وحيداً على النهر/عمار الحسن

Tue, 1 Apr 2014 الساعة : 13:36

بعد منتصف الليل بساعة
كان جالساً على ضفاف النهر ، تحت جسر المشاة ، لا احد يراه ، كان الليل يستجدي نوراً من الأعمدة ومصابيح السيارات ، الجو حار ، والقليل من رحمة نسمات باردة قرب النهر
كان يائساً ، حزيناً ، ضائعاً
يدخن بحسرة سيجارة من بعد اخرى ، لانه قرر بأنها اخر مرة سيدخن فيها ، وضع هاتفه قربه يستمع من خلاله الى العندليب ظناً منه ان الاغنية له وان لم تكن موجودة كان سيكتبها ، "موعود معايا بالعذاب يا قلبي ، ولا بتهدى ولا بترتاح في يوم يا قلبي "
تأمل السكون ، النهر ، الاغنية ، راح بعيداً عن هذه الدنيا ، تذكر "رغد" تلك الجميلة البغدادية ذات الشعر الطويل التي احبها ، تذكر القصائد التي كتبها لها بلهجته الجنوبية ، تذكر صوتها ، لهجتها ، عيناها ، شعرها ، كانت اكبر منه سناً ، بعيدة عنه جداً ، كان يظن ان نصفه الثاني هي ، احبها .... اكثر مما احبها ، كانا متشابهين بكل شيء ، الأشياء التي يحبانها ، اهتمامهما ، أفكارهما ، جنونهما ، لم يكن يفرقهما سوى شيء واحد ، انه كان وفياً وهي كانت خائنة .
أشعل سيجارة اخرى ، زاد ألمه ، احس بأن رأسه سينفجر ، بسبب الحبوب التي تناولها امس بمحاولة فاشلة للانتحار
رفع صوت الاغنية ، راح بعيداً مرة اخرى الى الحرب التي سلبته والده ، عاد للحاظر تذكر اخاه الذي فقده بانفجار ، والدته التي ماتت قهراً على موت اخاه ، صديقه الذي اختفى
تذكر نفسه ، دون أصدقاء ، حبيب خائن ، أقارب منافقون ، لا احد له في هذه الدنيا ، حالته الان دون مال ، دون ثياب كافيه ، دون دراسه ، لا يحمل شيئاً سوى الذكريات والألم
كان كلما حاول ان يبتعد بالتفكير عن موضوع يزعجه ...... وجده موضوعاً اكثر الماً .
كان يقول لنفسه : لماذا ؟ لماذا هذا الذي يحصل معي ؟ لم أؤذي احداً طوال حياتي ، لم اسرق ، انا فقط احاول الاعتناء بنفسي وبعائلتي وبمن احب ، لم سلبني القدر كل شيء؟
أشعل سيجارة اخرى ، بكى بحرقة ، تأمل النهر مرة اخرى ، قام واقفاً ، توجه نحو مياه النهر ، كان يشدو " لماذا؟" . تقدم حتى لامست قدماه الماء ، ما زال يبكي ، استمر بالتقدم ، دخل النهر ، وصل الماء الى نصفه ، انطفئت السيجارة ، واصل التقدم حتى وصل الى منحدر يؤدي الى قاع النهر ،وقبل ان يرمي نفسه صرخ بأعلى صوته : لست اسف على اي شيء ، أهذا ما تريده أيها القدر ؟

Share |