السلوك الانساني في واقعنا الاالاجتماعي ح/3/عبدالستار الاسماعيلي

Sat, 5 Apr 2014 الساعة : 13:19

العلاقة بين المعايير السلوكيه 
قد تبدو المعايير التي سبقت الاشاره إليها متباينة من حيث النشأه والأسلوب إلاإن بينها تداخلاً ، لأن هذه المعايير وإن تعددت مصادرها فإنها في نهاية الأمر تنعكس إلى الحياة العامة عن طريق إدراك العقل الإنساني لها وصياغتها بشكل قواعد اخلاقيه وقوانين تنظم الحياة الاجتماعية ، فالمعايير سواء انبثقت من الظروف الاجتماعيه أو من وضع العقل الإنساني أو كونها صادره من الشارع المقدس ، فإنها تتوحد في الغاية التي وجدت من اجلها وهي تقويم الأفعال الإنسانية وان اختلفت هذه المعايير في النظرة والرؤية والأسلوب وبغض النظر عن مواطن الخطأ والصواب في تلك المعايير, فان التجارب الانسانيه تبرز إلى الوجود صلاحية تلك المعايير من عدمها وإذا أردنا أن نستعرض ما مر على الانسانيه من تصدع في الكيان الاجتماعي وعشوائية في الحياة العامه وعجز المناهج الوضعية عن إسعاد الإنسان فذلك ما يفسر عدم صلاحية المعايير الوضعية كونها معايير قاصرة النظرة  ولا تستوعب الصورة الشمولية للحياة الانسانيه بينما المعايير الصادرة من الشارع المقدس فأنها ولا شك هي الأصلح كونها تمثل المنهج الأصلح وشتان ما بين حكمة الله تعالى وعلمه بمصلحة الإنسان وبين تلك المناهج القاصرة  وعلى ضوء ما تقدم فان العلاقة بين المعايير الوضعية والمعايير الإلهيه ليس بالضرورة أن تكون علاقة تصادم وتناقض ولكن المعايير الوضعية تصبح مقبولة وصحيحة عندما تنسجم وتتوافق مع المعايير الالهيه لان الواقع الاجتماعي والظروف المتقلبة وكذلك التفكير الإنساني قد ينتج عنها مناهج ونظريات تفرضها الحياة الاجتماعيه لا مانع من الأخذ بها عندما لا تتقاطع مع أحكام الشارع المقدس وبذلك تكون المعايير السلوكيه الالهيه مكتفيه بذاتها ومستقلة في أدائها ومهيمنة على غيرها من المعايير ومقومه لها بينما المعايير الوضعية تكون صحيحة عندما تكون منقادة إلى المعايير الالهيه وعندما يراعي المجتمع هذه القاعدة   فانه يضمن لنفسه أن المعايير السلوكيه التي يتصرف بموجبها أفراد معايير سليمة تقود إلى إنتظام الحياة الإجتماعية0
الوعي الاجتماعي وأثره في السلوك الإنساني
 في ضوء ما تقدم يتضح لنا إن المعايير السلوكيه على إختلافها تمثل القواعد التي تسير بموجبها حركة الحياة الاجتماعية  والإنسان لكي يكون منساقا مع تلك المعايير ومنسجماً مع حركة الحياة الإجتماعية  لابد أن يكون على وعي يمكنه من أداء دوره الاجتماعي ويجعل سلوكه خاضعا للمعايير السلوكيه ومتقيدا بالقواعد التي تنتج عنها ،  وكلما كان الإنسان أكثر وعياً فانه بالتأكيد يجد نفسه قد انقاد بشكل تلقائي لما تفرضه وتقتضيه هذه المعايير  (فالوعي يجعل الإنسان أكثر اندفاعا نحو عمل الخير لان الوعي يرشد الإنسان إلى إن إقدامه على العمل الخيري ينفعه شخصيا   كما ينفع المجتمع الذي هو عضو فيه )(1) ولكن واقع الحال يظهر لنا  ان أفراد المجتمع متفاوتون في درجة الوعي والنضوج الفكري ينتج عنه كذلك تفاوت في السلوك الإنساني وإذا تأملنا السلوك الإنساني في واقعنا الاجتماعي نجد  أن  هناك مستويات مختلفة حسب درجة الوعي ، فهناك السلوك المثالي وفيه يلتزم الإنسان بالقواعد السلوكيه انطلاقا من حالة الوعي ومن صفته كانسان يعقل ما هو مقبول وما هو مرفوض 00 وهذا المستوى يمثل حاله متقدمه 00 وهناك مستوى من الأفراد سلوكهم الإنساني يجري وفقا لما تمليه المصالح الشخصية والظروف الاجتماعية المتقلبة دون مراعاة للمعايير السلوكيه والمعيار ضمن هذا المستوى إن سلوك الإنسان منحصر في تأكيد ذاته ومنفعته دون الأخذ بنظر الاعتبار العلاقة الاجتماعية ومقتضيات المصلحة العامة كما إن هناك مستوى متدني مـن السلـــوك وفيــه يتصرف الإنسان تصــرفا يمليـه وجــود القــوه أو السلطــة فمــا دام سلطان القوه موجود وما دامت  العصا مرفوعة فهو مأمون الجانب أما إذا غابت القوه ووضعت العصا  عاد إلى تصرفه العشوائي العابث بلا رادع من دين أو عقل أو ثقافة ولنا فيما لمسناه خلال الظروف التي أعقبت زوال السلطة أثر السقوط حيث سادت حالة الفوضى وفي ما يحدث هنا وهناك في واقعنا الحالي خير دليل فعندما يخلو الجو لليد العابثة تأخذ تصول وتجول وتفعل ما يحلو لها من النهب والسلب والإعتداء على الآخرين 00 الخ  وفي ضوء ما تقدم يظهر لنا إن وعي الإنسان هو الركيزة الاساسيه التي يتقوم بها سلوكه فعندما يتوفر الوعي تتوفر حالة الإلزام الأخلاقي والشعور بالواجب لدى الفرد أما إذا لم يكن هناك وعيا فان الإلزام   لابد أن يأتي من قوه خارجه عن ذات الإنسان وهذه القوه هي السلطة0      
الهوامش
(1)جريدة بينات العدد101لسنة 2006 .
   
 
 

 

Share |