لا ينتخبون إلا فاجرا كفارا / جاسم البغدادي

Mon, 31 Mar 2014 الساعة : 0:56

صمت حداد نصمت فيه لحين يوم الانتخاب الاكبر , صمت عن الحكومه وعن معارضي الحكومه , كي لا نعكر صفو الانتخابات القادمه ونشوش الرؤيه على السائرين بلهفه للادلاء باصواتهم ..صمت حداد على عشر سنوات انقضت ولم يتحقق ابسط ما كان يطمح له المواطن العراقي , حداد على الدماء المهدره بلا ذنب , والميزانيه المهدوره بلا شعور بالذنب , وعلى وطن كنا نأمل ان يتقدم خطوه للامام فرجع الف خطوه للوراء ..حداد على انتخاب مثل جنين مات في رحم امه قبل ان يولد ..لا جديد تحت شمس الانتخابات ..لكننا لن نتسمر و نجهش بالبكاء ونلعن النحس بل سننتخب , ننتخب لاننا نريد ان ننتخب ..تماما مثل كل الدول المتحضره , العراق شعب متحضر , لن يتخلى عن ابوته للحضاره الانسانيه مهما تعددت الخيبات وقساوة الواقع ..لاعوده للانظمه القمعيه ..الشعب الذي ذاق ويلاتها عقود طويله على امتداد عمر الدوله العراقيه مصمم الان على اللاعوده ولو تحولت انهار الدم الى بحيرات لانه يدرك جيدا ان العوده تعني طوفان الدم الذي يُغرق الغالبيه العظمى منه ..لو جاز لي ان اتجاوز قدري قليلا وارفع شعارا يحث الشعب على الانتخابات لرفعت شعار (انتخبوا من اجل ان تنتخبوا) لا من اجل شئ آخر ..لا من اجل نهوض العراق , لا من اجل العمران , لا من اجل الاستقرار الامني , لا من اجل توفير الخدمات ..صحيح ان اباطرة السياسه الذين نزوا على المناصب وابتزوها في غفله من اللاوعي الجماعي للشعب العراقي المكبوت قد شيدوا لهم صروحا ماديه (عن طريق النهب المنظم) ومعنويه (الاستغلال الديني والمذهبي) لكن لابد ان ياتي اليوم الذي ينفلت فيه المخلصون من براثن هذا اللج المحكم ..مخلصون يجتازون كل الاسوار والاسلاك الشائكه ليقولوا ( كفى ولنبدأ من جديد )..حين انهارت برلين عاصمه الرايخ الالماني الذي كان مخططا له ان يستمر لالف عام وآلت كل معالمها تحت الانقاض ..واستسلم جيشها وانتحر زعيمها هتلر ..كان اول شئ تبثه اذاعتها ( مع هذا الصباح الجديد ..نبدأ من جديد) اذن نحن ننتخب من اجل هؤلاء القادمون ..ما يتطاير من لافتات دعائيه الان لاتبشر باي خير ستاتي به الانتخابات القادمه ..لاعيب في الشعب لكن العيب كل العيب في السياسيين , حتى اللحظه لاتوجد لديهم ومضه من الثقافه الديمقراطيه لاعلى مستوى الحكومه ولا معارضيها ..تأجيج الشارع , والتهديد , وتراشق الاتهامات بالعماله والتحريض هي الثقافه الشائعه الان لتكون نـُذرا لما بعد الانتخابات فإما الفوز وإما التخريب , التخبط في الممارسه الديمقراطيه في العراق ناتج عن سؤ الفهم لاهم قواعدها وهي قبول الآخر ..ليس فقط من موقع السلطه بل من موقع المعارضه ..لاتوجد ممارسه حقيقيه للديمقراطيه في العراق لعدم وجود ممارسه حقيقيه لدور المعارضه ..المعارضه السياسيه شئ والعداء والتحريض شئ اخر ..الاولى بناءه والثانيه هدامه ..الاكراد كانوا وما زالوا يلوحون بالحل العسكري اذا لم تتحقق كل مطالبهم التي لاتنتهي الا بقيام دوله كردستان العظمى على اكتاف الشعب العراقي والرفات من ثرواته ..واهل السنه كانوا وما زالوا يلوحون بالتمرد ما لم تعود السلطه لهم يقابلهم اصرار عنيد للاحزاب الدينيه على الاستحواذ السلطوي اذن نحن امام تحديات جديده وازمات تعطل اي دور مستقبلي للحكومه ..لا افهم كيف يطمح من يصف الجيش العراقي انه جيش المالكي وينزع عنه صفه الوطنيه ويتهجم عليه ..كيف يطمح هذا السياسي لنيل رئاسه الوزراء والقائد العام للقوات المسلحه ؟؟ وكيف يأمن عدم تمرد الجيش عليه ؟! كلنا شاهدنا كيف يتصرف زعماء المعارضه في الدول المتحضره مع الجيش الذي ترسله حكوماتها لحرب غير مشروعه (امريكا , بريطانيا , فرنسا , استراليا , كندا ) كانوا يرفضون الحرب لكنهم يقفون مع جيشهم ويدعمونه ويشدون من عزيمه الجنود لانهم ينفذون واجبهم بغض النظر عن شرعيه هذا الواجب ام لا ..فالجيش والشرطه وكل الاجهزه الامنيه اداة تنفيذ لا تشريع ..هذا التخبط في المواقف تنقصه الخبره في العمل السياسي ومتطلباته هذا لو تجاوزنا عن سؤ الظن الذي يتوجس من النوايا والدوافع ..كلنا ايضا شاهدنا موقف المعارضه مع حكوماتها ضد الارهاب ..طلب الرئيس الامريكي بوش ميزانيه تقدر ب30 مليار دولار للحرب ضد الارهاب فاصرت المعارضه الديمقراطيه على منحه 70 مليار دولار لان الاولى لاتكفي ..والمعارضه العراقيه للحكومه تمتنع (حتى رئيس البرلمان العراقي) عن حضور مؤتمردولي لمكافحه الارهاب ودعم العراق (وليس الحكومه) ..اياد علاوي (الزعيم الصوري للكتله المعارضه) ينتقد زج الجيش العراقي لحل الازمات الداخليه وينسى انه اول من اقحم الجيش بهذه الازمات في الفلوجه والنجف وبدعم امريكي نقلت كل وسائل الاعلام وحشيته ..وهو من اصدر قانون مكافحه الارهاب الذي لايطال الارهابي فقط بل يتعداه لذويه ومصادره كل الاملاك المنقوله والغير منقوله .. بل ان الارهاب كما يصفه احد شيوخه ومنظريه (حارث الضاري) لم يرى النور في العراق الا ردا على سياسه الدكتور اياد علاوي ..قلنا ونقول مرارا المشكله ليست بالمالكي بل بخصومه ..ومن يشك في ذلك عليه ان يرجع لفترة رئاسه الدكتور ابراهيم الجعفري ليرى ان الازمات تتشابه حرفيا مع ازمات السيد المالكي ....كثيره جدا الانتقادات الموجهه للحكومه وهناك فضائيات تعزف ليل نهار على وتر التغيير القادم ونحن مع الكثير من هذا النقد لكن في زحمه هذا الهجوم المسعور لا نسمع قط عن وجهه نظر خصوم الحكومه ورأيها في حل الازمات سوى تمويهات لاتعكس شيئا عن النهج الآخر المخالف للحكومه ..(حل الأزمه يحتاج للحوار والتفاهم ) (ضروره تعميق اواصر الاخوه والوحده الوطنيه) ..كلام في كلام ..يستطيع كل فرد ان ينطق به بلاحاجه لمنصب سياسي وراتب يكلف الميزانيه الكثير ..هل يستطيع خصوم المالكي ومخالفيه امثال النجيفي واياد علاوي والسيد مقتدى الصدر وكذلك السيد عمار الحكيم وعادل عبد المهدي وصالح المطلك ان يعطي رأيه علنا وبكل وضوح في ازمه كركوك ومطالبه التحالف الكردستاني ضمَها لاقليم كردستان ؟؟ الجواب لا قطعا بل سيلوذون بما قدمناه من ان الازمه يجب ان تحل بالحوار !! لكن المالكي لا يستطيع اللجؤ لذلك التمويه الاستعراضي فهو في موقع المسؤوليه وعليه اتخاذ القرار الحاسم والصريح ..ونفس القول حول ازمه تصدير النفط والميزانيه وقانون البنى التحتيه وتسليح الجيش والتدخل الاقليمي وغيرها الكثير جدا ..ما اريد الوصول اليه ان معارضي الحكومه لم يستطيعوا حتى الان طرح رؤيتهم الخاصه حيال الازمات التي يشهدها العراق منذ سقوط النظام السابق واكتفوا بتوجيه النقد اللاذع للحكومه بتشنيج الاوضاع والتصعيد وما الى ذلك دون المساهمه بتوفير البديل او تقديم الحلول المناسبه وهو السياق المعمول به في كل الدول المتقدمه ديمقراطيا حيث يطرح الطرفين (الحكومه والمعارضه) وجهة نظرهما ثم يتم الذهاب الى حل توافقي وبذلك تتحقق المنفعه من اختلاف الرأي وتستمر حركه النمو بانسيابيه ومرونه دون ان تؤثر الخلافات على الوضع العام ..الآثار السلبيه لعدم وجود معارضه ناضجه في العراق هو كارثيه العمليه السياسيه .. وهو ايضا اقوى مبرر لاستمرار المالكي لولايه ثالثه ..قد لا يتفق الكثير مع سياسه المالكي لكنهم سيضطرون مجددا للتصويت له لعدم وجود البديل المناسب والتصور المناسب لمعالجه الازمات ..العراق في ازمه معقده ومركبه ومولده لازمات شتى تتعلق بذوائبها وسببها الرئيسي فقدان الشعور بالمواطنه واستبدالها بالطائفيه والعرقيه والمناطقيه ومن دهاليز تلك الانفاق المظلمه تدب الطفيليات لتسلق سلم السياسه الذي غدا اقذر وسيله للابتزاز والنهب والفساد والارهاب ..واذا كانت الغالبيه ستذهب للانتخاب يحدوها الامل بغد افضل فان تلك الطفيليات و خفافيش السياسه نجحوا الى حد كبير في تعميق الازمه الكارثيه التي يشهدها العراق بحيث باتت الكثير من طوائف الشعب العراقي التي اصابها وباء الانسلاخ من الشعور بالانتماء للآخرين تحت خيمه الوطن الواحد لاترى في تصويت الغير الا وبالا عليها وتحفيزا لخوض غمار حرب الاستئصال الذي ينتظرها ..ولا ترى في اجتماعهم وانتخابهم الا نذير شؤم ولا ينتخبون الا فاجرا كفارا ..

Share |