" سايكولوجية الشعب العراقي.. من وجهة نظر معاصرة. ."/معتصم الصالح

Mon, 28 Apr 2014 الساعة : 14:31

قضت الحرب العراقية -الايرانية على جيلين كاملين هما جيل الستينات والخمسينيات.. والذان يعتبران الاكثر قوة وصلابة من باقي الاجيال والاكثر وعيا وثقافا وانفتاحا وربما طيبة كما هو معلوم..بحكم البيئة العراقية في تلك الايام..

ماذا بقي اذن جيل السبيعينات لم يعيش الظروف المثلى التي عاش فيها اسلافه.. بل عانى الامرين من شظف العيش وقلة الموارد الاقتصادية وتبعات الخدمة العسكرية ومطاردات النظام السابق..فهو جيل لم يرى الراحة يوما..

وانوه هنا الى شيئ من السياسات التي اعتمدها النظام السابق خصوصا بعدما لاحظ نقص واضح في فئات عمرية بعينها.. ومن هذه السياسات مثلا هي الاكثار من الانجاب من خلال تشجيعه لها حيث منعت بيع وتداول حبوب منع الحمل. واسقاط اي مابقي من ذمة الموظف من سلف واطفاءها بعد انجاب الطفل الرابع مع مخصصات 25 دينار للطفل بعد الطفل الرابع وايضا منح الموظفة الام اجازة ستة اشهر.واجازة وضع ثلاثة اشهر.. كل هذه الاجراءات وغيرها. . ادت التي زيادة كبيرة في مواليد الثمانينيات والتسعينيات..تحديدا.. لكن دون دراسة لهذه الزيادة وتخطيط مسبق ..بل جاء الحصار الاقتصادي عام 1991 لينهي احلام هذه الاجيال بالتعلم والعيش والكريم ..لذلك وحسب الدراسات الحديثة نجد ان فئة الشباب وهم من مواليد الثمانينيات والتسعينيات يشكلون نسبة 65-75%من مجموع الشعب العراقي. .

شعب يصنف من ضمن الشعوب الفتية لكنها مع الاسف تفتقر الي الثفافةوالوعي و الاطلاع وسعة الافق.. واصبحت هذه الفئة الكبيرة نسبيا. ارضا خصبا للافكار الساذجة والمغرضة والمتخلفة تقودهم الاهواء والاطماع والعواطف الرخيصة .. وكل ثقافتها اي هذه الفئة ومدى ادراكها لواقع الحياة تستمدها من الثقافة السطحية التي تقدمها وسائل الاعلام الهابطة.. وتحركها رجال دين وسياسة لهم اجندات لاتمت للوطنية وبناء الوطن وتكوين الشخصية المعنوية للمواطن بصلة..هذه الثقافة الهابطة التي تسوقها وسائل اعلام فاسدة تصور للشاب العراقي ان الغبي والبليد مثلا هو الذي يعمل 12 ساعه متواصلة باليوم لياتي بقوت يومه..وان الذكي والفهلوي والذي يلعب بالبيضة والحجر مثلا هو من يكسب الملايين بضربة واحدة..وان الانسان المؤدب والخلوق ماهو الى ضعيف مغلوب على امره.. وان الفظ البذيئ المشاكس هو النموذج الذي يحتذى به....

والنقطة المهمة التي ركزت عليها وسائل الاعلام الفاسدة..هي الترويج للقوة الغاشمة ولسياسة العنف.. فالحياة اليومية تصورها اشبه بغابة وحوش ولامكان للضعيف والمسامح والطيب القلب فيها..تبث يوميا صور العنف والقتل والدمار بشكل ممنهج ومدروس حتى يخيل للشاب انه لا امل يترجى من هكذا حال ويركب الموجه.وتضيع خياراته وقراراته.. فيتحكم به الخوف والقلق ..ولتخفيف هذا القلق يبحث عن من يوفر له الامان لكن بشرط ان يكون امان بانتماءه لقوة غاشمة او نظام عشائري او طائفي او حزبي يتبنى سياسة القوة..
فالشعور بالخوف فضيع والحاجة للامان اقوى..ويرافق هذا الضخ الاعلامي ظهور شخصيات ذات كاريزما خاصة ..معدة سلفا جرى تدريبها او اكتشافها او حتى مد يد العون لها من قبل دوائر ذات نفوذ واسع كي تلعب هذه الشخصيات دور الريادة في مجتمعاتها المحلية وتنظم تحت الويتها الفئات الخائفة وتتبنى لتيارات واتجاهات وحركات متنخدقة في طرف ومتاخذة موقف العداء من الاطراف والاتجاهات الاخرى. تساعد هذه الشخصيات على جذب العديد من هذه الفئة الشابة القليلة الثقافة والخبرة لتدور في فلكها..

اني اكتب هذه الكلمات لتفسير حالة من الضياع والتخبط الذي يجتاح المجتمع العراقي هذه السنوات وبقاؤه يدور في حلقة مفرغة دون ان نرى بصيص امل او نور في نهاية النفق المظلم..وكذلك بسبب التذمر الذي نلاحظه من بعض الناس والحديث عن غرابة سلوك الفرد العراقي والبحث في كتب علي الوردي وغيره ممن كتب في الشخصية العراقية لعلها تجد عندها جواب شاف لاسئلة محيرة.....

لذلك ارى ان الحل في المجتمع العراقي يتم من خلال اعادة اصلاح نظام التعليم فيه.. وعمل ثورة ثقافية جديدة جريئة تاخذ على عاتقها اولا تسمية الاشياء بمسمياتها الصحيحة..فالسارق لايمكن ان يكون وفيا مخلصا والخائن لايمكن ان يكون وطنيا ابدا حتى وان قال وبرر افعاله بحسب الغاية تبرر الوسيلة.وثانيا تقوم هذه الثقافة على تعريف المواطن بحقه بالعيش الكريم واطلاعه على تجارب شعوب حرة عاشت المحن والكوارث والجوع والتخلف ثم نهضت من جديد مثل التجربة اليابانية والالمانية والماليزية والفيتنامية وغيرها الكثير . . .

فطبيعة الكون ثابتة والمعايير فيها واضحة وثابتة والا اختل نظام الكون وكذلك هي حياة الفرد في ظل معايير وثقافة وعادات كل مجتمع يجب ان تكون واضحة وصادقة وثابتة والا اهتزت ثقة الفرد بعدالة المجتمع وفقدت اهم حاجة انسانية وهي الشعور بالانتماء ومنها الشعور بالامن والامان. .

Share |