الجيش العراقي , في حكومة الشراكة الوطنية/حسين الشويلي

Wed, 16 Apr 2014 الساعة : 10:10

لم يساء لمؤسسة في العراق كما أسيئ للمؤسسة العسكرية في حكومة الخصماء . مع علمهم أن أمن المواطن وأقتصاده ووجوده مرتهن بقوة المؤسسة الأمنية . فبعد خذلانه سلبوه أسمه وصفته الوطنية .
جيش العراق أم جيش المالكي , أسمان لمضمون,, واحد .

كما توصف الدول بأسماء عواصمها ونجد هذا المعنى منبسطاً حتى على الدول الأعرق والأعمق جذراً في ممارسة الديمقراطية , فلم نجد أستياءاً أو أتهاماً بالأستحواذ والهيمنة من قبل بقية مدن البلد بل نجد قبولاً من خلال تسمية الجزء على الكل .
وهنالك أيضاً مؤسسات وهيئات كبيرة ومهمة عُرفت وأقترنت بأسم شخصية ما , فأحدث تلازماً وتلاحماً بين المؤسسة وأسم الشخص كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية , حيث ينعت الضمان الصحي عندهم أو الجزء الأهم والكبير بأسم الرئيس الأمريكي , فأقترن الأسم بالمؤسسة رغم أن الضمان الصحي مؤسسة لها أصالتها في المجتمع الأمريكي وكانت موجودة قبل مجيئ الرئيس وستظل بعد رحيله .
لكننا لم نجد الأمريكيون يتحسسون من هذا التوصيف أو النعت , لأن ثقتهم بأنفسهم أولاً وبمؤسستهم ثانياً أكبر من أن يهزما أمام نعوت وأسماء , بل على العكس وجدوا في ذالك نوع من الطرفة والتندر .
فهل يملك المسمّون والنعّاتون الجيش العراقي بجيش المالكي ذات الثقة بأنفسهم وبمؤسستهم العسكرية ؟

علينا كعراقيين قد أعلنت دول الجوار علانيةً حرباً تستهدف الأنسان العراقي وبيئته وأقتصاده ووجوده , أن نتخلى عن موروثاتنا السيئة , وواحدة منها النظرة التخوينية والتآمرية التي يحيط بها البعض خصمه السياسي , وأن لاننطلق بتهديم مؤسسات الدولة وتسقيطها أجتماعياً لأن من يترئسها خصم سياسي . ! من الأجدر أن يواجه هو ذاته وترك المؤسسسة بعيداً عن التسقيط .

وواحدة من تلك المعاول التي تستخدم لتهديم مؤسسات الدولة هو ذالك الهوس في تسمية الجيش العراقي بأسم قائده . والمنظومة التي ينطلق منها النعّات ليست وطنية ولا تتحلى بأدنى مستويات التنافس السياسي الشريف . بل هي أبعد من النعت والأسم , أنها مؤامرة متعددة الأجزاء والمراحل , وتأخذ أشكالاً مختلفة قد تفترق في الأداء لكنها تتحد في الهدف والغاية , وهي أسقاط العملية السياسية وأعادة العراق الى عهود الديكتاتورية , والحزب الواحد والصحيفة الواحدة والرأي الواحد والقناة الواحدة وفرض المذهب الديني الواحد حتى على أصحاب المدارس الأجتماعية الوجودية .

ومن أوضح تلك المحاولات , الفساد الممنهج في دوائر الدولة , تنصل بعض الشركاء أو جلّهم عن مسؤولياتهم الوظيفية في الدولة , تعطيل أهم مؤسسة تشريعية في البلد وهو البرلمان العراقي وتحويله الى مؤسسة كسيحة أغلب أعضائها لايحضر الجلسات ويكثر فيها اللغط ونشر أسرار الدولة وأستنزاف المال العام , الخمول المتعمد في مجالس المحافظات رغم الأموال التي أنفقت عليها , لأن الشركاء لايريدوا تغيير الواقع الخدمي في مدنهم لأستحقاقات حزبية , لكننا أن تعمّقنا نجدها أيحاءات المؤامرة لسحق العملية السياسية برمتها .
وألحاق الجيش بأسم المالكي تعد واحدة من أخطر مراحل المؤامرة , لأنها تهاجم أهم مؤسسة وطنية وكذالك تهاجم أهم شخصية سياسية . فقد جمعت المؤسسة والشخص في آن,, واحد .

ولم يتوقف الأمر عند الأسم بل يتعداه ليكون بمثابة فتوى سياسية بقتل منتسبي الجيش العراقي أولاً , وفتوى أخرى بعدم الألتحاق به لأنه جيش تابع لشخص ولحزب وليس مؤسسة أمنية وطنية . وهذه تنتج قطيعة بين الشعب وجهازه الأمني . وكما هو معلوم أن قوة الجيش ومدى قدرته على دحر الأرهاب والأخطار في أي بلد تكتسب من ثقة الشعب به وحجم التأيد الذي يحظى به .

وكما قيل ( يد الجيش لاتصفق وحدها ) .. فالمستهدف الحقيقي بتسمية الجيش بأسم المالكي هو المواطن بأمنه وأقتصاده ووجوده . بدليل أنّ أول من أطلق هذه التسمية على الجيش هي الحركات الأرهابية كداعش وقطعان البعث المجرمة . وبعدها أقتبس هذه التسمية وبدأ يتداولها برلمانيون وسياسيون !

لكن النعّات يكذبهم الواقع بكل وضوح , لأن عمل المؤسسة العسكرية يكذب هذه الفرية التي أريد بها ضرب العملية السياسية , وليس الأساءة لخصم سياسي . فبشّعوا عمل المؤسسة العسكرية وتمدحوا بجيش المقبور صدام كما خرج علينا بهاء الأعرجي بمقولته ( هذا الجيش جيش وظيفة لاكما كان جيش عقيدة ) .

ففي أحايين تكون الأفترات والأكاذيب التي تنطلق من الخصوم مصدر للتأمل وأحداث أنتباهة عند الشعب . فقد يكون الشعب غافلاً عن حقيقة ذات منفعة أو شخصية وطنية مهمة يجدر أحتوائها وتقويتها
وهذا ما يحدث , من خلال نعت الجيش بجيش المالكي والتركيز على هذه الجزئية . تجعلنا نبحث عن دور المالكي في تأسيس وأعادة هيكلة الجيش العراقي الحالي .

الذي تسبق أحكامه قناعاته يذعن الى حقيقة ثابتة بأن الجيش العراقي الآن لهو أفظل الجيوش الوطنية بتأريخ العراق . وهذه معطيات وليست آراء شخصية . أولاً قد تمّ بنائه بضروف الحرب . وتمّ أنشائه وتسليحه وهو يقاتل كل الحركات الأرهابية العالمية من القاعدة وداعش والنصرة والنقشبندية وغيرهم . وقام القائد العام للقوات المسلحة على أنشاء هذا الجيش الوطني ومعظم شركائه السياسيون هم بالحقيقة أعداء فوضعوا كل العراقيل لأجل أحداث تململ لدى القيادة في بناء الجيش وتسليحه وكذالك عرقلة جهود التسليح والتطوير التقني, رغم كل هذه التحديات وغيرها , ومن رحم هذه التحديات ولد جيش عقيدته حماية الوطن والمواطن - ففي المناسبات الدينية تجده المحامي والسور الذي يسوّر الجموع كي لايتعرضوا لعمل أرهابي . وفي وقت الكوارث الطبيعية نراه المنفقذ والمتفاني لأنتشال المنكوبين لتخليصهم . وحين زحفت عصابات داعش الى مناطق غرب العراق وأستباحوا الأنسان بعرضه وأمنه وماله . تقاطرت الألوية تتدافع لنصرة أهالي تلك المناطق من شرور الأرهاب القادم من وراء الحدود .
وحين تمّ أقتحام كنيسة سيدة النجاة , قامت قوات الجيش بتحرير الرهائن والكنيسة وقتل الأرهابيين .

ومن خلال تلك المعطيات لابد أن هذا الجيش هو جيش عقيدة وطنية ثابتة , ولم تتكون وتتطور تلك العقيدة العسكرية الناضحة شرفاً ومهنيةً الاّ بوجود مخطط وعقلية أستطاعت أن تحقق فوزاً ببناء هذا الكائن الوطني المقاتل وتلك الظاهرة الميدانية التي تحارب الأرهاب نيابةً عن العالم , بأعتراف العالم ..
وحين نرتقي بحالة الوعي والمسؤولية نستطيع أن نقول أنه فعلاً جيش المالكي , لكن لا بالمعنى التآمري الذي يقصده المغرضون . بل أعترافاً بجهد وطني يستحق عليه كل الثناء .

ونأمل أن يقود المالكي جيشه في حكومة الأغلبية السياسية كي يتمكن من أنهاء عملية البناء دون مثبطات . فالذي يستطيع أن يكوّن جيشاً في ضروف حكومة الشراكة الوطنية الهشّة والمتخاصمة بهذه المواصفات , كيف يكون الحال عندما يكون مع فريق عمل متجانس ؟ 

Share |