الـمـُشــكل العـراقــي فـي الاسـاس ام فـي البنـاء/ د احمد الاسدي

Fri, 11 Apr 2014 الساعة : 3:29

حــتـى لا نـغـالط انفسنــا و نـتخـفـى وراء الاصــابــع , ونـختلق المـبـررات مـِنْ جـانـب , او نـرمـي بعض الاتهـامـات مـِنْ جـانـب آخـر , فـالمـُـشـكـل العـراقــي وإنْ طـفـت فقـاعـاتـــه عـلـى الســطـح بـُـعيــد التغييـر الاحـتـلالـي نـيسـان 2003 , لـكنــه فـي واقـع حـالـه الذي نـعيشــه اليـوم يعبـر عـن صـيـرورة مـراحـل تـاريخيــه مـتعـاقـبــه , ونتــاج ســيـاسـات دوليــه واقليميــه , وجـدت لهـا مـَـنْ يـنـفـذهــا بحـذافـيـرهـا عـلـى الخـارطـة التـاريخيـة والجغـرافـيــة العـراقـيــة , والـتـي قــادت بـنـا جـميعـا الـى المســتنقــع التفكـكـي والـتشــرذمـي الـذي اغـرقـنـا فـي متـاهـات صـراعـاتـه الطـائفيـة والمـذهـبيـة والمنـاطـقيــة والتحـزبيــة , وحـتى الشــخصيـة بيـن افـراد المكـون الواحــد احيـاننـا , ونشــر فـي الشـارع ثقـافـات الاقصـاء والتغـييـب , والتصيـد بـالمـاء العكـر واقتناص الفـرص , وتهـويـل الصغـائـر وتسـطيـح العظـائـم , وتلفيـق المعلـومـة وفبـركـة الخبـر , وفســاد العـامـة والخـاصـه قبـل المسـؤول والحـاكـم , وانتشـار اقـذر امـراض المجتمعيــة الانحـلاليــه , والتي وصـلت الـى عتبــه كـل دار ومنـزل وجـامع وحسينيـه , ودائـرة حكـوميـة ومـؤسسه خـدميـة , ومجـلس مـحافظة ووزاره و وزراء واعيـان ونـواب , والقـائمـة تطـول مـِنْ المسميـات التي كـانت تخـتـزل بـالأمس القريب بـشخص واحـد وحـزب حاكـم واحـد , واليـوم اصبـح للـدولـة وقـرارتهـا الف ( رَجـل وحمـاه ْ ) مثلمـا يتنـدر اهلنـا علـى واقـع حـالهـم , بفضـل الـديمقـراطيــة الـتـوافقيــة التي وجـد فيهـا اصحـاب الغـايـات والمشـاريـع الخـارجيـة , وسـيلتهـم فـي ابقـاء الاسـاس الديمقـراطـي فـي العـراق رخـوا , ولا يستقيـم عـليـه بنـاء , وهـذا هـو اصـل سطـورنـا ومـوضـوعـتهـا ,التي سـنـؤشـر فيهـا علـى خـلل الاسـاس الديمقراطي ,الـذي قـاد الـى رداءه البنـاء السيـاسي والمجتمعـي العـراقـي .

الدســتـور الـذي كـُـتـب فـي ظـروف الاحـتـلال , وبـالعجـالـة التـي فـرضهـا الظـرف الاسـتثنـائـي المفـروض قســرا , تحـت حـراب غـازي متصهيـن صـاحـب اجنـده واسـتراتيجيـة بعيــدة المـدى , وخنـاجـر فـتـاوي دينيــه واصطفـافـات مـذهبيــه خـرجـت مـِنْ جحـور التـاريـخ ومـلابسـاتـه فــي لحظــة اسـتقطـابيـه مفصليــه فـي عمـر الشـارع , قــد أســس لنـمـط تشـاركـي وتحـاصـصي فـي الحكـم عـلـى مـُـسلمـة الديمقـراطيـة التـوافقيــة , الـتي نشــأت لضـرورات مـنـع هـيمنـة الاغـلبيـات الدينيـة او المذهبيـة او الأثنيـة الغيـر مـتغيــره علـى القـرار السـيـاسي , واحتكـارها للسلطـة علـى حـسـاب الاقليـات فـي المجتمعـات متعـددة الاثنيـات والعـروق والانتمـاءات الدينيـة ومذاهبهـا الفقهيــه , وهـي اذ تبنـي هيكليتهـا علـى مـبـدأ التحـالف الائـتـلافـي فـي تشكـيلهـا للحكـومـات , و التمثيـل النســبي فـي بنـاء مـؤسسـات الدول ووزاراتهـا , وتـُســقـط مفهـوم الاغلبيــه الثـابتـه ودكـتاتوريـتهـا السـلطـويـة , ومثـل هـكذا نمـوذج ديمقـراطـي لـو تـوفـرت لـه فـي العـراق بيئــه خصبــه وطنيـا , ونقيــه مـِنْ شــوائـب الاحقـاد والاضغـان ,ونـزعـات الثـأر والارتــزاق علـى حسـاب الطـرف الآخـر , لكـانت نمـوذجـا يحـتذى بــه , ويصـب فـي خـدمـة البنـاء الصحيـح لهيكليــة الـدولـة الحـديثـة , ولكـن الـذي حـدث العكس تمـامـا , حـيث وجـد فيهـا البعض غـايتـــه , فوضـع اخشـاب اضغـان وانحـرافـات تـاريخـه العمـالاتـي فـي مسـارات عـجـلاتهـا , مـتذرعـا تـارة بمظـلوميــة سـياسيـة , وتـارة بـأخـرى قـوميـة ,وآخـريـن لـلأســف لـم يســتوعبـوا حـقيقــة فقـدانهـم لسلطـة الكـرسي التي تربـعـوا عـلى عـرشهـا دهــرا , فاستكثـروا علـى المكـونـات الاخـرى مـا فـرضتــه صـنـاديق الاقـتـراع وعمليتهـا الانتخـابيــة , مـِنْ مشـاركـة جـوهـريـة فـي العمليــة السيـاسيــة , وكـان مـا كـان ومـا نحـن عـليــه الآن .

حكـومـة الاغـلبيـة الســيـاسيـة الـتي يـتبـارى علـى التبشـيـر بـولادتهـا البعـض , معـتقـدا انــه قـادرا مـِنْ خـلالهــا تـرتيـب نضـائـد البيت العـراقـي واعـادة بنـاء اســاسـاتــه المتهـاويــه , قــد يـبـدو التـنظيـر فيهـا مـقبـولا بظـاهـره , وقـابـل للتطـبيـق علـى منـابـر الخطـابـة السيـاسيـة ومـن علـى شــاشـات القنـوات الفضـائيـة وبـرامج دعـاياتهـا الانتخـابيـة المقبـوضـة اثمـانهـا ســلفـا , ولكنــه يبقــى خـيـارا مشــلولا عـلـى ارض الـواقـع , ولا يـؤسس الا الـى نتـائـج كـارثيــه جـديـده فـي الشـارع , لأنــه سـيقـوم حكـم الاغـلبيــة المذهبيــه الثـابتـــه وليس السـيـاسيـة المتغيــره , وبالتـالـي تـُبقـي عـوامـل التنـاحـر والمنـاصبـه قـائمـة , وطـريـق التصـحيـح والبنـاء المجتمعـي الامني والسـياسي والاقتصـادي التطـوري مغلقــا , لإعتبـارات عــدم نضـج الوعـي الديمقـراطـي فـي الشـارع اولا , وشحــة ثقـافـة الانتخـاب علـى اسـاس الانتمـاء الوطنـي والمصلحـه الجمعيـة اوغيـابهـا نهـائيـا ثــانيـا , وسيطـرة مـراكـز القـرار الفـوقـي الديني والمذهبي والمناطقي والعشائري علـى تطلعـات العـامـة وتـوجهـاتهـا ثـالثـا .

 

Share |