البعثي والفضائي..طيران على سطح الدولة!.. /علي النوري
Thu, 24 Apr 2014 الساعة : 2:51

عجيبةٌ هي الكنايات التي يتداولها الناس في عراق ما بعد 2003، فهي لا تخلوا من السخرية، والطراوة في تقُبُلها في الواقع بالأزمات، رغم إن بعضها مسميات مؤشرة للفساد، لها جذورها في زمن النظام البائد، لكنها ظهرت بوجهٍ ساخرٍ، وحالكٍ، في نفسِ الوقت؛ كناية" الفضائي" واحدة من المُبتكرات الهزلية الحديثة، التي ولدت من رحِم السلطان الجديد، لِتُرعى في كنفه الآمن!
هذه التسمية؛ أطلقت على من وطأ القمر؛ كالأميركي آرمسترونغ، والبريطاني تيم بيك، وغيرهم من رواد الفضاء، الذين تركوا بصمتهم على الساهور، وحُفرت أسماءهم، على جُدران من ذهب، ألا إن من سخرية الزمان، تدوالنا هذه التسمية، ونُسبت على من أوصلوا البلد الى الخراب، وهم تحت وسادة قادة المصلحة الخاصة؛ لا يسمعون صُراخ أقرانهم في العمل، ليحلقوا الى منازلهم مُقابل نصف الراتب الشهري؛ فما هكذا تورد الإبل يا مسؤول!
في زمن الجوع؛ حطأ الأرض القائد الفاسد، وتحت كنفه رجالات الظل، وفي قارورته ما يُسمَون" جماعة البدل" أي التبرع بمبلغٍ ضخم، مُقابل الإعفاء من الخدمة الإلزامية في الجيش، وهذا قانون من قوانين البعث، وقائدهم الضرورة!
بعد( زوال) البعث؛ رجع" البدل" بتسمية ساخرة مبتكرة" فضائيين" تحت سعرٍ ثابت، كقانون عسكري مُغلف بغلاف، وموضوعٌ تحت طاولة المسؤول! وتبين فيما بعد؛ إن إجتثاث البعث، ومفاهيمه الفاسدة، لم يكن سوى مخاض حملٍ كاذب، ليبقى الوطن غارقاً في وحل الفساد؛ مُنخرِطاً في لجة العراك السياسي.. يصارع دوامات الزعيق والدم.
تغير الحال بقادة العراق الجديد، وتحولوا الى تُجار.. يتاجرون بالفضائيين، تحت شعار( تريد أطير.. أنطي نص راتبك) وليس المقصود، ان يُحلق" الفضائي، في السماء، ولا إلى سطح القمر! لا.. وإنما الى بيته، لينعم بالنوم، والراحة.. بعيداً عن فوضى العمل، وفوضوية المسؤول، ليتقاضى راتبهُ الشهري خلف أسلاك واهية تفصله عن قائده، لِيخرُج كالفأر عندما تتوفر قطعة الجبن!
قد يُطرأ تساؤل: من هم حماة الوطن عند القادة؟
تُركت مهمة حماية الوطن الى " المكَاريد" القرابين الأبديين لشهوات البطولة الزائفة، كدروعٍ تحجب عن المنتفعين.. خطر الموت الأحمر، لينعموا في بيوتاتِهم الزاهية خلف أسوار منطقتهم الخضراء المحمولة على كاهل المنطقة الحمراء.
خضع " تُجار الفضائيين" الى قانون العرض والطلب، وهم يتأثرون بمقدار الزيادة والنقصان في معدلات الرواتب الشهرية، فكلما زادت الأخيرة، زاد الطلب، وارتفع سعر" الفضائي" وما علينا إلا أن نُهنئهم؛ فالرواتب في تزايد مُستمر، كضرورة من ضرورات الدعاية الإنتخابية عند السلطان الديمقراطي!
وابلُ من الفساد، والخراب على وجه الوطن، بين وطأت البعثيين من جديد في القيادة، وطيران "الفضائيين" على سطح الدولة، ولا نعرف متى نصل القمر...؟!