استقلال القضاء وسلامة الاجراءات القانونيه /المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني
Sat, 5 Apr 2014 الساعة : 3:26

القاضي العناصر الجوهري في نظام العدالة المعبر عن ضمير المجتمع وقيمه وتعبر احكامه عن مدى فعالية نظام العداله القانوني حيث يلاحظ ان كفاءة وفعالية نظام العدالة لاتقوم على جهود القاضي بمفرده اذ تكمل بجهود الادعاء العام وفقهاء القانون والمحامين والمحققين والخبراء باعتبار الادعاء العام عنصر جوهري في نظام العدالة وترتبط وظيفته بتحقيق العدالة وترسيخ قيمها ووضع دعوى الحق العام في المسارالصحيح وكفالة سلامة اجراءات مرحلة التحقيق والمحاكمة تنفيذ الاحكام لان مهمة الادعاء العام تتطلب الاتصاف والمرونة والذكاء وترسيخ الحيادية واستقلال القضاء كما نصت عليه المادة (98) من ادستور جمهوية العراق والتي تحظر على القاضي وعضو الادعاء العام الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية او اي عمل آخر او الانتماء إلى اي حزب أو منظمة سياسية، أو العمل في اي نشاط سياسي
و لابد من الاشاره للقضاء الواقف المحامي الذي ترتبط مهنة المحاماة بصفة اساسية بتأمين حق الدفاع الذي كفلته الدساتير والقوانين الحديثة فضلا عن ان للمحامين دورههم في الدفاع عن الحريات العامة وحماية حقوق الانسان . والمحامي مستقل في عمله ايضا وتعرف المحاماة بحق بأنها القضاء الواقف بأعتبارها جزءا مهما من عملية التقاضي وتعبيرا عن دور المحامي في اظهار الحقيقة واحقاق الحق ، ومن جانب اخر فأن المحاماة علم وفن فهي علم لان المحامي يستند في اقواله ودفوعه الى التحليل العلمي للوقائع ومنطق ترابط الامور والاحداث وهي بلاغته وذكائه وحركاته المحسوبة اثناء استنطاق الشهود اوالمتهمين دور كبير في اظهار الحقيقة وعلى هذا فان من مقتضيات القضاء العادل احترام استقلال المحامي واتاحة الوقت الكافي له لابداء اقواله ودفوعه وان يعطى الوقت الكافي للاستعداد للمرافعة والاستجابة لطلباته المشروعة .وق وجاء الاعلان العالمي الصادر عن الامم المتحدة في 7 ايلول 1990 المتعلق بالمبادىء الاساسية لمهنة المحاماة ليكرس دور مهنة المحاماة في تحقيق العدالة الى جانب القضاء المستقل .
وللمحقق دور مهم في معاونة القاضي في سبيل تحقيق العدالة وخاصة في مجال استكمال التحقيق واجراءاته وتسهل على القاضي سرعة استظهار الحقيقة . وبما ان استقلال القضاء ليس مقصودا لذاته ، بل هو شرط لضمان تحقق العدالة وبضمانات اجرائية ومباديء موضوعية ينص عليها في صلب الدستور تضمن تحقق العدالة ، ومن الضمانات الاجرائية مبدأ شخصية الجريمة والعقاب والاختصاص المكاني مع مبدأ عدم جواز المحاكمة أو العقوبة مرتين على ذات الفعل والاصل مبدأ علنية المحاكمة وحق المواجهة بين الخصوم وحق الطعن في الاحكام وفق مبدأ أن لايضار الطاعن بطعنه ومبدأ أن تجري المحاكمة من دون تأخير ،ومن المباديء الموضوعية قرينة براءة المتهم حتى تبت المحكمة في الدعوى انته ،لاجريمة ولاعقوبة الابنص قانوني تحدد بدقة ووضوح محل التجريم ،مع عدم رجعية القانون الجنائي وذلك تطبيق القانون الاصلح للمتهم و ضمان الحق في الدفاع وحرمته باعتباه حق مقدس .وقد نصت المادتين (15) و(19) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ على جزء مهم من هذه الضمانات والمباديء.بالاضافه ان استقلال القضاء لم يشرع لينعم به القضاة وانما لينعم به المتقاضون .وهذا ما بعني استقرار أهم الضمانات الاساسية لقيام مجتمع مدني يقوم على مبدا سيادة القانون وجود سلطة قضائية مستقلة في عملها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية بحيث يكون القاضي في ممارسته لوظيفة القضاء حرا ومحايدا في اتخاذ لقراره . فالقاضي لايمكنه ان يكون محاديا الا اذا كان مستقلا في عمله ، وهكذا يمكن القول ان الاستقلال والحياد صفتين متلازمتين ، فالاستقلال سبيل الحياد والحياد سبيل تحقيق العدالة واحقاق الحق ورد المظالم . ونقصد بأستقلال القضاء استقلاله كمؤسسة ويتجسد ذلك في الاستقلال اداريا وماليا وفي سلطة اتخاذ القرار ، وأهم مظهر استقلال القضاء هو انشاء مجلس للقضاء يتولى ادارة شؤون العدالة وشؤون القضاة من حيث التعيين والنقل والعزل دون تدخل من السلطات الاخرى حتى لايكون ذلك وسيلة ضغط على القاضي ، كما ويجب اختيار من يتولى القضاء بعناية خاصة ممن شهد لهم بالكفاءة العلمية والنزاهة والاستقامة لان استقلال القضاء ليس امتيازاً للسلطة القضائية. باعتبارها الحارس الأمين على حماية الحقوق والحريات، والحفاظ على التوازن الاجتماعي والضامن للديمقراطية وتوفر الامكانيات المادية والبنية التحتية لان الاستقلالية ضرورة لاغنى عنها لابد من حماية القضاء من التأثيرات الخارجية وخاصة من طرف سلطة المال ومن ضغوطات الدوله لأن إستقلال القضاء أساس العدل وعنصر من عناصر المحاكمة العادلة والملاحظ دوليا إن مبدأ إستقلال القضاء منصوص عليه في كل الدساتير .لذا فأن ارساء حكم دستوري لايقتصر على وضع قوانين فعالة فحسب وانما الأهم من ذلك هو إقامة محاكم مستقلة نزيهة لديها القدرة على الحكم السليم. لذا يجب عدم التدخل في سير العدالة والتأكيد على سلطان القاضي في قضائه على سلطان لأية جهة أخرى. ذ يعتبر استقلال القاضي أمراً لا يمكن الاستغناء عنه للعدالة النزيهة ويجب على كل المؤسسات الوطنية او الدولية احترام هذا الاستقلال وحمايته والدفاع عنه كما وان المدعين العامين يعتبرون جزءاً من الهيئة القضائية والرقيب الامين على كافة القرارات التي تصدرها المحاكم على نحو فعال لا يخضع لسيطرة أو هيمنة الاجهزة الاخرى في الحكومة باعتبار ان السلطة التشريعية تطبيق القوانين المسند الى السلطة القضائية التي تكفل استقلال القضاء لتمكين القضاة من أداء اعمالهم باستقلاليه ا لامرالذي يتطلب حماية القضاة من التهديد بالانتقام حتى لا يؤثر ذلك على إتخاذ القرارات. مع الالتزام اختيار القضاة وفق مبادئ السلوك القضائي للتقليل قدر الامكان من تعرضهم لخطر الفساد والتأثير الخارجي عليهم. كما وان اختيار القضاة وفقاً لمعيار جدارة المرشحين لشغل المنصب مطلب أساسي لضمان تصرف القاضي بدون تحيز مما يقتضي اختيارهم من بين اكبر مجموعة ممكنة من المرشحين الاكفاء و لا يجوز التمييز بين المرأة والرجل في إسناد الولاية القضائية.
كما وأن التداخل بين المسؤولين التنفيذيين والقضاء ونشوء الصراع بينهما بتطلب عدة ظروف لتحقيق التوازن بين هذين الاعتبارين مع توخي الحذر الشديد لضمان سلطةالقضاء ولا يعتبر استقلال القضاء غاية في حد ذاته وانما هو وسيلة لتحقيق غاية فهو جوهر حكم القانون الذي يبعث في موطن الثقة في تطبيق القوانين بانصاف ومساواة لذا فأن في تحقيق هذا المبدأ السامي أى مبدأ استقلال القضاء يعتبر مصدر الشجاعة اللازمة لأداء مهمة حكم القانون. ولكل هذا وذاك في ترسيخ مبدأ استقلال القضاء والدعوة الى الفصل بين السلطات لا تعني بأي حال من الاحوال ضعف التنسيق او التضارب بينها أي بين السلطات الثلاث أي بين السلطات الثلاث لأن من المفترض ان لكل سلطة مسؤوليات محددة واضحة وان الحكم لا يكتمل الا بتضافر السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. لذا يجب ان يمنح القضاة الحصانه واستنادا الى نص
المادة (90) من الدستور والتي نصت على ان يتولى مجلس القضاء الاعلى إدارة شؤون الهيئات القضائية . وكذلك نص المادة (91) من الدستور فأن مجلس القضاء يمارس صلاحيات إدارة شؤون القضاء والاشراف على القضاء الاتحادي وترشيح رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الأِشراف القضائي وعرضها على مجلس النواب للموافقة على تعيينهم . وتقديم مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية الاتحادية وعرضها على مجلس النواب للـموافقة عليها .
المراجع:
ـ ميثاق الامم المتحدة لسنة 1945.
ـ الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948.
ـ الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية و السياسية 1966.
ـ الاعلان العالمي لاستقلال السلطة القضائية لسنة 1985.
ـ الاعلان العالمي المتعلق بالمبادىء الاساسية لمهنة المحاماة لسنة 1990.
ـ قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969.
ـ قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل.
ـ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003.
ـ قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية.
ـ الأمر رقم (30) لسنة 2005 (قانون المحكمة الاتحادية العليا).
ـ دستور جمهورية العراق لسنة 2005 .
ـ دراسات في الادعاء العام ـ مركز البحوث والدراسات ،جامعة نايف للعلوم الامنية ، الطبعة الاولى ـ 2004.
ـ مجلة الاحكام العدلية ـ تاليف مجموعة من فقهاء وعلماء الخلافة العثمانية ـ طبعة قديمة .
ـ المقاصد العامة للشريعة الاسلامية ـ د يوسف حامد العالم ـ الطبعة الثانية سنة 1994.
ـ الدكتور أحمد فتحي سرور ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات ، دار الشروق ، طبعة 2000 .
ـ الدكتور عبد المنعم محفوظ ، علاقة الفرد بسلطة الحريات العامة وضمانات ممارستها ، دار الهناء للطباعة ، القاهرة .
ـ الدكتور إبراهيم شيحا - الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري ، الدار الجامعية .
المستشار القانوني المحامي عبدالاله عبدالرزاق الزركاني دساتير الدوله العراقيه والنظم السياسيه الجزء الثاني