مرجعية السياسة وسياسة المرجعية/اسامة صباح الشويلي
Sun, 20 Apr 2014 الساعة : 13:07

اثبت كل الأنظمة من اشتراكية و رأسمالية وعلمانية نجاحات في مجالات معينة في ميادين الحياة, ولكنها أيضاَ احتوت على مواطن ضعف قوية, آدت بها إلى حالات من الفشل الكبير في مجالات كثيرة, فالرأسمالية وما تحتويه من غبن للطبقة الفقيرة, والاشتراكية و صبغتها الشوفينية وبرودها على المستوى الاقتصادي, كانت ولازالت الأنظمة الإسلامية هي الحل, خصوصا النظام الإسلامي الذي طبق بشكل مثالي في زمن الأمام علي عليه السلام, فرغم تفرده بالسلطة كخليفة للمسلمين, والأموال وحجم الدولة التي كان يحكمها, إلا انه لم يبقى فقير في زمنه, ورغم كل هذا وإنشاءه الشرطة للمرة الأولى, إلا أن سجونه خلت تماما من المعارضين السياسيين رغم كونهم على باطل.
ومنذ ذاك الزمان إلى اليوم لم تأتي حكومة للعراق إلا وتغطت بعباءة الإسلام, رغم أنها بعيدة كل البعد عنه, فعاثوا في الأرض الفساد, وقتلوا العباد ونهبوا البلاد, تعالت على أثرها الدعوات من قبل رعاة العلمانية في مجتمعنا لفصل الدين عن الدولة, متناسين أن هذا من غير الممكن تطبيقه في مجتمعنا, لأننا نشتق ونستنبط عاداتنا وتقاليدنا وقوانيننا, من القران والأحاديث النبوية وسيرة الأنبياء والأوصياء الصالحين, وعلى الرغم من محاولات المقبور صدام, الذي ادعى بأنه قائد الحملات الإيمانية رغم كونه علماني فاشي مئة بالمائة, بفصل الدين عن الدولة بمحاربته للعلماء الشيعة والسنة على السواء, ممن لم يباركوا له الظلم والطغيان والدكتاتورية, فقام بإعدامهم وتهجيرهم وإبقاءهم تحت الإقامة الجبرية واغتيال البعض منهم في الداخل والخارج.
دارت على الباغي الدوائر ليعدم ويرمى في مزبلة التاريخ, وتعود المراجع الدينية لتأخذ مكانتها في المجتمع, رغم أن البعض لا زالوا مجحفين بحق المراجع, ولتتصدى المرجعية للازمات السياسية, فتثبت للعالم بأنهم أهل الحكمة والمعرفة, فمن الأيام الأولى للاحتلال دعا حفيد علي ابن أبي طالب عليه السلام السيد السيستاني دام ظله, وطالب من اجل الدستور والانتخابات, مما أثار استغراب الكثيرين لهذا المطلب, وانتقاد البعض له, إلا انه لم يكن إلا عين الصواب, فحدث المحتلين بلغتهم, وطالبهم بقوانينهم, التي يدعون إليها فتمت ولله الحمد, وأصبح العراق يمتلك الدستور والحكومة المستقلة, ثم من بعدها السيادة الكاملة بعد خروج كل القوات الأجنبية.
واليوم يدور الزمان مرة أخرى, فتعود رياح الدكتاتورية لتهب على العراق من جديد, فتتصدى المرجعية مرة أخرى وتطالب بالتغيير, لإدراكها بان التغيير هو المنطلق الحقيقي للديمقراطية, لتعويد الشعب والسياسيين على احترام القوانين والحقوق والتداول السلمي للسلطة, رغم بعض الأصوات الشاذة القبيحة التي تتهم المرجعيات, بعدم انتماءها للبلد تارة, وسكوتها تارة أخرى, لأنها تنطق بما لا يتناسب مع مصالحهم. ومع الأسف وجود بعض خطباء المنابر الذين يتبعون بعض المتمرجعين يروجون لبعض الساسة, لان هناك تطابق بين الفكر المشبوه لمتمرجعيهم مع هؤلاء الساسة فيشوهون الدين والإسلام.