّان، وقد حكمفيها خمسسنواتوثلاثأشهر,التي وصفتبعدمالاستقرارالسياسي،وأعلنأمير المؤمنين أمامالمسلمينمعالمسياسته التي تميزتبتقدمحضاريملموسخاصةفيعاصمةالخلافةالجديدةالكوفة،وأكّدبصورةخاصة عن سياسته المالية وواردات الدولة المالية وآلية توزيعها, وأعلن حزمه بأمر الخراج وما تملكه الدولة من عائدات مالية التي هي ملك الشعب. كما بين الامام عدله في سياسته المالية بأن لايصطفي نفسه وذويه في تلك الأموال, وإنما تنفق تلك الاموال لتطوير وتنمية الحياة العامة من خلال خلق فرص العمل وتقليل معدل البطالة ورفع مستوى المعيشة للفرد والقضاء على الجريمة والفساد. ومن أبرز برنامجه السياسي الاقتصادي هو التوزيع العادل للثروة وأشاعة الرخاء والانتعاش الاقتصادي لسكان الدولة الاسلامية دون تمييز او أعتبار جانبي. فقد ساوى بينسكانبلادالمسلمينمنيهودونصارىوصابئة،فلهمالحقّفيهاكماللمسلمين, عكس ما حدث من تمييز وثراء كبير لفئة دون أخرى كثراء بني أمية على حساب الفقراء من أبناء الدولة الاسلامية في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
وقد شدد الامام في عهد ولايته على محاسبة المفسدين الذين نهبوا أموال المسلمين بغير حق. فأصدر أوامر بجمع الاموال المسروقة والمغتلسة من بيت المال وأعادتها الى خزينة الدولة. فقد تميزت سياسة أمير المؤمنين بالعدالة والصرامة وعدم المداهنة مع أي طرف مهما علا شأنه أو قرب نسبه. فقد كان جل أهتمامه بشريحة الفقراء والعاطلين عن العمل, مما جعل منهجه في السياسة الاقتصادية يعتمد مبدأ توزيع الاموال بصورة عادلة وسريعة على مستحقيها وعلى الأستثمار.والاهتمام بالجانب الزراعي من خلال تعمير الاراضي وإصلاح الري لاستيعاب العاطلين عن العمل وزيادة الانتاجية الغذائية لسد رمق الفقراء.وهذا ما أكّدأمير المؤمنينلمالكالأشترعلىضرورةإصلاحالأرضقبلأخذالخراجمنهاحيث قال له: وَلْيكُننَظَرُكَفيعمارةِالأرْضِأبْلَغَمننظرِكَفياسْتِجْلابِالخراجِ،لأنَّذلكَلايُدْركُالابالعمارةِ؛ومنطَلَبَالخراجَبغيرِعمارةٍأخْرَبَالبلاد،وأهْلَكَالعباد.
ووقد عين عامربنالنباحأميناًلبيتالمالفي الكوفة وكان مؤذنلأميرالمؤمنين(صلواتاللهعليه) وقد جاء بن النباح يوما الى أمير المؤمنين وقال: أمتلأ بيت المال من الصفراء والبيضاء فقال الامام(صلواتاللهعليه) "الله أكبر" ثم أمر بتوزيع الاموال على أتباع عاصمة الدولة الاسلامية في الكوفة وهو يقول (ياصَفراءُ! وَيابيضاءُ! غُرِّيغَيْري) ولم يبقى دينار في بيت المال وصلى كعادته ركعتين لله بعد أن يفرغ بيت المال.
وسياسة الامام علي العادلة في توزيع المال سببت له أزمات سياسية وأجتماعية مع البعيدين والقريبين منه فقد خلقت مصاعب مع جيشه وتنكر له الاعيان من البلاد وقاطعته قبائل قريش الاقطاعية التي أستأثرت بالمال والهبات في العهد الذي سبق ولايته. والسياسة العادلة في توزيع المال دفع الامام علي ثمنا باهضا في تخاذل جيش الامام وتوجهه صوب معاوية, مما دعا أبن عباس الى توجيه النصح الى الامام وعرض عليه حالة جيشه فقال:ياأميرالمؤمنين،فضّلالعربعلىالعجم،وفضّلقريشاًعلىسائرالعرب. فنظر له الامام بطرف عينه وقال له (أتأمرونيأنْأطْلُبَالنَّصْرَبالجوْرِ؟ولوْكانَالمَالُلِيلَسَوَّيْتبينَهُمْ،فكيفَوإنَّماالمَالُمالُالله).
سياسةالامام العادلة والمشرقةالتي أنتهجها أدّتإلىالإطاحةبحكومته الرشيدة وإجماعالقوىالباغية والمنحرفةضده. فقد نفر الناس من سياسة المساواة والعدل على الرغم من أن الله سبحانه وتعالى أكد بكتابه الكريم بقوله تعالة: (ياأيُّهاالنّاسُإنّاخَلَقْناكُممِنذَكَرٍوَانثىوَجَعَلْناكمشُعوباًوَقَبائلَلِتعارَفواإنَّأكْرمَكُمعندَاللهِأتقاكُم).حيث يقول العلامة الحافظالصادقأبوالحسنالمدائني " إنّمنأهمّالأسبابالتيأدّتإلىتخاذلالعربعنالإماماتّباعهلمبدأالمساواةحيثكانلايفضّلشريفاًعلىمشروففيالعطاءولاعربياًعلىأعجمي"
وإن النظام الاقتصدي الذي أعتمده الامام علي ابن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) يهدف الى أقامة مجتمع عادل ومتوازن لاتقف فيه الاقطاعية أو الرأسمالية موقف التسلط والتسيد على رقاب الناس ولا يوجد فيه فقير ومحروم وبائس. فقد كان الامام شديد وعادل مع أقرب المقربين فقد كان حازم مع اولاده ومع أخوته, وحادثة عقيل ابن أبي طالب هي دليل قاطع على عدالته, عندما طلب عقيل مساعدة أكبر مما يستحق من بيت المال, مما دعا الامام ان يحمي له جمرة ويكوي بها يده. جاعلا من ذلك الموقف عبرة ودرس للعدالة والمساواة بين الرعية (السلام عليك يا أبا الاحرار, السلام علك يا أبا الحسنين).