في ظِلال الأنتخاب/قاسم محمد الكفائي

Sat, 26 Apr 2014 الساعة : 6:27

عندما يكونُ الأنسانُ حرّا في تفكيرهِ وممارساتهِ الحياتية الأخرى التي تنسجمُ وحاجتِهِ وطموحِهِ يكون حرّا بالأختيارِ والتوصيفِ المُطلق .  

في عراق اليوم يتجسّدُ هذا المفهومُ ويتعمَّقُ في تفكيرِ وحركةِ الأنسان العراقي ، وقد عاشهُ واقعا يتلمَّس منهُ  صناعة َ مستقبلٍ مُتجدِّدٍ مُزدَهر .

في ظروفٍ غيرِ مُستقرةٍ مرَّت على الأنسان العراقي ما بعد سقوط ِالنظام المُستبد كانت المرجعية ُ الدينية قد طرحَت أولى مطالبِها بالذهابِ الى صناديقِ الأنتخابِ كي يختارَ المواطنُ مَن يُمثله في مجلسِ النواب ، ويختارَ حكومتهِ التي ستأخذ ُعلى عاتقها بناءَ الدولةِ والأنسانِ كخطوةٍ أولى في ممارسةِ التجربةِ الديمقراطية . لقد مرّت هذه التجربة بمراحل متعددة كانت فيها العملية الأنتخابية تحبو على جليد الكيانات السياسية المتصارعة خارجَ حلبةِ المنافسةِ السياسيةِ المشروعة مما تسببَ في حالةِ إرباكٍ أمنيٍّ وإداري وخدماتي في عموم العراق ، وقد انعكس سلبا على حياة المواطن الذي يأمل وينتظر من حكومته المنتخبة تصحيحَ مسارها الخاطىء . ويبقى الأهم في الأمر أن هذا الصراع المرير لابدّ من نهايتهِ بطرح الحلَّ البديل الذي من شأنه إنقاذ العراق .

اليوم ! فإنَّ الأجراءاتِ والتحضيراتِ التي اتخذتها المفوضية ُ العليا للأنتخاباتِ وصلت الى ذروتِها من أجل إنجاح عمليةِ الأنتخابِ على مستوى القطرِ أو خارجهِ ولم يبق َ إلا أن يدلي الناخبُ بصوتهِ لأختيارِ مرشَحِه الذي يريدُ له أن يمثلهُ في البرلمانِ العراقي القادم .

لقد واجَهَ العراقُ - الجديد - وما زالَ الوانا من التآمر الأقليمي والدولي لتعطيلِ حركةِ نموِّهِ المُتصاعدةِ في مجال الأقتصاد والبناء ، أو تعطيل وإفشال عجلةِ تقدمِهِ في بناءِ مؤسّساتهِ ونظامهِ السياسي والأمني وفقَ قواعدِ النهج الديمقراطي ومبادىء حقوق الأنسان لكي لا ينعكسَ سَلبا على الأنظمةِ الأقليميةِ القديمة والمُترهلة التي تحكم بمنطق مرحلة العبودية والعشائرية ، ناهيكَ عن النوايا الطائفيةِ التي في الصُدور .

إن المرحلة َالآنية الصعبةَ التي يعيشهُا العراقُ كواقعٍ متدهورٍ بسببِ الأنفلاتِ الأمني تفسّرُ حجمَ الفراغِ المعرفي والمهني والأحترافي في عملِ المؤسسة الأمنية العراقية مما يجعل المواطنَ يبحث عن مُرشحهِ ذي الكفاءةِ والمهنيةِ لأنتخابهِ كممثلٍ عنه ، وليس بدافعِ المحسوبيةِ والرغبةِ العمياء التي لا تصنع إلا الفوضى والتشرذم . 

وفي هذه المرحلةِ أيضا يرى المراقبون للشارع العراقي أن المواطنَ يفكرُ ويخطو جاهدا نحوَ إقامةِ حكومةِ الأغلبية لا المحاصصاتِ والتوافقات ، أي أن الديمقراطية َالتنافسية هي الوسيلة ُالناجعة ُلحلِّ كلِّ الأزمات ، وهي أداةُ بناءٍ يُعوِّلُ عليها في هذه المرحلة . أما الديمقراطية ُالتوافقيةُ فهي تعني دوّامة َالصراعِ والنفوذِ من أجلِ مصلحةِ الكياناتِ السياسية ، وليس الأرض والأنسان والدولة .

من هنا ، سيختارُ هذا الشعبُ المُتطلع بعد أيامٍ مَعدوداتٍ مُمثليه ، وسيعملُ على تأسيسِ حكومةِ الأغلبيةِ التي سستولّى على عاتقِها مهمة َإدارةِ مؤسساتِ الدولةِ والناس ، فيكونُ دورُ المواطنِ فيها كمراقبٍ يعملُ على تشخيصِ أسبابِ ضَعفِها ، وتعديل مَسارِها بالتناوبِ مع الكياناتِ السياسيةِ المُعارِضةِ التي تفهمُ حقيقةَ دورِها ، وتحرصُ على مصلحةِ الوطن العليا، وليسَ المصلحة الحزبية أو الفرديّة . بهذه النظرة الموضوعية نكون قد جنينا ثمارَ دولتِنا التي نحلم بصناعتِها .. إنها دولة القانون  .

 

 

0

Share |