البعــض واســتحـالــة التـفكـيــر/د احمد الاسدي

Thu, 3 Apr 2014 الساعة : 1:50

مـُـتـلازمــة اســتحـالـة التـفكـيــر الـتي تـفـتـك بـالعـقـل العـربــي الجمعــي وإنْ بــدى اسـتـفحـالهـا يظهـر جـليــا الـيــوم اكـثــر مـِنْ أي وقــت مـضــى لـكنــه لـسـت بـالطـاريء أو بـالعـرض المفـاجـيء , بقــدر مـا هـو نـتيجــة حـتميــة مـتوقعــه لـتـراكمــات تـرســخـت فـي عـقليــة الشـــارع , وأضـاعـتـه فـي متـاهـات تخـنـدقـات المذهـب والدين والطـائفـة والفئـه , وغـيـبت فيــه عـنـصـر العقــل عـنـد الكثيـريــن و الـى الحـد الـذي اصـبـح مجــرد اســتحضـار الفعـل التفكـيـري عـنـدهـم , خـطيئـــه وتجـاوز للخطـوط الحمـراء الـتي خطتهـا سـنوات الاقصـاء والتجهيـل فـي قـرارة انفسهـم وادمنـوهـا .

غيـابيـة التفكيـر واقصـاء عـنـصـر العـقـل اصـبح وسيلــه ممنهجــه ومقصـوده عـنـد البعـض للهـروب مـِنْ واقــع يـدركـون خطـئــه وخـطـايـاه , حـيث ممـارسـة الفعـل الفكـري واستحضـار مـادته العقـليــه يـخـيـب الآمـال فيهـم , ويـطـوف احـلامهـم , ويجعـلهـم امـام حـقيقــة اوهـام امـراضيتهـم , ويـفضـح استحيـاءهـم مـن عـبث تـاريخهـم , ويـفـض عنهـم هـالــة الخـديعـه التي اختلقـوهـا وصـدقـوا صـورتهـا الكـاذبــه , فــوقفـــة ولـو خـاطفــه مــع مـا نسـمـع ونقـرأ مـِنْ تحـليـلات وإطـروحـات ومعـايـرات , تكشـف لنـا حجـم المـأســاة التـي يـحـاول كـُـثـر دفــن رؤوسهـم فـي رمـالهـا كـالنعـام خــوفــا مـِنْ مـواجهــة بصيـرة تـعقـلهــم .

بعضــا مـن مـوبـوئـي استحـالـة التفكيـر يحـاول أنْ يــداري عــورة عجــز اســتقـراءه لحـقائق واقعــه, او تصـويــب اتجــاه بـوصلــة تفكيــره المعطلــه , باللجــوء الـى خـداع عقلــه , مـِنْ خـلال صـب جــام فشـلــه عـلـى الاســـلام وجـدليــة العلـة فـي الاسـلام ام الاسـلام هـو العلـه , وآخــريــن وجــدوا فــي واقــع العـروبــة المهـتـز والمـتـردي مـأخـذا وحجــة لتبـريـر انحـرافهـم عـن ثـوابـت الانتمـاء القـومــي الاخـلاقي , والطعـن بالعـروبــة جمعـا مـن دون التميـز بيـن اصـالتهـا وبيـن ادعيـاءهـا والمتلبسيـن بثـوبهـا , وعلـى ذات الـوتيــره انسـاقـت قطعـان فـاقـدي الهـويـة الوطنيـة مـن المعـتاشيـن علـى نفعيــة طعـن الاوطـان بالظهاريـن خـدمـة لمـُشـغليهـم الخـارجييـن وتحقيقـا لمصـالحهـم الشـخصيــة والفئـويــــه , وبيـن هـذا وذاك قـطيـع مـِنْ الإمعـات التي تـردد ببغـاويــه كـل مـا يـغـزو مـسـامعهـا مـِنْ دون الخـوض فـي عنـاء التحـقق والاســتدراك والتقصـي عـن المعلـومـة , ومصـدرهـا وغـايـة مـُطلقيهـا ومـروجيهـا , فمــنذ انـدلاع الحـرب التـآمـريـة علـى ســوريـة وطـوال ســنواتهـا الثـلاث المنصـرمـه , أصـر اصحـاب عـاهــة اسـتحـالـة التفكيـر على وضـع مـا حـدث ويحـدث فـي كفــة مـيـزان الثـوريـة و مـعـاييـر حـراكـاتهـا المشـروعـة , مـتبجحـيـن بـدعمهـم ومـؤازرتهـم لهـذا الحـراك , عـلـى اعتبـارات التمثيـل والتعبيـر الحقيقـي عـن ارادة الشـارع السـوري للخـلاص مـن مـا اسمـوه ( نظـام دكتـاتـوري اســتبدادي ) , ضـاربيـن عـرض الحـائط ,ومغمضي بصرهم وبصيرتهم عن كـل المعطيـات والـوقـائـع والاحـداث والممـارسـات التي تـؤكـد عكـس ادعـاءاتهـم تمـامـا , وتفضـح طبيعــة البعـد العـدوانـي والتـآمـري الخـارجـي , خـصـوصـا وإنَ دول تحـالف الارهـاب الوهـابي التكفيـري ( القطـري السعـودي التـركـي ) تعـتـرف علنـا وبدون اسـتحيـاء وعلى لسـان مـسـؤوليهـا , ومـن علـى منابـرهـا الرسميـة , بدعمهـا للعصـابات المسـلحـة وتـزويـدهـا لهـا بـالمـال والســلاح , ومسـاندتهـا بالجهـد الاعـلامـي , والتغطيـة على فعلهـا الاجـرامـي سـيـاسيـا ودبلومـاسيـا , وحـيث كـل مـَنْ يخـالفهـم بـالرؤيــا والاســتدلال , ويسـمـي الاسمـاء بمسميـاتهـا الحقيقيــة , ويضـع علـى طـاولات الحـوار والجـدل الدلائـل والقـرائـن التي تـثبت جـوهـر البعـد التـآمـري العـدواني العربـاني العثمـاني الامـريكي المتصهيـن فـي الحـدث الســوري , يــُتهـم بـالسـقـوط فـي حـبـال نظـريـة المـؤامـرة وثقـافتهـا , وبـالأدلجــه وتابعيتهـا , والقـائمـة تطـول مـن الاتهـامـات والاسـقـاطـات التـي تعـاملنـا معهـا بكـل شـفافيـه , ليس لأننـا لا نعـرف دوافعهـا وإصـول لعبتهـا , وإنمـا لتـرك طـارف الحـبـل سـائبـا ليلفـوه اصحـابهـا علـى رقـابهـم , حـتى تحيـن اللحظـة التي ينسحـب الكـرسي مـن تحـت اقـدامهـم , ويجـدوا انفسهـم فـي اقـرب مـزبلـة تـاريـخ تـليـق بهـم , واليــوم وبعد فضيحــة اجتمـاع اوغلــو وزيـر خـارجيـة حكومـة اردوغــان التـآمـريـة مـع كبـار مسـاعديه ورئيس جهـاز مخـابـراتـه , ومـا تسـرب عن بحـث انقــرة لتبـريـرات مختلقــة ومفبـركــة ومشـبـوهه وقـذرة للتـدخـل العسـكـري والغـزو للأراضي الســوريـة , عـن طـريق ارسـال عمـلاء مخـابراتهـا للعمـق السـوري واطـلاق مقصـود لصـواريـخ علـى قبـر ( سليمان شاه ) , والإتخـاذ لاحقـا مـن هذة الـورقــة مبـررا لشــن هجـوم وعـدوان غـادر على دمشـق , أمـلا بتحـقيـق مـا عجـزت وحلفـاءهـا ومجـاميـع ارهـابهـا عـن تحقيقــة طـوال سنـوات الأزمــة , والتي نسـوقهـا هنـا لـلاسـتدلال والتـذكـيـر ليس إلا , و هــي لسـت بـالمفـاجئــة بالنسبــة لكـاتب السـطـور وكـثيـريـن معـه , و ليس بحـاجـة اليهـا لإثبـات الدور التـآمـري القـذري التـركـي الاردوغـانـي او العـربـاني القطـري والسعـودي والمتصهـين الامـريكـي الغـربـي , فـمـا تـعـرضـت وتتعـرض لــه ســوريـة مـن صفحـات تـآمـريـة وحـرب عـدوانيـة , غـبـي مـَنْ يـدعـي انهـا غيـر ذلـك , ودعـي مَـنْ يبحـث عـن حـجج لتـبريـرهـا , وفـاقـد بصـر وبصيـره مَـنْ يـرى فيهـا شيء مـِنْ الثـوريـة , وعـاري ضميـر ومـبـدأ وأخـلاق مَـنْ يجعـل منهـا وسيـلـة لـتصفيـة حسـابـات وتفـريـغ ضغـائـن واحقـاد , ولكنـهـا جـاءت لتعـري اصحـاب العقـول المغيبــه , وتفـنـد كــل تنظيـراتهـم عـن الثـورة والثـوريـة , التي اتكـئـو علـى عكـازتهـا فـي تبـريـراتهـم لـوقـوفهـم بـالضـد مـن الدولـة الســوريـة وجيشهـا وقيـادتهـا السـيـاسيــة .

والســؤال الـذي نـرى قــد حــان الاجهـار بــه فـي مسـامـع هـؤلاء , والذي لا حـاجـة لنـا فـي طبعنـا أنْ نسمـع الـرد عليــه منهـم ,ولكـن نـتركهـم يجيبـون علـى ذلـك مـع انفسهـم لعل وعسـى يمتلكـوا شجـاعـة الاعـتـراف بـإمـراضيـة استحـالـة تفكيـرهـم , والسعـي اخـلاقيـا للبحـث عـن عـلاج نـاجـع يخـرجهـم مـِنْ وبـائيتهـا .

هـــل لازلنـا نحــن مَـنْ يعيش ثـقـافـة المـؤامـرة ايهـا المـتخـشـبيـن ام انكـم مـَنْ غـيب عـقلــه قصـرا , وأصـر علـى اعمـاء بصيـرتــه عمـدا , وأعتـقـد إنَـه قــادرا علـى حـجب الشمـس بغـربـال انحـرافــه وشــذوذه وانقطـاع طمـث تفكـيــره اليـائـس ؟
 

Share |