الرواية : مابين الورق , والشاشة البيضاء للنت/سعدي عباس العبد
Fri, 30 May 2014 الساعة : 14:34

• .... تغادر الروايات عيون القراء ..وهي تومأ من بعيد , في إشارة لرحيلها ..
• لم تغادر تماما .. لكنها طوت الشطرالمخيف من مسافة الرحلة .. الرحلة نحو
• انكماش الرواية الورقية وعزلتها وانحسارها .. ليست الرواية الورقية وحدها
• من غادر الواحة , واحة العيون , عيون القراء , فثمة موكب من المؤلفات
• الورقية اثر الالتحاق بها , في رحلة العزلة والانطواء ..
• تلك الرحلة ابتدأت اوّل ما ابتدأت , عندما نزل النت بشاشته البيضاء . ضيفا على العيون
• .. عيون قراء المكتوب على الورق .. حل النت بديلا , عن الروايات الاليفة في رائحتها الورقية
• .. الأليفة في ملمس ورقها الناعم .. في ركونها عند الرفوف .. رفوف المؤلفات الورقية
• .. لم تغادر الروايات تماما .. بيد إنها آثرت العزلة والصمت .. مكتفية بركونها القسري فوق
• رفوف المكتبات المهملة ..مكرهة على الانطواء والعزلة القسرية .. فيما كانت شاشة النت البيضاء
• تعلن عن حظورها في خطوات متماسكة , كبديل عن الرواية الورقية او الكتاب الورقي ..
• العيون التي الفت رائحة الورق وملمسّه ولونه , لم تتألف مع الشاشة البيضاء , وجدت نفسها
• غريبة , عيون لم تألف المطالعة على الشاشة .. كانت بحاجة إلى وقت تتدرّب خلاله على التألقم
• مع الكتاب المطبوع على الشاشة ,
• على انّ الكتاب الورقي , بقي على نحو ما , محافظا على حضوره الشحيح , لم يشهر غربته
• وعزلته تماما .. اذ انّ العيون , لم تُدّجن بما فيه الكفاية , على إعلان القطيعة , مع رائحة
• ورق الروايات , والكتب الورقية , .. بقيت تحتفظ بتلك الاثار والذكريات الحميمة التي كانت تصلها
• برائحة الروايات الورقية , تلك الرائحة المشرّبة بنكهة المطابع والاحبار ورائحة امكنة الخزن
• .. ورائحة الزوايا الاليفة في مكتبات البيوتات ..
• وبتلك الإحاسيس الدافئة المنبعثة من التوحد الذهني , ومن حرية التحكم في الكتاب والقراءة
• والوقت , ..
• رحلة مديدة محفوفة بالمشاق ورائحة الازمنة والانسان والنبات , تلك التي قطعتها الروايات
• او الكتاب الورقي .. كانت بداية الرحلة او الخطوة الاوّلى , في رحلة الكلمة المكتوبة , قد بدأت
• من تلك النقطة البعيدة , نقطة الشروع , المتمثلة بالكتابة على جذوع الاشجار .. كتابة روايات
• او اقرب الى ما نطلق عليه الآن بالخبر .. كانت الروايات الخبرية المستعجلة , تدون على اشكل
• رموز وخطوط , على جذوع الاشجار , كأدوات للاتصال وتبادل المعلومات والرسائل , الرسائل التي
• كانت في اغلبها تجسد الاخطار والشرور المحدّقة بحياة الانسان في الطور الاوّل من حياته , القريبة
• جدا لحياة الحيوان ..كانت تلك الرسائل . وانا هنا اطلق عليها صفة الروايات مجازا , وسيلة ابلاغ
• عن شيء ما .. ... , بعد ذلك تدرجت الرواية او الكلمة المكتوبة .. في التطور والارتقاء في مظمار
• الخزن والحفظ , او الذاكرة المكتوبة , فكانت جلود الحيوانات , الطبعة الثانية الاكثر رقيا , للروايات
• المطبوعة .. فعرفت العديد من الاخبار الروائية طريقها الطباعي على الجلود ..فازدحمت الجلود او
• الورق في هيئتهِ وشكله الاوّل , بالمدوّنات ...ثم حدثت الوثبة الكبرى , وكانت هذه المرة , ايضا
• من النباتات متمثلة بالبردي ,
• فعلى ورق البردي كتبت العديد من المدوّنات والرويات والاخبار المتنوعة في المضامين .. فكان اوّل
• ذاكرة متطورة في أرشفت التاريخ .. بيد انّ كلّ ذلك التاريخ الطويل من ارث الكتابة الورقية
• المتدرّجة في التطور , لم يشفع للرواية الورقية . .. فكان لحضور النت بشاشته البيضاء المثخّنة
• بالاغواء , حضورا مدوّيا , وصوتا طاغيا , ارتجت على اثره اركان الرواية الورقية .. فانسحبت
• للظل والركون إلى العزلة ..
• ولكن يبقى شيء ما . اقرب ما يكون إلى الحنين . الحنين إلى الطفولة , يشدنا إلى الكتاب
• الورقي ........